ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﺤﺐ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻥ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ “ﺷﺪﻭ ﻻﺭﻳﻦ” ﻟﻸﺩﻳﺒﺔ ﻓﺘﺤﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺍﺭﺟﻲ

ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻤﺘﻮﻥ ﺍﻟﺴﺮﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﻄﺘﻬﺎ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻤﺒﺪﻋﺔ ﻓﺘﺤﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺍﺭﺟﻲ ﻧﻼﺣﻆ
ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺷﻌﺮﻳﺔ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ ﻭﻳﻌﻴﺸﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﻋﻤﻮﻣﺎ.
ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﺨﺺ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﻓﺬﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻔﺮﺩا ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﺨﺘﺮﻕ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻟﻠﺘﻠﻘﻲ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﺍﻟﻤﺘﻔﺎﻋﻠﻴﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺗﺸﺪ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻛﻘﺮﺍﺀ ﻭﻛﻤﺘﻠﻘﻴﻦ ﻟﻠﻤﻨﺘﻮﺝ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻟﻔﻨﻲ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﺧﺼﻮﺻﺎ. ﻭﻋﺒﺮ ﻋﻘﻮﺩ ﺑﺎﺗﺖ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﺫﻭﻗﺎ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻭﺍﻟﺘﻠﻘﻲ ﻭﺍﻟﻄﺮﺏ ﻭﺍﻹﻧﺼﺎﺕ.
ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻫﻮ ﻗﺮﺍﺀﺗﻨﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻵﻧﻴﺔ ﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻓﺘﺤﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺍﺭﺟﻲ “ﺷﺪﻭ ﻻﺭﻳﻦ”. ﺣﻴﺚ ﻳﺤﻀﺮ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﺍﻷﻧﺜﻮﻱ ﺍﻟﻤﻌﺒﺮ ﻭﺍﻟﻤﺨﺘﺮﻕ ﻟﻮﺟﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻲ. ﻳﺤﻀﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻜﺲ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻷﺳﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻴﺰﺓ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ. ﻭﺑﻬﺬﺍ ﻳﻔﺘﺢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻤﺸﻮﻕ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ.
ﺍﺧﺘﺎﺭﺕ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻣﺪﺧﻼ ﻋﺠﺎﺋﺒﻴﺎ ﺟﻤﻴﻼ ﻳﻨﻮﺏ ﻋﻦ ﻭﺩﺍﻋﺔ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭﺣﺼﺎﻓﺘﻬﺎ ﻭﻳﺆﺟﻞ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺍﻟﺬﻛﻮﺭﻱ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ﺑﺄﺩﻭﺍﺭﻩ ﺍﻟﺨﺸﻨﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺼﻴﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ.
ﺇﻧﻪ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻔﻠﻖ ﺻﻼﺑﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﻳﻜﺴﺮ ﺟﻠﻤﻮﺩﻩ ﻟﻜﻲ ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ ﻧﻌﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻭﺳﻼﺳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻋﻠﻨﺎ ﻧﻮﺍﻛﺐ ﺣﺮﻑ ﺍﻟﻨﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﻮﺣﻪ.
ﺗﺘﺪﺍﺧﻞ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﻨﺎﺳﺦ ﻟﻸﺭﻭﺍﺡ ﻭﺣﻀﻮﺭ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺟﻮﺩﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ. ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻔﻬﻤﻬﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ. ﻫﻮ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺗﺨﺘﺒﺮﻩ ﺑﺼﺪﻕ ﺩﺍﺧﻠﻲ ﺳﻮﺍﻫﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻐﺎﻳﺮ ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﺩﺧﻞ ﻟﻴﻨﺎﻡ ﺃﻭ ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﻤﻞ ﻣﺘﺴﻠﻂ ﻭﻣﺴﺘﻐﻞ ﻭﻣﺰﻫﻮ ﺑﻘﻮﺗﻪ.
ﺗﺘﻨﺎﻭﺏ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺋﺔ ﻭﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻭﺗﻘﺘﺤﻢ ﺍﻟﺤﻜﻲ ﺍﻟﻤﻜﻤﻞ ﺃﺧﺮﻳﺎﺕ. ﻫﻲ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﺭﻭﺡ ﻭﻫﻲ ﺍﻷﻡ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺠﺪﺓ ﻭﻛﻠﻬﻦ ﺣﺎﺿﺮﺍﺕ ﻷﻧﻬﻦ ﻭﺣﺪﻫﻦ ﻳﺸﻬﺪﻥ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻧﻲ ﻭﻳﻔﻬﻤﻦ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ.
ﺳﺘﻜﻮﻥ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﺣﻴﺔ ﻭﻣﺘﻔﺎﻋﻠﺔ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﻘﺮﺅﻫﺎ ﻭﻳﺤﺎﻭﺭﻫﺎ. ﺳﺘﺸﺘﻌﻞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﻟﻦ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﺠﺮﺩ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺃﻭ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺃﻭ ﻋﻠﺒﺔ ﺳﻮﺩﺍﺀ ﺩﻓﻴﻨﺔ.
ﻫﻮ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ ﺑﺪﺃ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺍﺕ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﺷﻬﺮﺯﺍﺩ ﻭﻳﺴﺘﻤﺮ ﻣﻊ ﺭﻭﺡ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﻌﻠﺖ ﻓﺘﻨﺔ ﺍﻟﺴﺮﺩ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﺤﻜﻲ ﻣﻐﺎﻳﺮ ﻭﻓﺮﻳﺪ.
ﻳﻤﻜﻨﺎ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺴﺮﺩﻳﺔ ﻣﻠﺘﻘﻰ ﺃﺟﻨﺎﺳﻲ ﺧﺎﺹ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﺫﺍﺗﻲ ﻭﻓﻴﻪ
ﺍﻟﺴﺮﺩ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻲ ﻭﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻠﻚ ﻻ ﺗﻤﻞ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻭﺩﺓ
ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻛﻤﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻭﺩﺓ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ.
ﻭﺣﻴﺚ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺻﻮﺕ ﺣﻜﻲ ﻓﺮﻳﺪ ﺗﻨﺴﺎﺏ ﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﺟﺬﺍﺏ ﺻﻮﺭ ﻭﻣﺤﻜﻴﺎﺕ
ﻭﺗﺤﻀﺮ ﻣﺤﻄﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻤﻞ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﻋﻨﻘﻬﺎ ﺍﻻﻧﺜﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﻲ
ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ. ﻭﺣﻴﺚ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻳﻌﻄﻲ ﻟﻠﻤﺘﻠﻘﻲ ﻛﺄﻧﺜﻰ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳﺔ ﻭﺣﻀﻮﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺸﺮﻑ ﻭﺍﻟﺒﻬﻲ. ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﻔﻀﻞ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺩﻳﺒﺔ ﻓﺘﺤﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺍﺭﺟﻲ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻬﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﻖ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺃﺩﺑﻴﺔ ﻭ ﺃﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ﻋﻠﻴﺎ ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﺤﺘﺎﺭ ﺍﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﻭﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻜﻲ ﺍﻟﻤﺒﻠﺴﻢ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ.
ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺫ. ﺣﺴﻦ ﺇﻣﺎﻣﻲ – ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ