المحمدية: حشدت تنظم جامعة خريفية في سياق تطغى عليه احتجاجات شباب جيل زد

أحمد رباص – تنوير
تنظم حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية جامعتها الصيفية تحت شعار: “40 سنة من النضال الشعبي لبناء مغرب الديمقراطية”. امتدت فعاليات هذه الجامعة، التي احتضنها مركز العالية للتخييم بالمحمدية، على مدى ثلاثة أيام: 31 أكتوبر، 1و2 نوفمبر 2025.
على الساعة السابعة من مساء يوم الجمعة 31 أكتوبر، انطلقت الجلسة الافتتاحية التي شارك فيها كل من زكرياء أبو النجاة، عضو المكتب الوطني لحشدت، وجمال العسري، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، ونبيلة منيب، نائبته الأولى وبرلمانية للحزب الوحيدة، وصفاء بنمسعود، منسقة لجنة القطاعات في المكتب السياسي، وحميد أوفريد وعبد الوهاب البقالي بصفتهما رئيسين سابقين لحشدت.
حضر هذا الحدث السياسي ممثلون عن الهيئة الوطنية للشباب والديمقراطية وشبيبة النهج العمالي الديمقراطي والأحزاب اليسارية وفعاليات مدنية.
في كلمته، وصف زكرياء أبو النجاة اللحظة الراهنة بكونها غنية بالدلالات التي تتقاطع مع رهانات الحاضر والمستقبل وتمهد إلى للمؤتمر الوطني لحشدت. وأشار إلى أن الجامعة الخريفية تنعقد والمغرب يعيش على إيقاع تحولات عميقة، وإلى أن مناضلي ومناضلات شبيبة الحزب مطالبون باستحضار 40 سنة من التضحيات قام بها جيل تلو جيل تخللها الحلم بالعدالة الاجتماعية.
ولفت زكرياء أنظار الحضور إلى أن أعضاء شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد يلتقون في سياق وطني عنوانه البارز عودة الاحتجاجات الشبابية على يد جيل يجسد الصرخة الأصيلة للطبقات المهمشة ويبرهن على أن النضال السياسي ما زال مطلوبا في ظل استمرار تقييد الحريات العامة. وأكد المتحدث أن جيل زد يحتج الآن ضد القهر والتهميش وأصوات شبابه امتداد طبيعي لنفس الشعلة التي حملها مناضلو ومناضلات الشبيبة والحزب كليهما منذ 40 سنة.
وأعلن زكرياء أن حشدت ضمير حي يمثل الحركة اليسارية بوجه عام، بل هي جناحها الذي لا يهادن ولا يلين، لأنها حركة نابعة من أبناء هذا اليسار، ولدت من رحم الجامعات واحياء الفقراء ومن نضال الشباب والنساء والعمال.
عندما أتى الدور على جمال العسري الذي آثر ان يرتجل بهذه المناسبة كلمة مرتجلة تخرج من القلب إلى القلب، وتخاطب دينامو الحزب، ألا وهو الشباب، مستهلا إياها بالتذكير بأربعين سنة من النضال من أجل بناء مغرب يتسع للجميع، مغرب الديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة الفعلية.
من ذلك، خلص جمال العسري إلى نفي تلك المقولة التي تتردد كثيراً والتي مفادها أن الشباب لا يهتم بالسياسة، مؤكدا أن لا إصلاح بدون رافعة الشباب وبدون شباب مسيس. وفي هذا السياق، استحضر الأمين العام احتجاجات شباب زد المطالبة بمباسرة إصلاحات في قطاعات التعليم والصحة والإسكان. وتساءل المتحدث: أي إصلاح نريد للتعليم؟ هل تريد إصلاح المؤسسات أم إصلاح البرامج؟ بعد ذلك، حدد المتحدث أن حشدت تؤمن أن التغيير سيأتي لا محالة، انطلاقا من قناعة أن لا إصلاح بدون مدخل سياسي تحت شعار: دمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع. واعتبر المتحدث أن من يريد أن يبخس نضالات الشباب أو يحاول الركوب على نضالاتهم خاطئ.
وفي معرض حديثه عن الانتخابات المقبلة، وقف جمال العسري عند القانون التنظيمي الخاص بها، وانتقد ما يتضمنه من مقتضيات وأحكام تحاكم نوايا المواطنين بحيث أصبحنا أمام دولة لا هي عسكرية ولا هي ديمقراطية، أمام دولة لا هي دينية ولا هي لادينية. وأضاف جمال أن المادة 8 تقضي بأن مجرد الشك في نزاهة الانتخابات قد يكلف المرء السجن لمدة 5 سنوات، وها نجد أنفسنا أمام مادة تضقي القدسية على الانتخابات بعدما ناضلنا في وقت سابق ضد المادة 19 من الدستور التي تضفي القدسية على الملك، يلاحظ جمال بفطنة سياسية مشهود له بها منذ زمن ليس باليسير، قبل أن يتساءل: أليست هذه دولة شمولية؟
وكان أول ما بدأت به نبيلة منيب، النائبة البرلمانية للحزب، كلمتها تغييرها عن شعورها بالسعادة رغم الأوضاع المتأزمة، وهو شعور نابع من تمكن حشدت من تنظيم جامعتها الخريفية خاصة وأن الحزب حوصر في كل الواجهات. وأوعزت المتحدثة هذا الانفراج إلى النضال المشترك للشبيبات التقدمية التي أصدرت بيانا شديد اللهجة موجه إلى الوزير الوصي على الشباب. ولاحظت النائبة البرلمانية منيب أن الزمن الراهن هو زمن المقاومة والتضامن، خاصة وأن العالم كله يقاد بسياسة الخوف والتضييق على الحريات بالقانون ومحاصرة المجتمع المدني.
في الحالة المغربية، أشارت السيدة نبيلة منيب إلى أن الشباب المغربي ساهم في تحرير البلاد وشاركوا في كل الانتفاضات الشعبية التي عرفها المغرب انطلاقا من مارس 1965 وصولا إلى حركة زد 212، مرورا بحراك 20 فبراير واحتجاجات جرادة وزاگورة والريف.
وفي ما يخص شباب جيل زد، حكمت المتحدثة بأنه واع بالمرحلة، وعلى دراية بالانتقال الديمغرافي ووصول نسبة البطالة إلى 36،٪، ما جعل الأمهات والآباء يتضامنون معه. لكن الدولة، تتابع نبيلة منيب، لم تتلق الرسالة إذ ما زالت تقزم الأحزاب والنقابات وتصنع أحزابا تابعة لها وتزين للأحزاب المحسوبة على الصف الديمقراطي ترشيح الأعيان دون أن يكونوا مناضلين وأصبح التهافت على المقاعد غاية قصوى.
وفي مستهل كلمتها، صرحت صفاء بنمسعود بأننا جميعا نحمل “همّا مشتركا: همّ الشباب المغربي الذي يواجه واقعا من التهميش والبطالة وانسداد الأفق، في وقتٍ يُفترض فيه أن يكون هو المحرّك الأساسي للتنمية والتغيير.
وأكدت منسقة لجنة القطاعات في المكتب السياسي أن حشدت ترفع صوتها عاليا في وجه واقعٍ لا يليق بطموحات شباب هذا الوطن الجريح ولا بكرامته. فشباب هذا الوطن ليسوا أرقاما في إحصاءات البطالة، ولا وقودا لأزماتٍ اقتصادية تُدار دونهم، بل هم طاقة الحياة التي بها ينهض المجتمع، وأنتم المستقبل الذي يُراد له اليوم أن يُهمَّش ويُقصى.
وأكدت بنمسعود أن الحزب الاشتراكي الموحد يؤمن بأن لا تحرر حقيقيل بدون عدالة اجتماعية تضمن الحق في التعليم والشغل الكريم والكرامة، والحرية، ولا ديمقراطية بدون مساواة في الفرص، ولا تقدم بدون تمكينٍ فعليٍ للشباب في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية.
كما يؤمن ذات الحزب، تتابع بنمسعود، بأن النضال من أجل وطنٍ ديمقراطي تقدمي هو نضال من أجل الإنسان أولًا، من أجل كرامته وحريته وحقه في أن يحيا حياةً لائقة.
أما مداخلة حميد أوفريد فقد ركزت على تاريخ حشدت التي تأسست سنة 1985، ومنذ ذلك الحين ترسخت تقاليد الفعل الشبيبي، لكن وقع للأسف تراجع للحركة الجماهيرية وتم تبديد جزء كبير مما راكمته حشدت من خبرات في مجال التكوين والإشعاع.
في أفق نهوض جديد لحشدت، يواصل حميد أوفريد، يجب ألا يخامرنا شك في أن الشباب مستقبل الحزب وصمام وحدته، وأنه ترياق الحزب من أمراض الوحدة المحجوزة التي خضنا غمارها لمدة عشرين سنة، وذلك باستعادة القيم الرفاقية من تضحية وترفع وتعاضد وصبر.
ونصح رئيس حشدت السابق الحزب بأن يقوم باستنهاض حشدت لتكون بمثابة النسغ الذي يسري في شرايينه، معتبرا إياها مدرسة للتكوين وفضاء للتمرين على المسؤولية واقتحام عالم السياسة عن جدارة واستجقاق.



