جبهة البوليساريو تلعب في الوقت بدل الضائع

محمد جرو/تنوير
مع دنو عقد مجلس الأمن لجلسة خاصة بملف مايعرف “الصحراء الغربية”، وفي وقت ربحت فيه المملكة المغربية نقاطا دبلوماسية حول مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باعتراف أكثر من 124 دولة ومنها الحائزة على عضوية في مجلس الأمن كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا واسبانيا، بالإضافة إلى روسيا التي تتبنى وموقفا قريبا من الاعتراف بجدية المقترح المغربي الذي اعتبرته “حلا واقعيا ومنطقيا” لإنهاء الصراع الذي عمر لنصف قرن دون أن يقترح الطرف الآخر (الجزائر -البوليساريو) أي جديد باستثناء تشبتهما بـ”تقرير المصير”.
في هذا السياق، أصدرت جبهة البوليساريو بيانا ضمنته رسالة إبراهيم غالي، زعيم الجبهة، إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو گوتيريش مؤرخة في 20 أكتوبر الجاري ومعنونة بـ”مقترح جبهة البوليساريو من أجل حل سياسي مقبول من الطرفين يضمن تقرير مصير شعب الصحراء الغربية ويستعيد السلم والإستقرار الإقليميين”، وهو ما اعتبره كثير من المراقبين “تحولا قريبا” من أجل الجلوس للمفاوضات بالنظر لاستناد البيان/الرسالة إلى”المقترح الموسع” الذي سبق للجبهة أن ارسلته إلى لأمم المتحدة بتاريخ 10 أبريل 2007.
في هذا البيان، تتشبث الجبهة بمبدأ “تقرير المصير” الذي اطلع عليه مجلس الأمن قبل إصدار القرار رقم1754. كما أكدت فيه جبهة البوليساريو على “استعدادها للتفاوض مع المملكة المغربية” و”اقتسام فاتورة السلام” على حد تعبيرها؛ الشيء الذي لم يترجم على أرض الواقع، إذ سجل على الجبهة عرقلتها لمهمة البعثة الأممية المينورسو ومنعها من أداء مهامها في الإشراف على تنزيل وقف إطلاق النار بالمنطقة.
هذه الهدنة قوضتها ذات الجبهة بهجومات على مناطق خارج النزال (إقليم آسا الزاگ) والسمارة. بل إنها تحدت المينورسو بمنعها من استخدام طلعات جوية بمروحياتها.
بعد مرور يوم واحد على صدور مقترح جبهة البوليساريو (10 ابريل 2007)، قدم المغرب، بتاريخ 11 ابريل من نفس السنة، مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، مدعما جهود المنتظم الدولي. واعتبر المغرب مقترح الحكم الذاتي “حلا جديا وواقعيا”.
هذا، وقد تضمن البيان/الرسالة الإشارة إلى القرار الأممي 2756 الصادر بتاريخ 31 اكتوبر2024 الذي هزمت فيه الجزائر بتصويت 12 عضوا لصالح القرار فيما إمتنعت روسيا (التي أبدت مؤخرا موقفا قريبا من قبول مقترح الحكم الذاتي إثر لقاء لافروف الذي نعت بوريطا بالعزيز أثناء لقائهما بروسيا وهي صفعة أخرى تلقتها الجزائر) والموزمبيق عن التصويت ولم تشارك فيه الجارة الشرقية معتبرة إياه غير “حيادي ولم يأخذ باقتراحها”.
بينما اعتبر القرار الصادر عن مجلس الأمن خطوة هامة في إطار حل النزاع حول الصحراء المغربية؛ الشيء الذي يعكس تفوقا دبلوماسيا مغربيا واضحا، حيث تم التصويت عليه من قبل 12 دولة، مع امتناع دولتين، الجزائر واحدة منهما، مما يظهر عزلتها المتزايدة في هذا الملف.
بالعودة إلى مضمون القرار الأممي 2756، نجد أنه يؤكد على مبادرة الحكم الذاتي، إذ يدعو إلى حل سياسي قائم على مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب في عام 2007، ويشدد على ضرورة احترام الوحدة الترابية للمغرب.
كما لوحظ أن القرار إياه مدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) حتى31 أكتوبر 2025. ونلمس فيه دعما متزايدا للجهود المغربية، بما فيها مبادرة الحكم الذاتي المغربية من قبل المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة وفرنسا وبعض دول الاتحاد الأوروبي.
ومن ناحية تأثير القرار الأممي، نجد أنه عزز ونمى الموقف المغربي التفاوضي من الضغط على الأطراف الأخرى لمراجعة مواقفها. والنتيجة عزلة الجزائر على إثر امتناعها عن التصويت، بالإضافة إلى عزلة أخرى تسبب فيها التصويت الإيجابي من قبل 12 دولة.
والسؤال الذي لا بد من طرحه هو: هل هي بداية “رضوخ” جبهة البوليساريو وحاضنتها الجزائر لتوجه العالم نحو مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية بعدما “استنفذتا” جل محاولاتهما من أجل حشد الدعم “للإستفتاء حول تقرير المصير”؟. والجديد أنهما لم تعودا تتحدثان عن “تصفية الاستعمار” بعد الهزيمة التي تلقتها الجبهة والجزائر إثر ثلاث اجتماعات للجنة الرابعة (6 ،8،10 أكتوبر الجاري).