ما نريد التعاطي معه، فضلا عن تفكيك و تصور ومخاطر ومآلات الصراع بين المغرب والجزائر، عبر جبهة البوليساريو، ومطامع المنتظم الإقليمي والدولي، والذي غرقت به ارتسامات الهواة والتحاليل على الطلب وبدونه، هو نقد أساليب ما يمكن أن نسميه ب”الحكم بالصور” وب”الرموز” وب”الأحلام” على عواهنها في العصر الرقمي-الطاغي، عندنا، اليوم، وبتوابث “القداسة” الرسمية المفتعلة، وإن حد من طغيان فوقيتها الأوتوقراطية وملابساتها الشعبوية دستور 2011، نصا، على الأقل، و “شيء من المسرح الإحتفالي” و”البروباغاندا”، وهو ما يعني قراءة سياسية-ثقافية-أنتروبولوجية، أكثر منها دراسة قانونية أو دبلوماسية متخصصة لما يعتمل به الوضع عندنا منذ مدة وطنيا، إقليميا ودوليا…
إنها العلامات التي تلقي بنعوتها على مجمل الحياة السياسية الراهنة ببلادنا، والتي تليق- للأسف- بمدى جودة المعلومة الدبلوماسية والسياسية، كما تعكس مستوى التعليم والوعي الإجتماعي، الرديئين، لدى العامة و”المتمخزنة” عندنا، وهي الرداءة التي ما فتئ النظام السياسي يفشيها و يحتكر إدارتها ويتوسلها في الضبط المجتمعي، ككل، ويصطبغ الهالة والهيلمان عليها ومن حولها، مجدا مركزيا خالصا لنفسه، من أجل إضفاء الشرعية على إختياراته، الأصلية منها والراهنة، كالرهان الفاشل على كيان الغصب، وإستدامة الأمن والأمان والإستقرار، و إعادة إنتاج واستبدال قشرة الحكم وبطانته، وتلميع غشائه وأشكال وصور سيطرته….لا غير! ؟
فهل انتهينا حقا من التخبط والخطل والارتباك النظري في فهم موضوع إسترجاع كامل ترابنا الوطني المغربي؟.!….هل من المشروع أن نعبر -منهجيا- عن هول خوفنا وحذرنا و احتمال “فضيحتنا” في أن نسترجع الصحراء المغربية، حقا، لكن أن يستمر النظام في ماهو عليه، يتحكم فيه الفاسدون والمستبدون بالرقاب !!؟
هل سيكون الحكم الذاتي، حتى كما تصوره وإقترحه “المغرب المعطاء”، مما سيكون له الأثر الكبير على تنظيم وميزانية الجهة، فضلا على أن تثبيت الجهوية الموسعة بجميع مناطق المملكة سيدعم جدليا-لا محالة- مبادرة الحكم الذاتي، وحسب ميكانيكا التاريخ الكوني الموضوعي، “وبالا” على الملكية المطلقة و “فال خير” على الملكية البرلمانية، كما هو متعارف عليها دوليا، وذلك لإيجاد الشفرة الملائمة للتوافق والتوفيق بين التطلع إلى وحدة الوطن وإنعاش التعددية السياسية، المفتوحة باستمرار على التطور والتطعيم……!!؟
(…) أو أننا لم نبرح البدايات، والملابسات والاضطراب والفوضى واللغط، حقيقة، ووجوب الملاحظة الدقيقة العادية واللازمة لكل تحليل علمي- موضوعي، متى توفرت المعطيات، لذلك، حول سياق القرار وحول نتائج الحوارات التفاوضية بين الفرقاء، اليوم وغذا؟
وهو ما سنحاول تفكيك بعض مراميه، في نقطتين: السياق والرهان وما يطرحه الحكم الذاتي من إشكالات فارقة، ثم بعض علامات الترميز لتكريس و استمرار الوضع السياسي العام على ما هو عليه، واستدامة الحكم الملكي شبه-المطلق ببلادنا، بتأويل معين لمعنى “عيد الوحدة” و”وحدة الوطن”، “ريفيرا المغرب”، وفتح باب “التعدد المجتمعي العلماني” الضاغط ضمن الوحدة الوطنية والترابية لبلادنا.
أولا: سياق ورهانات و بعض مفارقات الحكم الذاتي “الحقيقي”
مر ما يقرب العشرين سنة على إقتراح المغرب لمبادرة الحكم الذاتي، ولم تتم دعوته مجددا وبجدية أكثر من طرف المبعوث الأممي إلى تجويد عرضه إلا السنة الماضية، دليل على أن الأمور أخذت ملمحا آخر ومنعطفا حاسما على المستوى الجيوسياسي الدولي وعلى مستوى المنطقة والمغرب. لكن ما يمكن ملاحظته والإقرار به -حقا- لحد الساعة، هو ما أكده الخبراء-الأكاديميون بنوع من الرصانة والتجرد العلمي:
” أن المغرب ، وهو يقدم مقترح الحكم الذاتي(2007)، كان منفتحا على التجارب الدولية، بل ذهب بعيدا ليقدم عناصر جديدة، متجاوزا بذلك ما هو معمول به في مجال الحكم الذاتي ببعض التجارب الدولية، لتكون بذلك أهم إيجابيات المبادرة المغربية للحكم الذاتي واضحة وجلية في نقط ثلاث، احترام المعايير الدولية المعمول بها في العالم واختيار رئيس الحكومة الجهوية عن طريق الانتخاب، ثم توفير ضمانات دستورية للحكم الذاتي لجهة الصحراء المغربية (المسعودي أمينة 2023، مشروع الحكم الذاتي المغربي. الحل الأنجع لقضية الصحراء، المغرب).
و الواقع- في نظرنا – أن ما تم الشروع فيه ليس -لحد الساعة- ولا يمكن أن يكون- أكثر من تفاوض حرج وصعب ومفتوح على مخاطر وفرص وهموز مع الفرقاء المعنيين بالقضية، المباشرين منهم وغير المباشرين، محليا وعلى مستوى القوى الكبرى المتربصة بالمنطقة وبنا، خاصة وان جدلا في أروقة الهياة يكون قد لبس (تشديد الباء) مفهوم “الحكم الذاتي/ 27-79” ب مفهوم آخر، كلاسيكي، في أدبياته، يجر معه آثار وجروح الحرب الباردة : “تقرير المصير”، المعبر حقا عن حق شعوب العالم في حكم نفسها بنفسها.
وللعلم فإن بلادنا شرعت في بلورة المفهوم منذ 1991، كما أن مجلس الأمن دعا الأطراف إلى فتح مفاوضات بناء على معطى جديد يعتبر الحكم الذاتي شكلا عصريا لمفهوم تقرير المصير (أنظر قرار رقم 1754، ثم قرار 1813 ) مستبعدا كل واقعية على أطروحة الاستقلال، لينتهي خلط مبدإ تقرير المصير بمبدإ الإستقلال، ومن تمة المرور إلى تقرير مصير الجميع بشكل ديموقراطي(الوالي 2008 )، وعمل على تدعيم مقترح منح منطقة الصحراء حكما ذاتيا، بحيث أصبح مشروع الحكم الذاتي للصحراء المغربية ينخرط ضمن مسلسل بناء مجتمع ديموقراطي عصري.
وهو المطلب لكل شعب المغرب، وشعوب المغارب، ككل، في إطار “مسار ديموقراطي كونفدرالي” (الشرقاوي 2007)، أي الطموح لسيادة سياسية كاملة وموسعة بنفسها على نفسها، على أن تكون لها -تاريخيا ونظريا وعمليا- المصلحة السياسية في ذلك، وليس سيادة إدارية وتقنية، شكلية، فقط….وحتى عملية وبراغماتية…، خاصة أن المغرب سبق وأن أعلن نية القيام بإصلاحات كبرى، ومنها مشروع الجهوية، وعمل على تدشينها، منذ عقود، مقدما مشروع الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية كامتداد لهذه الأوراش، بالذات!؟ أو أن يغيب عنها تحقيق الفرصة السانحة اليوم في تحقيق التحرر والتقدم والديموقراطية، وما سمحت به موازين القوى اليوم من تحويل سكان الصحراء جميع إمكانات التدبير الذاتي الديموقراطي لشؤونهم، بالذات ..!؟
لقد تخبط اليسار المغربي، وخاصة الجذري منه، نظريا وفكريا، كثيرا في موضوعة الصحراء. وإذا كان ماركسيو البارحة/الأربعينيات، الحزب الشيوعي المغربي، الذي ربط إستقلال المغرب باستقلال فرنسا الاستعمارية من الاحتلال الألماني، وتدارك حزب التقدم والاشتراكية، اليوم، الموقف، فإن الخطيئة الأصلية لليسار الراديكالي ظلت تلازمه، إلى الآن، بشكل أو بآخر، والدليل على ذلك أنه لم يكن يستعمل مفهوم “الشعب الصحراوي” في الأول، بل مفهوم “الجماهير الصحراوية” وطالب بإعادة توحيد الشعب المغربي”، و “جماهير الصحراء” على أسس وطنية ديموقراطية، قبل أن تدفعهم ذيليتهم لطرح البوليساريو إلى تبني مفهوم “الشعب الصحراوي” والدفع ب”استراتيجية الثورة في المغرب العربي”، مبخسين، في ذلك، نضال الشعب المغربي، ككل، ليجنحوا إلى موقف “تقرير المصير” في إطار “ديموقراطي” صرف، أو “كونفدرالي”، وهو موقف متقدم – نسبيا- وإن ظل يعاني، هو الآخر، من نفس الموقف-الأصل (ع. السلام المودن، الطبعة الثانية، المغرب، 2018 ).
لقد سبق لأحزاب الكتلة الديموقراطية، ومنها منظمة العمل الديموقراطي الشعبي، أن تقدمت بمقترح جماعي للمطالبة بالأخذ بعين الاعتبار المكتسبات التي راكمها المغرب في مجال اللامركزية، وأن تقدم الحزب الإشتراكي الموحد، بعد ذلك، بمذكرة شدد فيها على “البعد الترابي” وليس “الإثني” للحكم الذاتي، خاصة وأن العائلات النافذة والمتنفذة في الصحراء، على شاكلة ولد الرشيد، أخذت مكان “الرعايا/ المواطنين” وتربصت بمصالح القبائل، ليصبح تحقيق مفهوم “المواطنة” أصعب مما يمكن أن تسمح به بنية الجماعة-القبيلة- الشورى الديموقراطية البسيطة، ولذلك ركز الحزب على ضرورة “إبقاء المجال الوطني مفتوحا لكل المغاربة” ( أنظر نسخة من المذكرة التي تم توزيعها في الجلسة الثالثة للجمعية الوطنية للحزب بتاريخ 9 ماي 2006، وتم نشرها بالأحداث المغربية/ عدد 2655.)
واليوم في المحصلة، لعل رفع بعض اللبس والإضطراب يتم – ليس في الإهتمام بالتفاصيل/ “الشيطانية”، كما يقال، وإنما في أخذ الثور من قرنيه، واعتماد مفاوضين جهابذة، وقبل كل ذلك أخذ “المقاربة التشاركية الجديدة” للحكم، بجدية، وهي الفكرة البسيطة والجوهرية، في آن، في نظرنا- عبر اعتبار الصحراويين، نهائيا، من/ وما هم عليه بالطبيعة، بحكم التاريخ و الجغرافيا والسياسة، مغاربة، أولا وقبل كل شيء، وبالتمام والكمال…ومسائل التدبير الإداري تأتي لاحقا…وإن هي مطروحة آنيا ومستقبلا،….وأن مطمح المغاربة، غالبية المغاربة، وقواهم “الحية” هو في الديموقراطية الشاملة في كل الربوع.
وذلك بالرغم من معضلات اندماج ساكنة حملت السلاح في وجه المغرب، مخلطة (بضم الميم) بين مقارعة نظام سياسي “غير ديموقراطي” و تحقيق الوحدة الترابية الكاملة لنفوذ المغرب العادي- التاريخي والطبيعي على أرضه، لما يزيد الآن عن خمسة عقود، فضلا عن صعوبات التوحيد و التطابق والانسجام النفسي والاجتماعي والثقافي والتعافي الصحي- الجسدي و العقلي لمكونات كثيرة وملفقة، عاشت في مخيم تندوف، لا يزيد الصحراويون منهم من أصل مغربي على أكثر من 10 في 90 ألف (أنظر إحصاءيات غير مثبتة علميا، قيل أن نشرتها مخابرات إسبانيا، سنة 2022، ولربما اعتمدتها، تجاوزا، هيأة الأمم المتحدة: رقم 90 ألف.. ).
إن أهم شيء هو الأرض، أي الجغرافيا التابثة، المستحقة والمكتسبة. أما التاريخ المتحول فيصنعه الإنسان الكلي وقضاياه الجمعية. لنشارك جميعا مكتسب وتردد وتطلع وصعوبة النضال والعيش حول مشتركات أساسية، لإرساء صرح الديموقراطية والحكم الذاتي “الحق”، ببلادنا، وهو برنامجنا المشترك، ومن أجل حل و تصور جديد متجدد لإشكالية- كم هي مفتعل.!
ومعلوم أن التطور الطبيعي في العالم النامي، مما هو ليس عليه، في الحقيقة، مفروض ومصطنع من طرف قوى الاستعمار والإمبريالية، وتعبير عن ضعف وتواطؤ أذنابه المستحكمة، في ظروف مستعصية و محددة من تاريخه، بحيث تم إلحاق الجزء الأكبر من جيش التحرير بالجيش الملكي، لضرورة تكوين الدولة-الأمة، وإن على جزء من ترابها التاريخي، فقط، في أفق وإنتظار تبدل الأحوال والموازين، أو بتصفية بعض قاداته وهجرة بعضها الآخر -قسرا وخوفا- إلى خارج الوطن، لعقود، مثلا، ورجوع أغلبهم، الآن.
إنه العجز النظامي الصريح في بسط السيادة الكاملة وغير المنقوصة والطموحة، آنذاك، على كامل التراب الوطني. وقد لعب كل من المخزن ونسقه الحزبي الخاضع، بما فيه كثير من اليسار الملكي، إبان ذلك، دورا في تفشي وتعاظم سوء الفهم، و في إبعاد وتنمر النخبة الصحراوية الصاعدة، وفي سقوط اليسار الراديكالي في متاهات وتخبطات فكرية وسياسية، كما خرج منها معزولا ومكسورا..!!
وقد تمت بعض التحايلات على أصحية المطلب التاريخي المغربي الشرعي والمشروع، باسم مبدإ ومسمى “تقرير مصير” لشعب من عراء وجماهير مختلقة، وهو الذي لا يليق بكيان-دويلة صغيرة، حقا، متى تأسست، لن تكون إلا تحت رحمة/ أو ويل أطماع الهيمنة الجزائرية الواسعة وفي مصلحة الدولة العميقة الفرنسية.
أو بأسلوب نقيض آخر: ضرورة الاستعداد والعمل والتموقع من أجل “تقرير المصير المشترك كحل جماعي داخل الوطن الواحد”، وضمن أفق مغاربي، وبعمق إفريقي، وهو الامتداد المجالي والبشري والتاريخي المباشر والأقرب، كما قدمته ودافعت عنه أرضية “ندوة نزاع الصحراء الغربية المغربية…”، التي حصلت، فعلا و بنجاح، بقاعة علال الفاسي- الرباط، ليومه التاسع من نوفمبر 2025.
يستمد الموقف الديموقراطي الحقيقي قوته من سيادة الشعب على مقدراته، ومنها الأرض، طبعا، لا من تهميشه، و احتكار حفنة من القادة والعائلات والأفراد لقضاياه المصيرية و لمقدراته، وبتهميش قواه الحية. وللمفارقة العجيبة، لا يمكن أن يتزامن استكمال إستقلال ووحدة المغرب، وسيادته على كامل ترابه، مع الاستحواذ والإستفراد الفاضح بأراضي وتراب أهل الصحراء، وغير الصحراء المغربية، من طرف قوى إقليمية وقوى عظمى نافذة، عربية وغرببة، تحت مسوغ الحكم الذاتي، بإيعاز و اعتراف ومزايدة على حق الصحراويين المغاربة الأول في التراب والأرض…
ولا يلزم أن يكون ذلك، تحت أي مسمى، بالقبول بتدشين تفاوض مستفرغ من محتواه حول الحكم الذاتي، إذ لا زال البعض يظن أن له الحق في أشبار من الأرض، لا زالت تنتظره! وهي التي تحولت إلى “ريفيرا المغرب”! في غفلة من “رعاة الإبل” وقمع منهجي لأهل الدار والتراب يضر بحقوق الإنسان في المنطقة والمغرب….وتحييد سياسي!!
كما يلزم الأحزاب والمجتمع المدني أن يتحلوا بالإرادة الكافية لترجمة الحكم الذاتي -عمليا- بإطلاق وتعميق الحريات الفردية والجماعية في المنطقة، وبباقي جهات المملكة، وبتأسيس فروع حزبية ومدنية نشيطة لها على كامل التراب، وحتى أخرى جهوية، عند الصرورة، وتضامنها، تمكن الساكنة من التمرين على حكم نفسها بنفسها، بإطلاق تشريعات متطابقة مع أسمى دستور وطني معدل، ووجوب القطع مع الاختيارات المتقادمة، قطعا، والتفكير في تعميم التجارب الجهوية- الإقليمية المتقدمة الناجحة، بتباين قانوني معقول ومضمون ودقيق، على كامل التراب الوطني.
ذلك، وإن كان الباب التاسع / المادة الثانية من دستور 2011 قد أقر ودستر “جهوية موسعة متقدمة” لجهات المملكة، و عمل على تمتيع الصحراء بالحكم الذاتي المتقدم. وهو الأمر العادي والتباين المتداول -عادة- في التجارب المقارنة للدول الموحدة الآخذة بالحكم الذاتي لجهة أو أكثر من جهتها أو مناطقها. ومعلوم أن الأمر يتعلق ب”اقتراح” لا بمنحة، مادام سيكون هناك تفاوض وأخذ ورد بين الأطراف المدعوة للتوافق- أن حصول الحكم الذاتي المتفاوض عليه لجهة الصحراء سيتم في إطار وحدة الدولة المغربية وسيادتها الكاملة.
لا أحد يشك في أن ما يرام في صحرائنا له الأثر المباشر على ما سيؤول إليه الوضع في الريف الأبي، و هو ما يطرح إشكال المصالحة والثقة والتنظيم الجهوي، بالذات، جهوية أو جهويات متقدمة، عملا بتقرير اللجنة الاستشارية للجهوية لسنة 2010، ولدستور 2011 في بابه التاسع حول “الجهات والجماعات الترابية”، المؤسس لجهوية متقدمة وذات جوهر ديموقراطي وتوجه تنموي (من الفصل 135 إلى الفصل 146 من الدستور)، حيث “النقلة النوعية في مسار الديموقراطية المغربية و المحلية” ( خطاب العرش في 30 يوليوز 2009).
وقد تتمتع منطقة الريف بما عرف في القانون الدستوري ب”الطريقة السريعة” لإكتساب وضعية الحكم الذاتي، وهو الذي لم يعرف حراكه الوطني المقدس أي دعوة للانفصال، إلا ما نسبته إليه ظلما وعدوان وسجنا “الأغلبية الحكومية” المحكومة، المتربصة به والمفترية عليه، بدون رحمة ولا شفقة، آنذاك.
وهو التنظيم الترابي الجهوي ذاك، في تميزه، و الذي سبق وأن ورد في التجارب المقارنة/ الدستور الإسباني/ المادة 151، على سبيل المثال لا الحصر؛ أو حتى إحتمال تصور وتطبيق فكرة حكومة/ او “حكومات برلمانية موسعة”، نابعة من الانتخاب الديموقراطي، الحق، وليس من الولاء لأرباب عائلات متنفذة أو مخزنية، لا تفضل الانزياح عن مكانها، احتكرت سوق الانتخاب والحكم من زمان، ليس بالقصير، في بلادنا.
يتم ذلك ضدا -على الأقل- على ما يدعو إليه و سيبقى عليه – لا شك- مشروع مذكرة المغرب للحكم الذاتي، “محينا” و”مفصلا” ( 2007/2025)، في ما يتعلق تحديدا بالصحراء المغربية، حيث المقترح يكرم الملك بتنصيب رئيس الحكومة بعد انتخابه من طرف البرلمان الجهوي، وهو مما نريده ونقترح جله، و نعتبره مدخلا حقيقيا لسن جهات مغربية- مغاربية، متضامنة، ديموقراطية، مع اعتماد التمايز الجهوي اللازم، والحكامة الترابية الضرورية بجميع مناطق المملكة، و في كامل معمور البلاد… و “المنطقة المغاربية” !
وفي النهاية، لا يلزم مؤسساتنا، جميعها، ومهما كان تميز بعض جهاتها، وكيفما كان حجم اللامركزية وما سيأتي به التحيين والتفصيل والتوافق في وحول الحكم الذاتي “الحقيقي”، في خضم تطور التفاوض الصعب- السهل الممتنع القادم، وفي إطار إحقاق تغيير دستوري وسياسي فعلي للحكم، أن يتساهل مع مفهوم “تقرير المصير” الموسوم علميا، وحسب الوضعيات التاريخية، بالنسبية/الرجعية و المتقادم، حتى حسب التصور المتجدد للهيأة الأممية.
ولا يتماشى أيضا مع طموحات البوليزاريو/ البورجوازية الصغيرة الجشعة و المترامية على أرض المغرب، وإن ضمن الوحدة الترابية الوطنية، وإن تم -أيضا- ختم القرار الأممي الأخير 2797بإرضاء القسم الآخر من النزاع، بتضمينه احترام مبدأ “تقرير المصير”، أعلاه، في آخر ديباجته، تماشيا مع أهداف الهيأة الأممية العادية، مع الحفاظ على شيء من اللبس في مسوغ القرار، نفس، في إطار مسلسل لبناء مغرب ديموقراطي عصري يسع الجميع، وأكثر!
-كاتب فرع تمارة للحزب الإشتراكي الموحد وعضو المجلس الوطني للحزب