عاشت مدينة آسفي، صباح الثلاثاء 18 نونبر 2025، أجواءً وطنية مميزة وهي تُحيي في آن واحد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء والذكرى السبعين لعيد الاستقلال؛ محطتان مفصليتان في التاريخ المغربي الحديث، تستحضر خلالهما الأمة المغربية قيم النضال والوحدة والتشبث بالثوابت الوطنية، وتُجدِّد العزم على مواصلة مسار البناء والتحديث.
وانطلقت فقرات هذا اليوم الاحتفالي بمراسم تحية العلم الوطني بساحة محمد الخامس، في حفل رسمي وشعبي عرف حضوراً واسعاً لممثلي السلطات المحلية والمنتخبين والفعاليات المدنية. واستحضرت هذه اللحظة ما شكّلته المسيرة الخضراء وعيد الاستقلال من رمزية قوية في توحيد صفوف المغاربة، وتأكيد تجندهم خلف المؤسسة الملكية دفاعاً عن الوحدة الترابية وبناء الدولة الحديثة.
وبعد تحية العلم، أعطيت الانطلاقة الرسمية لحزمة من المشاريع التنموية المهيكلة التي ظلت الساكنة تنتظرها منذ سنوات، في رسالة واضحة مفادها أن الاحتفاء بالماضي يمر عبر الاستثمار في المستقبل. وفي مقدمة هذه الأوراش، مشروع تهيئة شارع الرقيب بن سليمان، باعتباره واحداً من أهم المحاور الحضرية بقلب مدينة آسفي. ويروم هذا المشروع تحسين انسيابية حركة السير، وتجويد الفضاء العمومي، وتعزيز جمالية المشهد الحضري بما ينسجم مع انتظارات الساكنة وزوار المدينة.
وفي السياق نفسه، شهد اليوم ذاته إعطاء انطلاقة مشروع تثنية الطريق الوطنية رقم 7، على المقطع الرابط بين مدينة آسفي ومدخل الطريق السيار آسفي – الجديدة. ويُعتبر هذا المشروع ذا طابع استراتيجي، بالنظر إلى دوره المرتقب في تعزيز الربط بين الإقليم وباقي الأقطاب الحضرية، وتيسير تنقل الأشخاص والبضائع، ودعم دينامية الاقتصاد المحلي والجهوي.
كما تم إطلاق مشروع تثنية الطريق الجهوية رقم 205 المؤدية إلى سبت جزولة، بما يُسهم في الرفع من جودة وخدمات هذا المحور الطرقي الحيوي، ويفتح آفاقاً جديدة أمام ساكنة المناطق المجاورة في مجالات التنقل، والتسويق الفلاحي، وجلب الاستثمارات، وتحسين شروط الولوج إلى الخدمات الأساسية.
وتندرج هذه المشاريع ضمن رؤية تنموية متكاملة تروم تعزيز جاذبية مدينة آسفي، وتقوية بنيتها التحتية، والارتقاء بجودة العيش داخل المجالين الحضري وشبه الحضري. كما تعكس هذه الدينامية قناعة متجددة بأن تخليد المناسبات الوطنية الكبرى لا يقتصر على تنظيم الاحتفالات الرمزية، بل يشكل مناسبة لإطلاق مبادرات ملموسة تجيب عن انتظارات المواطنين وتواكب طموحاتهم.
بهذا الزخم، تُجدد آسفي وفاءها لصفحات مشرقة من تاريخ المغرب، وهي تفتح في الوقت نفسه أفقاً جديداً للتنمية، في تلازم واضح بين الاحتفاء بالماضي وصناعة الغد، وترسيخ قناعة جماعية بأن الوطنية فعل مستمر يتجسد في حماية الذاكرة وبناء الإنسان والمجال.