وجهة نظر

2024 سنة سعيدة للحرب منير الطاهري

هل تلتحق الويلات (عفوا الولايات) المتحدة الأمريكية بالحرب العالمية الثالثة أم أنها تنتظر اللحظة الملائمة الحاسمة؟
أيها الغاضبون الصابرون المرابطون بمواقفهم والمدافعون عن حقوقهم المغتصبة في كل بقاع العالم…
هل يقدم الصراع العالمي الجديد أجوبة ملائمة لانتظاراتكم وانتظارات الشعوب المطحونة خلف أنظمة تبعية لاشعبية ولا وطنية ولا مؤمنة بتاريخ أرضها وناسها؟
وهل نحتاج لحرب عالمية تالثة تزعزع ركود العالم المنتشي والمستسلم لإملاءات القطب الوحيد بعد انهيار الجدار القديم؟..
قد نحتاج إلى حرب عالمية، ليس من أجل الحرب أو من أجل الشركات العسكرية المتاجرة في السلاح، وإنما من أجل وضع حدود مانعة جديدة للدفاع عن القيم والإنسان والحق في الأرض والحياة لكل شعوب العالم.
نحن فعلا نعيش بوادر الحرب العالمية التالثة ولو بشكل غير معلن، على الرغم من أن دعاتها لم يتمكنو من الدفاع عن منظومة مفاهيمية جديدة مناقضة لمبادئ فرجينيا، المبادىء التي رسخت مفهوم العيش المشترك على هذه الأرض وجسدتها هيئة الأمم المتحدة، ما بعد الحرب، كسلطة دولية لا تتمتع بالسلطة الكافية إزاء مجلس الأمن، ولكنها هيئة تمثالية لانتظارات شعوب العالم وأحلامهم بالعيش المشترك في سلام وتآخ وتضامن بعيدا عن الحروب.
اليوم، نجد نفسنا أمام منعطف جديد، أرخت من خلاله الأشلاء القديمة لنظام التوازن الدولي بآثار بليغة ومؤثرة على النظام الدولي الحالي، ليس لأننا لم نتحول من نظام الثنائية القطبية إلى نظام تعدد الأقطاب فقط، ولكن لأننا تحولنا أيضا إلى نظام كامن غير معلن، نظام التوثرات والحراكات الشعبية للدفاع عن المظلومية بصوت عال له صدى دولي، نظام الانتباه واليقظة، تحت وعاء وحماية القوى النووية القائمة أو في طور التكوين، نظام متعدد الأقطاب والإرادات، معزز بحزم الشعوب ومسؤولية أنظمتها السياسية.
في هذا الوضع الجديد، يمكن أن نفهم أن الصراع الروسي الأوكراني تمدد إلى الشرق الأوسط، وبالظبط إلى فلسطين المحتلة وإلى بقاع أخرى وتجسد في شكل نزاع دولي مقبل يتبنى المهادنة والدفاع عن الحدود الإنسانية الدنيا في الصراع.
المبادرة الصينية عبرت عن موقف حماية قوانين الحرب كحدس أخلاقي منها لإعادة إلباس العالم عباءة التفرد والتعالي الأخلاقي عن نزعات التقاتل البدائية والمارقة والغارقة في تفسيرات ظلامية مقدسة. والواقع أن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة سيعبر عن هذه الإرادة المارقة والعنيفة بلا خجل، والتي تريد أن تجعل من الأرض المقدسة بؤرة أساسية ومصغرة وحاضنة لتحرك دولي نحوالحرب العالمية الثالثة.
علينا أن نتفهم جيدا أسرار دعوة الولايات المتحدة الأمريكية لحصر الصراع داخل أرض فلسطين المحتلة لتمكين إسرائيل من الدفاع الشرعي عن نفسها ضد هجمات 7 أكتوبر، دون جرها لمناوشات مع حزب الله أو مع إيران في هذه الحرب.
والواقع، أننا أمام تردد كبير من طرف الولايات المتحدة الأمريكية لإعلان الحرب العالمية الثالثة، لأنها تعلم استخباراتيا أن إيران أصبحت قوة نووية كامنة ومستقلة، ولذلك فإنها لا تسعى إلى تعطيل الحرب العالمية الثالثة فقط ولكنها تريد أن تشعلها دون الالتحاق بها مبكرا، كما فعلت في الحربين العالميتين السابقتين.
اليوم، تغيرت الأمور كثيرا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، لأنها سبق لها وأن أقحمت جسدها العسكري في الشرق الأوسط بكل قوة لأجل إسقاط نظام صدام حسين، كما جرجرت ناقالاتها ومدمراتها الحربية علانية دفاعا عن نتنياهو، ولم تخف دورها كطرف فاعل ومؤثر في إسقاط نظام القدافي وكذلك كداعية ومبشر، بالثورة الخلاقة التي شهدتها أغلب البلدان العربية.
اليوم، لا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية إضمار نيتها في الحرب العالمية الثالثة التي تقودها في الشرق الأوسط ضد إيران حماية لنتنياهو، كما لا تستطيع التخفي أكثر ضد إعلانات بوتين من أن حربهه ضد أوكرانيا هي حرب ضد أمريكا وحلفائها الداعمين الحربيين واللوجستيكيين لأوكرانيا.
موقف الصين مازال غامضا، لأنها، وإن كانت تعلن مناصرتها لحلف روسيا وإيران وباقي بؤر المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها تتحفظ كثيرا حول التهديد باعتبار بؤرة تايوان بؤرة مندمجة وملتحمة بشروط الصراع الدولي المؤسس للحرب العالمية الثالثة.
في كل هذا، نجد أن إفريقيا التي تواصل تحررها من السيطرة الفرنسية، غير معنية بشكل كبير بهذا الصراع، كما نجد أن عددا كبيرا من البلدان العربية تحاول إعلان حيادها وانشغالها ببناء اقتصادياتها الوطنية أو تحقيق انتقال ديموقراطي مؤطر وداعم لاستقلايتها وعدم فعلها أو انحيازها لموازين الصراع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى