وجهة نظر

أوكرانيا، الخسارة الاستراتيجية!-محمد العربي البقالي

ماذا يعني أن يعطي بايدن في هذا الوقت بالضبط الضوء الأخضر لزيلينسكي كي يستعمل الصواريخ الباليستية الأمريكية ضدّ الأراضي الروسية؟

لو تأمّلنا في المدة التي بقيت لبايدن في البيت الأبيض والتي لن تتجاوز الشهرين، وفي تصريح ترامب الذي قال فيه أنه سينهي هذه الحرب في ظرف وجيز، سوف نعلم علم اليقين أن قرار بايدن يهدف إلى وقف الزحف الروسي نحو قضم مزيد من الأراضي الأوكرانية قبل انطلاق مفاوضات وقف الحرب بينهما.

ذلك لأن العالم كله وتحت قيادة ترامب سيدفع زيلينسكي إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات، هذه المفاوضات التي أسميها “مفاوضات الخسارة” إذ أن زيلينسكي سيفاوض على خسارة أوكرانيا، وستحصر المفاوضات في حجم الأراضي الأوكرانية التي سيسلمها زياينسكي لروسيا وستصبح روسية خالصة.

إذاً نحن أمام خسارة استراتيجية، بحيث لن يكون الخاسر الوحيد فيها أوكرانيا، بل الخاسر الأكبر سوف تكون المجموعة الأوروبية، ذلك وبالإضافة إلى خسارتها لمبالغ خيالية استثمرتها في هذه الحرب، فإن خسارتها الكبرى تكمن في تعطيل اقتصادها وتعثره في هذه السنوات بسبب فقدانه لموارد الطاقة والتي كانت روسيا المزود الأول لها لهذه المصادر كالغاز والنفط، وخاصة في حال ألمانيا التي تعد دينامو الاقتصاد الأوروبي والتي تضرر اقتصادها كثيراً بفعل اغلاق أنبوب الغاز الروسي، ويكفي هنا للإشارة إلى ذلك ان نذكر ان مبيعات شركة فولزفاكن للسيارات تراجعت بنسبة 28% بفعل تراجع الانتاج نتيجة تقلص موارد الطاقة المشار اليها.

الخسارة الاقتصادية للمجموعة الأوروبية تتمثل في تراجع القدرة التنافسية لاقتصاداها في مواجهة دول كالصين، بحيث أن هذه الأخيرة لم تتوقف عجلة إنتاجها طيلة مدة الحرب على عكس المجموعة الأوروبية، هذا ناهيك عن الأسواق الجديدة التي اكتسحتها في هذه المرحلة، صحيح أن الحرب لم تكن كلها خسارة بالنسبة للأوروبيين، فقد غنموا كتلة بشرية مهمة نزحت إليهم من أوكرانيا والتي سوف تدعم سوق العمل وكذا النسيج الاجتماعي، خاصة إذا علمنا ان معدل الولادة بالقارة العجوز في انخفاض مقلق، لكن هذا لا يساوي شيئاً مقابل الخسارة الاقتصادية الفادحة التي تكبدها الاقتصاد الأوربي، والتي ستنعكس حتماً على القدرة الشرائية للمواطن والذي سيفقد مستقبلا مزيداً من حقوقه الاجتماعية بسبب ذلك.

لذلك فإن خسارة أوكرانيا ومعها الأوروبيين للحرب، سوف تكون خسارة استراتيجية وليست خسارة حرب وأرض فقط.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى