بتصويت مجلس الأمن على القرار 2797 الذي نص على إجراء مفاوضات مباشرة من اجل الوصول الى حل نهائي متوافق عليه على قاعدة المقترح المغربي القاضي بتمتيع الاقليم بحكم ذاتي والذي اعتبر اعتراف ضمني من طرف مجلس الأمن بسيادة المغرب على أقاليمهالجنوبية الصحراوية، اعتقد العديد منا ان الملف انتهى، الا أن الأحداث الاخيرة تبين عكس ذلك وأنه لا زال هناك عمل أمامنا، كما سبق أن اشرنا الى ذلك سابقا، فإذا كانت المواقف الرسمية للدول أقرت بالسيادة المغربية واعترفت بمعقولية وواقعية الطرح المغربي باعتباره الحل الوحيد والأوحد، فإنه علينا دائما العمل اتجاه المجتمع المدني والسياسي داخل هذه الدول لأنه غالبا لا يكونان متطابقين، وهذا ما تأكد داخل البرلمان الأوربي مؤخرا باستراسبورغ في يوم 26 نونبر 2025 ، اذ تم التصويت على مشروع قرار قدم من طرف جهات داعمة للبوليزاريو كان الغرض منه الاعتراض على جزء من الاتفاق الفلاحي الموقع مؤخرا بين المغرب والاتحاد الأوروبي والذي يدمج المنتوجات الفلاحية المنتجة بأقاليمنا الجنوبية الصحراوية ضمن الصادرات الفلاحية المغربية وبالتالي يوضع عليها رمز MA، وكان الهدف من تقديم هذا مشروع القرار هو استثناء هذه المنتوجات من الاتفاق وبالتالي فرض تصديرها للاتحاد الاوربي تحت رمز HE ، وهو ما يعني التشكيك في السيادة المغربية على الاقاليم، وقد حصل هذا المشروع على 359 صوتا ولم يكن ينقصه الا صوت واحد، إذ كان يتطلب 360 صوتا ليتم إسقاط الجزء المتعلق بالصادرات الفلاحية بأقاليمنا الجنوبية الصحراوية من الاتفاق الفلاحي الموقع أخيرا، خاصة أنه سبق التصويت تفاؤل كبير لدى داعمي البوليزاريو بالنظر للنقاش داخل اللجنة الفلاحية بالبرلمان الأوروبي يوم 20 نونبر 2025 والذي كانت تسير في اتجاه معارضة هذا الجزء من الاتفاق، الا أن صوتا وحيد انقذ الإتفاقية من هذا.
وللتذكير أن نفس القرار تقدمت به هذه المجموعات النيابة بالبرلمان الأوروبي في 16 يناير 2019 ولم يحصل إلا على 167 صوتا في حين صوت 444 من النواب لصالح الاتفاق وبالنالي الإبقاء على دمج المنتوجات الفلاحية باقاليمنا الجنوبية الصحراوية في الاتفاق واعتبر التصويت لصالح المغرب.
وباجراء عملية حسابية بسيطة يتبين أنه ما بين تصويت 2019 و2025 استطاع الطرف الداعم للبوليزاريو تعبئة 192 برلمانيا إضافيا بالبرلمان الأوروبي ، وهذا ليس بالأمر السهل، مع التطورات الإيجابية الأخيرة لصالح ملف قضية اقاليمنا الجنوبية الصحراوية.
لذا نريد ان نبدي الملاحظة التالية: عدد كبير من البرلمانيين الذي صوتوا ضد المغرب دولهم اعترفت بالسيادة المغربية على الصحراء، ومنهم من بلادهم تقيم مشاريع اقتصادية بالأقاليم الجنوبية الصحراوية، وهذا يطرح اشكالا كبيرا خاصة أننا نعلم ان البرلمانيين يصوتون في أغلب الحالات حسب مواقف احزابهم قيادات وقواعد واحيانا حسب مواقف ناخبيهم، هذه المفارقة تساؤلنا جميعا ، بدأ اولا من دور سفارة الدولة المغربية لدى الاتحاد الاوربي وكيف لم تتمكن من ملاحظة
التطورات داخل البرلمان الاوربي لصالح الاطروحات الانفصالية في الموضوع، وخاصة ان اجتماع 20 نونبر 2025 قدم مؤشرات كبيرة على هذا التحول، وللامانة ليست هذه هي المرة الأولى التي تبين أن هناك خللا في عمل سفارة المغرب لدى الاتحاد الاوربي ارتباطا بموضوع اقاليمنا الجنوبية الصحراوية والمصالح العليا للمغرب، اذ سبق أن تفاجئنا جميعا بحكم المحكمة الأوروبية بخصوص اتفاقية الصيد البحري ضدا على المصالح التاريخية للمغرب بخصوص الصيد البحري لما كان نفس السفير الحالي يشغل نفس الموقع، علما أن موضوع الصيد البحري ساعتها كان قد حسم في مفاوضات سابقة، والأن لا يمكن أن نقبل مبرر أن هذا العدد الكبير الذي صوت ضد المغرب ناتج عن الصراع داخل الاتحاد الاوربي حول الفلاحة.
ثانيا هذا التوصيت يسائل دور البرلمان المغربي كمؤسسة في ما يسمى بالعمل الدبلوماسي الموازي لفائدة قضية اقاليمنا الجنوبية الصحراوية هذا ” العمل ” الذي تصرف عليه مئات الملايين على السفريات وإقامة النواب بالخارج، وتتحفنا النشرات بعدد من الصور وانجازات بين الواقع انها وهمية.
ثالثا دور الاحزاب السياسية في دفع الأحزاب الأوربية الممثلة في البرلمان الأوربي لدعم المخطط الدولي الذي يحث على حل متوافق عليه داخل السيادة المغربية أساسه مقترح المغرب الحكم الذاتي.
ثالثا وهذا ما أكدناه في عدة مرات، دور المجتمع المدني الديمقراطي الجاد والمسؤول في اقناع عدد من الجمعيات الداعمة للبوليزاريو بالانخراط في الدينامية الأممية الأخيرة لحل المشكل، والتي هي السبيل الوحيد لرفع المعاناة عن اخواننا بمخيمات لحمادة الذين يعيشون أوضاعا مأساوية، هذا الحل هو الوحيد الذي يوفر لهم اطارا للعيش الكريم وهو ما تعتبره وتصرح هذه الجمعيات انه هو هدفها.
نورالدين بلكبير