تشهد مدينة آسفي ومحيطها الساحلي خلال الأيام الأخيرة تحركاً ميدانياً غير مسبوق، بعد نزول لجنة رفيعة المستوى تضم عامل الإقليم فطاح ومسؤولين كباراً من وزارة الداخلية إلى جانب قيادات عسكرية وجنرالات، في إطار عملية واسعة لتأمين الشريط الساحلي الممتد من حدود آسفي في اتجاه الوليدية.
ووفق المعطيات المتوفرة، تعمل هذه اللجنة على تحديد نقاط استراتيجية على طول الساحل، في خطوة تروم إغلاق المنافذ التي تستغلها شبكات تهريب المخدرات والهجرة غير النظامية، وقطع الطريق نهائياً أمام استغلال المنطقة كمنصة للأنشطة غير القانونية العابرة للحدود.
غير أن أهمية هذا التحرك تتجاوز مجرد إحداث مراكز مراقبة أو نقاط ثابتة للحراسة، إذ تأتي هذه الدينامية في سياق وضع خريطة أمنية جديدة للشريط الساحلي، بما يشبه إعادة هيكلة شاملة لمنطقة ظلت لسنوات توصف بـ”الممر الصامت” لأنشطة التهريب والهجرة السرية.
وتشير هذه الخطوة إلى انتقال واضح في المقاربة الأمنية من منطق التدخل بعد وقوع الفعل، إلى التموقع الاستباقي والانتشار الذكي على الأرض، عبر اختيار مواقع استراتيجية تسمح بالمراقبة الشاملة والتدخل السريع، مع اعتماد وسائل لوجستيكية وبشرية متقدمة.
المعطيات الميدانية تفيد بأن السلطات تتجه نحو بناء “جدار ردع” أمني يمتد على طول خط بحري حساس، لطالما اعتُبر نقطة ضعف تستغلها الشبكات الإجرامية المنظمة. ويهدف هذا الجدار إلى تعزيز المراقبة البرية والبحرية، وتضييق الخناق على محاولات تنظيم عمليات الهجرة السرية أو شحن المخدرات نحو الضفة الأخرى.
كما يُنتظر أن يشمل هذا المخطط الأمني الجديد تنسيقاً أكبر بين مختلف المتدخلين، من سلطات محلية وأجهزة أمنية وبرية وبحرية، مع إمكانية الانفتاح على شراكات تقنية ولوجستيكية لدعم عمليات الرصد والتتبع.
يجد سكان آسفي أنفسهم اليوم أمام مرحلة جديدة قد تغيّر مستقبل المنطقة الساحلية برمّتها، ليس فقط على مستوى تأمين الحدود البحرية ومحاربة الجريمة المنظمة، بل أيضاً على مستوى تثمين المؤهلات الاقتصادية والسياحية للساحل، في إطار بيئة أكثر أمناً واستقراراً.
ومن شأن نجاح هذه الاستراتيجية أن يحوّل الصورة الذهنية عن بعض النقط السوداء على الساحل، ويعيد إدماجها في دينامية تنموية بديلة، تجعل من المنطقة شريطاً آمناً للتنمية لا ممراً سرياً للتهريب والهجرة غير النظامية.