وجهة نظر

“اليسار، سؤال الهوية” بقلم كريم جهجاه

في ظل التحولات المتسارعة في عالمنا الراهن، يحق لنا أن نتساءل عن موقع المناضل اليساري داخل رقعة الشطرنج المتغيرة باستمرار.
ان المناضل اليساري الذي لا يلتحم بهموم الطبقات الكادحة هو أبعد ما يكون عن اليسار وايديولوجية اليسار. فتحويل اليسار إلى يسار نخبوي يفقده قيمته ولونه بل وشرعيته، ليصبح يسار النخبة لا يسار الشعب. ذلك أن مكان اليساري الحقيقي هو ضمن صفوف الجماهير. فمهما ارتقى في المواقع لخدمة القضية، إلا أنه عليه ألا يفقد الصلة بالشارع. لأن الشارع هو حبله السري، وشريان بقائه ووجوده.
فما يعيشه اليسار العربي (وكلمة العربي هنا بمعناها الجغرافي لا الإثني) ومن ضمنه اليسار المغربي من تشرذم وضعف وضبابية في الرؤية تصل أحيانا إلى درجة العوار الفكري، راجع بالأساس إلى تبنيه قضايا نخبوية تبتعد تماما عن هموم الشارع. ولنتذكر دوما أن الحالمين بالتغيير إبان سنوات الرصاص والذين دفعوا الثمن غاليا من سنوات عمرهم، بل دفعوا حياتهم من أجل مبادئهم، لم ينظروا ولم ينفذوا ما نظروا له على المقاعد الوثيرة. بل كانوا وسط الشوارع والأزقة، وتحت المطر ولهيب الشمس. لقد مضى زمن الأحلام الوردية بالثورة والتحرير وثورة البروليتاريا، وهذا بحد ذاته عقلنة للأحلام الطوباوية التي عاشتها الأجيال السابقة. لكن العقلنة لا تعني التخلي عن الأساس الايديولوجي لليسار، لأن المبدأ واحد…فكما أن من أنكر العقيدة يعد خارجا من الملة…فإن من تنازل عن قيم اليسار ومبادئه الأساسية قد يسمى أي شيء إلا يساريا…

كريم جهجاه
تطوان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى