وجهة نظر

من وعد الحماية إلى فخ الالتزامات… قصة المقاول الذاتي في المغرب

أحمد بوفروج – تنوير
منذ إطلاق نظام المقاول الذاتي في المغرب سنة 2015، ارتفعت آمال آلاف الشباب والحرفيين والمستقلين الباحثين عن إطار قانوني بسيط يضمن لهم شرعية العمل وولوج السوق بشكل منظم. وبالفعل، استطاع هذا النظام أن يفتح الباب أمام فئات واسعة من العاملين في القطاع غير المهيكل للاندماج في المنظومة الاقتصادية الرسمية.
لكن بعد مرور سنوات، بدأت الإكراهات الحقيقية تطفو على السطح، خاصة في جانب الضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعية.

1. وعود كبيرة… مقابل واقع محدود

حين أُعلن عن تعميم التغطية الاجتماعية ليشمل المقاولين الذاتيين، استقبل الكثيرون الخطوة بتفاؤل كبير، خصوصًا بعد إدماجهم في نظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) للاستفادة من التأمين الصحي والتقاعد.
غير أن الواقع أثبت أن هذه التغطية محدودة في النطاق والفعالية، حيث لا تشمل تعويضات فقدان الشغل أو التعويضات العائلية، وتبقى الاشتراكات الشهرية مرتبطة برقم المعاملات وليس بالدخل الفعلي، ما يجعلها عبئًا على كثير من المقاولين الصغار الذين يعانون من تذبذب مداخيلهم.

2. غياب المرافقة والتوضيح

إحدى أكبر المشاكل التي يواجهها المقاول الذاتي هي ضعف التواصل والإرشاد الإداري. فالكثيرون يجهلون كيفية التسجيل أو التصريح أو حتى متابعة وضعهم في CNSS، ما يؤدي إلى ضياع حقوقهم أو تراكم الديون دون علمهم.
في المقابل، تغيب برامج التأطير والتوعية التي تشرح بوضوح معنى المساهمة، وكيفية الاستفادة من الخدمات الصحية أو التقاعدية بشكل فعلي.

3. بين الحافز والردع

نظام المقاول الذاتي كان يُفترض أن يشكّل حافزًا للاندماج الاقتصادي، لكنه تحول في حالات عديدة إلى عبء ضريبي واجتماعي بسبب غياب التدرج في الالتزامات المالية وضعف الدعم المؤسساتي.
بعض المقاولين اضطروا إلى إغلاق حساباتهم والتشطيب على أرقامهم لتجنّب الضرائب والإشعارات المتراكمة، في مشهد يعكس الحاجة الماسة إلى مراجعة شاملة لهذا النظام.

4. نحو مقاربة أكثر إنصافًا

لإنقاذ هذا المشروع الطموح، يحتاج المغرب إلى مقاربة جديدة للضمان الاجتماعي للمقاول الذاتي، تراعي خصوصية كل نشاط، وتمنح مرونة في الأداء حسب القدرة الفعلية على المساهمة، مع توسيع نطاق الحماية ليشمل كل الحقوق الاجتماعية الأساسية.
كما أن توحيد الجهود بين الإدارات والفاعلين المهنيين والجمعيات يمكن أن يعيد الثقة لهذا النظام، ويجعله فعلًا رافعة لتشغيل الشباب ودعم روح المقاولة الصغرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى