الحنبلي عزيز
الرسالة السياسية الصادرة من المملكة العربية السعودية واضحة ومباشرة: لا سلام ولا تطبيع قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة. هذه ليست مجرد مواقف ظرفية، بل مسارٌ أقرّه المجتمع الدولي حين اجتمعت دول العالم في الأمم المتحدة وأقرت حق الفلسطينيين في دولتهم.
يبدو أن بعض القيادات المتطرفة في إسرائيل تفقد اتزانها كلما تعلق الأمر بالسعودية، إحدى أكثر الدول تأثيراً في العالم. فمحاولات تصوير الاحتلال وكأنه صاحب الأرض والتاريخ تتجاهل حقيقة معروفة: هذا كيان فُرض على الجغرافيا والتاريخ بقوة موازين ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتعاملت معه المنطقة بواقعية سياسية لا أكثر. الاغتراب الذي تكشفه خطابات التطرف ليس سوى اعتراف ضمني بعدم الانتماء للأرض التي يراد انتزاعها من أهلها.
يعرف سموتريتش، كما يعرف كثير من الإسرائيليين، سياق نشأة هذا الكيان وطرائق فرضه. وإذا قبل العالم العربي—مُكرهاً—التعاطي مع واقع الاحتلال سياسياً، فلن يقبل أن يُمحى الشعب الفلسطيني من الوجود لإرضاء سردية مهاجرين يريدون ادعاء الملكية بالتاريخ والهوية. جوهر الرسالة إلى سموتريتش وجيله: «لا تطبيع بلا دولة فلسطينية». هذا هو الثابت في المقاربة السعودية منذ طرح حل الدولتين.
ولأن رمزية “الجِمال” استُخدمت للاستخفاف، فالرد بسيط: على ظهورها بنى أهل هذه الأرض دولاً وشقّوا طرقاً وحققوا نهضةً هادئة بلا مجازر ولا إبادة، فيما تُقاس قيمة الأشياء عند أصحابها بارتباطهم بأرضهم، لا باغترابهم عنها. السعودية وُلدت من ترابها قبل ثلاثة قرون، وبناها أبناؤها، ولم تُنقَل على سفن ولا تُفرَض من وراء البحار.
لغة الاستعلاء لا تصنع سلاماً. السلام يبدأ من اعترافٍ بالحقوق واحترامٍ للخيارات الوطنية. السعودية لا تلتفت إلى الوراء، تمضي بثقة في طريقها، ومن يسيء تقدير موقعها سيتعلم سريعاً أن منطق الغطرسة لا يصمد أمام منطق دولة يعرف الجميع وزنها وتأثيرها. والخلاصة التي ينبغي أن تصل لكل متطرف في إسرائيل: لا سلام ولا تطبيع قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة؛ هذه هي البوصلة التي ارتضاها العالم، وهي أيضاً بوصلة الرياض.