لقاء دراسي حول المداخل الاساسية لاصلاح مدونة الاسرة لمؤسسة علي يعته

قطعت مدونة الأسرة ما يقارب عقدين من العمل بها، تراكمت خلالهما العديد من المكتسبات، وظهرت في المقابل مجموعة من الاختالالات المرتبطة أساسا بتطبيقها تأثر بطبيعة الاجتهاد القضائي وتأويلاته في مختلف النوازل، ما يستوجب الوقوف مليا لمساءلة حصيلتها، واستحضار مختلف القضايا التي أثارها النقاش المجتمعي العميق الذي سبق صدورها، وسياق التوجيه الملكي الذي المغاربة على خيار متوافق حوله، نتج عنه نص تشريعي قدم وقتئذ إلى البرلمان، وتمت المصادقة عليه بسلاسة كبيرة، عززت الاتجاه التحديثي للمشرع
المغربي.
وجاءت الرسالة الملكية الموجهة لرئيس الحكومة والمتعلقة بإعادة النظر في مدونة الاسرة تفعيل لمضامين خطاب العرش لسنة 2222 من خلال تشكيل لجنة عهد إليها بتقديم الاقتراحات الكفيلة بمعالجة الاختلالات التي أظهرها تطبيقها القضائي و”تعديل المقتضيات التي أصبحت متجاوزة بفعل تطور المجتمع المغربي والقوانين الوطنية” لتفتح ورشا مجتمعيا كبيرا باعتماد مقاربة تشاورية وتشاركية واسعة تجاه مختلف الهيئات.
وبالنظر لما لهذا الحدث من أبعاد تشريعية كبيرة ودلالات مجتمعية عميقة،تعبر مؤسسة علي يعته عن ” انخراطها القوي في هذا الورش الاصلاحي الهام لمدونة الاسرة منطلقة من المرجعيات الفكرية والمبادئ والقيم التي طالما دافع عنها الوطني الغيور الراحل علي يعته التي تتشرف المؤسسة بحمل اسمه، آملة
في أن يساهم هذا الورش الوطني والمجتمعي في تحقيق الغايات الكبرى المرتبطة بالمناصفة والمساواة وحماية حقوق النساء والاطفال والاشخاص في وضعية هشة، وتعزيز المكتسبات والانجازات التي حققتها بلدنا في حماية الحقوق والحريات”.
وتنطلق من الاعتزاز بالانجازات والتراكمات الايجابية التي حققتها بلدنا في هذا الاطار نحو آفاق جديدة لتعزيز وضع المرأة في المجتمع، ومراعاة المصلحة الفضلى للطفل، وتمكين النساء من كافة حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية
تام مع ما راكمته الحركة النسائية والسياسية والثقافية والبيئية، في انسجام والقوى الديمقراطية والتقدمية في البلد، مستحضرة الاجتهادات الفقهية والقانونية المتنورة التي افرزها بعض القضاءالاسري في تعاطيه مع هذه المدونة، لاسيما بعد إقرار دستور ،2222 والذي أتاح للقضاء الاستدلال في إصدار أحكامه وقراراته بالاتفاقيات الدولية الذي صادق عليها المغر ب، وهو ما أعطى نتائج فقهية مستنيرة يجب الا نغض الطرف عنها. وكذا ثلة من الاساتذة المختصين والعلماء المتنورين وجملة من الباحثين، الذين استطاعوا، من خلال اجتهاداتهم
وأبحاثهم ودراساتهم، استنباط أحكام تتسم بالشجاعة الفكرية وسعة العلم والمعرفة، وتستظل في ذلك بأحكام دستور المملكة والا تفاقيات التي صادق عليها المغرب.
وتثير مؤسسة علي يعته، مجموعة من القضايا التي تتطلب اليوم وقفة فكرية وحقوقية وتشريعية رزينة ومتأنية لمعالجتها. وتطرح مجموعة من الاسئلة من خلال تنظيم يوم دراسي حول إصلاح مدونة الاسرة قصد إيجاد الصيغ الكفيلة بإصلاح الاختلالا ت وتطوير المقتضيات المتجاوزة، التي أصبحت تشكل عائقا أمام تفعيل مبدأ المساواة، ولا تتلاءم مع تطور المجتمع ولا مع المقتضيات الدستورية وروحها. كما أنها تجسد مصدر قلق للقوى الحية بالبلاد المؤمنة بمشروع المجتمع الديمقراطي الحداثي؛ ومن بين القضايا والاسئلة التي يمكن طرحها في إطار هذا الورش الاصلاحي يمكن الانطلاق مما يلي:
– ماهي المداخل الضرورية لتحقيق الدمج العرضاني لمبدأ المساواة بين طرفي العالقة الزوجية ، وتبني مقاربة تقدمية حداثية بنفسي ديمقراطي وحقوقي جديد، تستند على نسق مفاهيمي عصر ي يتلاءم مع روح ونص الدستور، وينسجم ومقتضيات الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، ومع المفهوم الكوني لحقوق الانسان؟
– كيف يمكن القضاء الكلي وبشكل نهائي على ظاهرة تزويج القاصرات التي يتم الالتفاف عليها، مع الاسف، من أجل انتهاك حقوق الطفلات المغربيات، و حرمانهن من حقن في عيش طفولتهن ومتابعة دراستهن،
والزج بهن، بالمقابل، في قفص مسؤوليات اجتماعية وأسرية لا تتناسب وقدراتهن الادراكية والجسدية والنفسية؟
– ماهي الصيغ التي سيتم اعتمادها من أجل ضمان حق الام في النيابة الشرعية على أبنائها إلى جانب الاب؟ والحد من التمييز بين طرفي العلاقة الزوجية على هذا المستوى؟
– ماهي التدابير التشريعية الواجب اتخاذها لضمان مصالح كافة الاطراف في ما يتعلق بمساطر إنهاء العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة على أساس العدل والمساواة في اتجاه توحيدها وإرساء ضمانات قانونية ومؤسساتية لتكريس الحماية القانونية اللازمة للأبناء؟
– انطلاقا من اعتماد رؤية متوازنة للحقوق المشتركة والمتساوية بين الرجل والمرأة في ما يتعلق بالاموال المكتسبة أثناء الحياة الزوجة (في الاتجاهين) كيف يمكن ضمان حقوق الزوجة على وجه الخصوص باعتبارها الطرف الاكثر تضررا؟ وكيف يمكن إدماج نظام الكد والسعاية كحق شرعي للمرأة المطلقة، وتنظيم شروط وضوابط الاستفادة منه؟ وأية آليات مؤسساتية يمكن ٍإقرارها لتدبير هذه الاموال بشكل يسوده العدل والانصاف والمساواة؟
– إن القراءة المتأنية لمضامين مدونة الاسرة في صيغتها الحالية تظهر وجود عدد من التوظيفات اللغوية التقليدية والمتجاوزة التي تأخذ بعين الاعتبار تطور المجتمع المغربي والتغيرات التي طبعت العلاقة بين الافراد والجماعات من منطلقات حقوقية وإنسانية تضع كرامة المواطن على رأس الاولويات، وهو ما يتطلب القيام بجرد الالفاظ والمفاهيم الحاطة بكرامة المرأة (على وجه الخصوص ) في مدونة الاسرة.
– ضرورة فتح نقاش هادئ ورصين، تعددي ومسؤول، حول قضايا الارث، يستحضر مبادئ العدل والانصاف والمساواة، ويستجيب للمتطلبات الواقعية التي أفرزها المجتمع، ويتفاعل إيجابا مع الاجتهادات المتقدمة في هذا المضمار، وذلك في سبيل إحقاق المساواة الفعلية بين المرأة والرجل،لكي يسير المجتمع فعلا، نحو التقدم والتنمية والديموقراطية.
ً
– إن” مبدأ المصلحة الفضلى للطفل” أقرته اتفاقية حقوق الطفل مبدأ محوريا، على أساس أن جميع الاجراءات ذات الصلة بالاطفال يجب أن تضع في الاعتبار الاول مصلحة الطفل الفضلى، حيث يبقى على عاتق الدولة ضمان الرعاية والحماية اللازمتين للطفل، ووضع التدابير القانونية والادارية من أجل تحقيق هذا الغرض، وضمان الحقوق القانونية والمالية للطفل الناتج عن علاقة خارج إطار الزواج وأساسا الحق في النسب والنفقة والارث.
لمقاربة هذه القضايا والغايات الكبرى ومحاولة البحث عن إجابات للاسئلة المطروحة تنظم مؤسسة علي يعته يوما دراسيا حول موضوع: “المداخل الاساسية لاصلاح مدونة الاسرة”