وجهة نظر

3.2.2.2.2 – في بعض حيثيات عقدتي سايسبيكو و ايكس ليبان ذ. عبد الواحد حمزة

عبد الواحد حمزة،
عضو المجلس الوطني للاشتراكي الموحد

يبدو أن الرأسمالية اليوم في أزمة خانقة، وذلك على الاقل منذ 2008، فلم تنفع معها تخريجة كوفيد، للتخفيف من وطءة مليارات البشر، كانت لحظة/ وقفة تامل الحكومة العالمية، فقط، ودون نتيجة حاسمة تذكر، وهي في محاولة إعادة إنتاجها تحاول تجاوز تناقضاتها، كاعادة السطو والبطش والهيمنة على خيرات الاقوام الضعيفة، من لا تنتج ما تاكل ولا ما تلبس ولا بما تحارب، من جديد وباستمرار، زاد من ضغط الكماشة عليها، منافسة ومطاردة قوى صاعدة اخرى، كالصين والروس وتركيا وإيران و …أوغندا و حتى…مالي!!….

… و كل ذلك، بالرغم من انبطاح مجمل/ اغلب انظمة الدول العربية- الاسلامية، وخيانة حكامها، وبتساوق مع تطلع تركيا او ايران المناطقي، وعبر محورها، إلى التوسع شرقا، واستبسال المقاومة الفلسطينية- اللبنانية وقوى الإسناد ضد مشروع الهيمنة الغربي والتوسع الصهيوني، وبالرغم من ما أحدثته هكذا من حروب وتوترات…وابادات عرقية جماعية..، مما لم يعد “العالم الحر” يقبل به في معظمه، ابدا…

و هو نفس المعطى، حتى مع الأزمات التي تظهر وكانها طببعية، كالزلازل والفياضانات والجفاف والأنحباس الكربوني…، وهي في جزىء منها كذلك، لكن ليس زلزال الحوز مثلا سخط من الطببعة او من الله على المنطقة وناسها، وانما هو سخط الدولة/ النظام النيومخزني و موات المجتمع المغربي والعالم المنغطرس حيالها وعليها، بما يوفر -او لا يوفر- من مسؤولية انشاء بنية تحتية ومن احتفاء ضروري بالانسان،…فهي نتيجة، في الاخير ، لتغول الرأسمال الدولي الربحي، و تواطؤ المحلي معه، في استغلال واستنزاف الموارد والخيرات والبشر…. و ذهب طاطا،…وقبله، ذهب السعديين المغاربة..!! عجب لبلاد لا تملك جبالا، معدنا للذهب، كفرنسا مثلا، و لها من احتياطه العالمي الكثير..؟!

وفي المحصلة، فذاك لأنه من طبيعة الرأسمالية العالمية-الصهيو- غربية والوان الايتعمار والاستبداد أن تدمر الكون باستمرار لخلق شروط انطلاق وبناء جديد “خلاق”، لخلق قيمة تريد احتكارها لصالح اقوامها، فقط، هدفا ووسيلة في آن، لتغيير خريطة العالم، ومنه شمال افريقيا والمغارب، ومن اجل انسان وشعوب مستهلكة، غير منتجة، بالذات، لا تقاوم، فلا تعمل على خدمة مصالح اقطابها- الأساس.

استجابة لطلب الإدارة اليمينية عبر العالم، وقيادتها المتطرفة، أكان في الولايات المتحدة، اليوم، أو في فرنسا، لولاية اخرى، مع ماكرون، حيث اصطحب هذا الاخير إلى المغرب، أثر زيارته الاخيرة لبلدنا، من بين اخربن، السيد برنار لليفي( ولد في 1948 بستيف/ الجزاءر ، له الآن 76 سنة)، وهو من بين الشخصيات المرموقة و الأكثر تأثيرا اليوم في سياسات حكام العالم العبري المسيحي المحافظ الرأسمالي المازوم. و قد كان من بين الشخصيات الاستشارية المرافقة لماكرون، حتى أن هناك من يتوجس لحضوره النحس معه ( انظر تدوينة اليحياوي يحيى)…ومن اراء الفلاسفة ” الكبار” المبررين للابادة الجماعية اليوم، و الموجودين حتى من مدرسة فرانكفورت النقدية الألمانية، كيورغن هابرماس….

… ولم يتم التفاخر بنخبنا الفكرية، الأدبية والعلمية، حق قدرها، إذ همشت وظلت غاءبة او مغيبة، وكأنها ليست بقدر المقام، والند للند، وخاصة من طرف قادتنا، وحتى لما ذكر بعضها، قد يكون ماكرون اشاد بكاتب فركفوني مغربي كبير، كالطاهر بنجلون، مثلا، وهو الذي ادان المقاومة في غزة، منذ البداية، و بدت الحاجة عادية إلى ما يمكن ان يسديه “الديوان الملكي” ، لوحده، سرا ومن خلف جدار، من توجيه و استشارة مباشرة وكافية – ودون وساطة حكومة أو احزاب- لحكام/ قادة بلدنا! فبدى ماكرون الشخصية المخنثة المركزية، خاطفة الاضواء، بلا منازع و من قلب قبة البرلمان، من على “مقعد ملكي”، وبجانبه السيدة حرمه/ العاءلة، محتكرا للمشهد السياسي/ الرمزي، نيشان مع “ممثلي الامة”، قالوا..!!

كما انه الليفي، وهو الذي يفتخر بيهوديته- صهيونيته ( انظر ويكيبيديا )، قدم خطاطة ترابية- سياسية عالمية، ما يهمنا مباشرة فبها، الدعوة الصليفة لتقسيم وتفتيت البلدان العربية الاسلامية، ومنها للتءكير المغارب، والمغرب، في ما يهمنا، وذلك إلى وحدات عشاءرية، دويلات/ كانتونات طاءفية- قبلية، ليس ولن تكون لها من مقومات الدول العصرية أي شيء ( الصناعة، الإنتاج الحربي، العلم والتكنولوجيا، الصحة والتعليم والتكوين والسكن، الخ..) . اكثر من ذلك، انه يحاول -على شاكلة من يدعون اليوم ب”الفلاسفة الجدد”- اجتراح تصور و اقتراح و تصيد فرص او تأجيجها، وحتى التنظير لها، خدمة لحكام محافظين جدد، ستتوسع رقعتهم، لا محالة، البوم، رويدا رويدا، بقيادة امريكا- ترامب، البزنسمان والصلافة، اليوم.

كما أن هذا الاخير لن يترك الفرصة تضيع منه، ولا فرنسا الشيطانة أن تستبقه، لطلب حقه من الكاطو، بمجرد اعتلاء ااسلطة، ولن تكون لبلدنا الجرءة لقول لا، وقد يتم تسويغ موقف رسمي على مقاس مثالحنا، كإتمام مابدءه “الزعيم ترامب” في ملف الصحراء المغربية، تماما كما فعلت القوى الاستعمارية الكبرى، ذات مؤتمر الجزيرة الخضراء/ 1906..!! وسنضل نعيد “البلادة” والضعف والتردد والهجانة… مرتين، وأكثر، دون استفادة حقيقية، أكان في السياسة او الدبلوماسية، أما الحروب فتستدعي الرجال والمدارس العسكرية الخاصة .!! لأنه ما حك جلدك مثل ظفرك…!!!

و للعلم، فبرنار لليفي تلميذ لماسينيون لويس (1883-1962)، الاسلامولوجي الشهير والخبير العسكري والدبلوماسي….والأستاذ….
وهو الذي حضر لاستراتيجية الغرب تبريرا استشراقيا إيديولوجيا مغرضا، تشكل اعتمادا على علوم التاريخ والانتروبولوجيا والسوسيولوجيا….لخدمة مصالح استعمار جديد.. !!

والحال ان ملامح الاقتراح/المشروع الأولى تأسست بداية التسعينيات/ 1991-1993، كصياغة متجددة لسايسبيكو اولى/ 1916، حيث كثر الحديث -حينها – عن صراع الحضارات، واستهوال أحوال و افتعال سلوك نشطاء الإسلام والمسلمين، مع كل من فوكوياما، وصمويل هنكتكون، وحتى المهدي المنجرة، في ما يمكن اعتباره “استهوال معاكس”!!!

هكذا، تعاضمت الاسلاموفوبيا انطلاقا من تعبئة كولونيالية لغوغاء عرببة- شعبية- مسلمة على الفطرة، فقيرة، مسترخصة الجهاد في سبيل الله والفلس، عملت على افشاء تصور فض خاص للاسلام/ الوهابية، من جهة، وتحضير الرأي العام الغربي وإعداده وتخويفه بالذات، لتحمل وامتصاص “الضربة المنتظرة/ المفتعلة”، اكان في افغانستان ضد السوفييت، او في 11 نونبر 2001، او ما تم عندنا بمراكش والبيضاء، بداية الالفية، التحول المرتقب ( قانون الارهاب،….)، من جهة اخرى.

انه نفس التحليل الذي يسمح بفهم اولي لكل ذاك الاعتقاد الاخرق و التنطع المهزوز- الذي يكابده العدو الإسرائيلي لهزم “غير مشروع ولا مقبول ولا ممكن” للمقاومة الفلسطينية اللبنانية ….البطلة! مثال على ذلك، ما قدمه وتبجح به نتنياهو من داخل الكونجرس الأمريكي/ بايدن، من خرائط توسعية ناكرة لحقوق أصحابها الاصلية، ومن اظهار فظ للخارطة المغربية دون صحراءها، وهو الذي يظن جازما أن لا مناص من تدمير شعوب البلدان العربية- الاسلامية، بدء بفلسطينن ومرورا، كما نرى اليوم، بلبنان المقاوم، وهلم جرا….

….و هو الذي يدعو لفعل ذلك بلا شفقة ولا رحمة، تيمنا ب”جهل” برنار لليفي، حسب تعبير وصفه به الفلسطيني الفقيد ادوارد سعيد، برنار هذا الذي يعتبرها شعوبا متوحشة، يجب البتر بها قبل أن تغزو العالم المتحضر اليوم قبل الغد، ….قبل أن تدنسه..!!!

…و هو الذي اتى الى ليبيا-الرببع العربي مقدما خدمات على طريقته الخاصة، (انظر ويكيبيديا)، معتبرا إياها أن لا ولن يمكن أن تكون يوما “ديموقراطية”، هكذا يدعي المحافظين الجدد، أينما كانوا، وحلوا وارتحلوا…. !!

ولابد من التذكير ان لهذا الفكر التقسيمي- الاستاصالي رواد ومفكرين، اصل وتاويل ليس في التوراة، عند الصهاينة، فقط، وفي الاديان عنوة و عموما، وإنما في عالم الفكر والفلسفة والانتروبولوجيا والسوسبولوجبا الاستعمارية، فضلا عن فحوى تقارير الاستخبارات والجوسسة..وخيانة الأنظمة…

بالفعل، نذكر بلويس ماسينيون، وهو استاذ برنار لليفي، بحيث تكون الخارجية الأمريكية قد اعتمدت خطة هذا الاخير الاستراتيجية، و لعلها بدءت في تنفيذها، منذ زمان، كتقسيم السودان وغيره، حتى في عوالم اوروبية- شرقية.

فمنذ 1956، على اثر ندوة علمية- سياسية بقناة السويس/ مصر، كانت بداية تصور الطرح الهيمني والتجزيءي على مقدرات العرب والمسلمين والعالم، وفق “مبدىء فرق – تسد” الاستعماري المعروف . ويمكن اعتباره دون مجازفة كبيرة مشروع في طور التنفيذ، عبر العالم ( سايسبيكو الثانية).

كما أن أصل ما تدعو إليه الخارجية الأمريكية/ السياسة الدينية من ابراهيمية وصوفية وتسامح ديني وثقافي، الخ، تجد جذرا لها عند ماسينيون لويس، بالذات، وفد سبق ان نظر لها، وهو الذي عمل على شخصية حسن الوزان/ ليون الافريقي ( انظر كتاب امين معلوف…)، وتعمق في دراسة الحلاج، الصوفي، أثر إقامته بالعراق.

ومن المعلوم أن الصوفية ليست لا إسلامية ولا مسيحية ولا غيرهما، كما هي الصه#يونية، اليوم، مورقة، ليست بالضرورة يهودية، بل بامكانها تغيير الجلدة، فتكون مسيحية الاصل وعرببة ، أو ملحدة او علمانية، وغيرها، في وامتداداتها، وحتى سلفية دينية “مسلمة”!، وإنما “صوفية” يمكن أن تعتمدها كل الديانات التلاث، بحثا عن ما يجمع ببن المتدينين، ودرء لما يفرقهم، ويخالفهم عن ما دونهم!!

كما ان تعامل الغرب مع الثورة الإيرانية/ 1979، له تنظيره وما يبرره، لعله من خوفه تقارب البلاد الثاءرة على نظام الشاه، قادة ومنظمة “مجاهدي خلق” الشيوعية من المعسكر الإشتراكي/ السوفييتي، انذاك. وهو الغرب الذي يعلم- بالتمام والكمال- امكانية تسخير عداوة حكام السعودية، ذات الحكم العائلي الملكي، ضد الحكم الجمهوري الايراني، لا حبا فيها و إنما لتقيه شر البلية!

كما عمل المخطط الجهنمي على تأجيج حرب الاخوة الأعداء، ايران والعراق، ورأى فيها فرصة سانحة لتقليم اظافر ايران المسلمة الثاءرة، و فرصة لتدمير العراق العلمانية، وظل يتمنى حروبا أخرى، سايسببكو-1916 ، ثانية، في المنطقة، والحرب السعودية- اليمنية، خصومة المغرب/الجزائر عبر البوليزاريو، و”الحرب العرقية الابادية الجماعية” الضالمة والمقرفة، اليوم، في غزة وجنوب لبنان، امثلة على ذلك، بإشعال واختلاق التوترات، وتأجيج تناقضاتها، واذكاء التناحر بينها، واستثمار اختلافاتها العرقية والطائفية الدينية، فيها.. !

الغرض من كل ذلك، تفتيت وتفكيك دستوري، حتى، لاوصال البلدان العربية- الاسلامية. ويبدو اكثر من أي وقت مضى ان الغرب المسيحي العبري الراسمالي أخطأ مكان وزمان استهداف فلسطين، وأن طال العدوان الصهيوني لما يناهز الأربعة عقود، و ليتضح خطىء وظلم وخطيءة الرهان الامبربالي على استيطان “ارض حرة” لأصحابها الانداد-السناور…!!؟

وقد يفتح آفاقا مقلقة، وهجرة تلو الهجرات المشبوهة اللامتناهية، “لقوم- نجس” ابوا الا يتنصلوا من تخلف وعنصرية التصهين المشؤوم..واعتماد المواطنة “الحقة” !!ا أما الاديان، فهي، قبل وبعد كل شيء، للله، للانسان..!! ام ان “التيه الابدي” قدر من لا ارض له !!؟( يتبع)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى