أوراش البناء في المغرب تجري بوتيرة غير مسبوقة لكن أسعار العقار ملتهبة

أحمد رباص ـ تنوير
ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺠﺮﻱ ﻓﻴﻪ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻡ ﻭﺳﺎﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻳﺸﻬﺪ ﻗﻄﺎﻉ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺭﺍﺕ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﺤﻮﺭﻳﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﺃيضا. فمن ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻳﺸﻬﺪ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺩﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ ﻣﺪﻋﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻣومية والاستثماﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ، ﻭﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻦ ﺗﻐﺬﻳﻬﺎ ﻧﺪﺭﺓ الأرﺍﺿﻲ ﻭﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻤﺘﺰﺍﻳﺪ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ.
ﻭﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﺨﺒﻴﺮ ﺍلاقتصاﺩﻱ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﻔﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺺ ﻓﻲ اقتصاد السكن. ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﻱ لم يشهد ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺗﻴﺮﺓ ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻳﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎ، حيث قال: “سجل (قطاع) البناء ﻭﺍلأشغاﻝ ﺍﻟﻌﻣومية ﻧﺸﺎﻃﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﻦ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻧﺸﺎﻁ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ 2004-2007 ﻭﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﺃﻟﻜﺜﺮ ﻛﺜﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ للبلاد”.
ﺗﺆﻛﺪ ﺍلأﺮﻗﺎﻡ ﻫﺬﺍ الاتجاﻩ. وفي التفاصيل، ارتفع استهلاك الإسمنت بأكثر من 10% سنويا ليصل إلى زيادة قدرها %12.48 في نهاية سبتمبر، وهوا مستوى ﻟﻢ ﻧﺸﻬﺪﻩ ﻣﻨﺬ ﻋﺪﺓ ﺳﻨﻮﺍﺕ.
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إلى هذا الخبير، ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺭﺟﺎﻉ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺍلاستثماﺭﺍﺕ ﺍلعمومية في ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺮﻕ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻧﺊ ﻭﺍﻟﻤﻄﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺴﺪﻭﺩ، فضلا ﻋﻦ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍلإسكاﻥ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍلعمومية.
ومن ناحية التكلفة، يؤكد الخبير على الاستقرار العام لأسعار مواد البناء، مع انخفاض طفيف في أثمنة بعض المواد. في هذا الصدد، قال: “يتم إنتاج جزء كبير من هذه المواد محليا، ولاسيما الإسمنت الذي ظل سعره مستقرا”.
من الناحية الﺟﻐﺮﺍفية، ﻳﺘﺮﻛﺰ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺑﺸﻜﻞ ﺭﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ جهات ﻃﻨﺠﺔ-ﺗﻄﻮﺍﻥ-ﺍﻟﺤﺴﻴﻤﺔ،
ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ-سلا-القنيطرة ﻭﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ-ﺳﻄﺎﺕ ﻭﻣﺮﺍﻛﺶ-ﺁﺳﻔﻲ ﻭﺳﻮﺱ ﻣﺎﺳﺔ. في المقابل، تعرف جهتا الشرق ودرعة-تافيلالت وبعض المناطق الجنوبية (ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻭﺍﻟﺪﺍﺧﻠﺔ) دينامية أكثر تواضعا.
.ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﺗﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ الارﺗﻔﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻦ. ﻭمن منظور، عاﺩﻝ ﺑﻮحاﺟﺔ، ﺍلمنعش ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﻱ ﻭالعضو في الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، ﻳﻔﺴﺮ الوضع ﺑﺎلإكراهات ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺔ، حيث أوضح أن “ﻧﺪﺭﺓ ﺍلأرﺍﺿﻲ ﺍﻟﻘﺎﺑﻠﺔ للتعمير ﻭﻏﻴﺎﺏ مخططات التهيئة ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻐﻄﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺪﻥ يتسببان ﻓﻲ ﺗﺮﻛﺰ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍلأسعاﺭ”.
ﻭﻳﺘﺰﺍﻳﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺣﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﺮﺍﻛﺶ ﻭﺃگاﺩﻳﺮ ﻭﻃﻨﺠﺔ ﻭﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﺍلاهتماﻡ ﺑﺎلاستثماﺭ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻤﻮ.
تعمل البطولة الوشيكة لكأس إفريقيا للأمم (2025) وبطولة كأس العالم (2030) التي ﺳﻴﺴﺘﻀﻴﻔﻬﺎ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ بالاشترﺍﻙ ﻣﻊ ﺇﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺟﺎﺫﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻮﻕ. ويلاحظ بوحاجة أن “ﻫﺬﻩ ﺍلآفاﻕ تشجع ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ التموقف من الآن”.
ﻭﺃﺧﻴﺮﺍ ﺃﺗﺎﺡ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺩﻋﻢ ﺍلإسكاﻥ إعادة ﺗﻨﺸﻴﻂ ﺍﻟﺴﻮﻕ، ﻟﻜﻦ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﻭﻣﺤﻠﻴﺔ. ويؤكد المنعش العقاري أن “ﺗﺄﺛﻴﺮﻩ يظل ﻣﺤﺪﻭﺩا ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺣﻴﺚ ﻳﺆﺩﻱ ﺍلارﺗﻔﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﺍلأسعاﺭ ﺇﻟﻰ ﺇﺑﻄﺎﺀ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ حيازة العقارات”.
ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻣﻨﺨﺮﻁ ﻓﻲ ﺗﺤﻮﻝ ﻋﻤﻴﻖ ﻓﻲ ﻣﺸﻬﺪﻩ ﺍﻟﺤﻀﺮﻱ. نحن، إذن، أمام ﺣﺮﻛﺔ ﺗﺒﺸﺮ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ، ﻟﻜﻨﻬﺎ تواجه أيضا ﺗﺤﺪﻳﺎﺕ، بينما تظل ﻗﻀﻴﺔ ﺍلإسكاﻥ بأسعار في متناول الفئات الهشة ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺍلأولوﻳﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻱ ﻭﻗﺖ ﻣﻀﻰ.


