الجيوسياسيا تليق بالنهضة….لكن اولا وقبل كل شيء بالحرب والإبادة العرقية الجماعية… والمقاومة، ايضا/ الجزء الثاني

تابع كلمة الأستاذ عبد الواحد حمزة ( الجزء الأول من القسم الثاني والاخير) في قراءة وتقديم مؤلف الأستاذ مصطفى المعتصم، دول في مهب التحولات الجيوستراتيجية، المغرب.
II: رهانات المنهج والمحتوى الجيوستراتيجي لكيانات في مهب الريح
تطرقنا في القسم الاول من هذه الكلمة إلى اشكالية المؤلف/ الكتاب، في الجيوستراتيجيا، فقمنا بتعريف مقتضب لها، كشان ديبلوماسي- عسكري للدول يطبع اختياراتها السياسية الدولية، واشرنا- مرورا، الى بعض من بيوغرافيته، وسياقاتها، حقيقتها ورهاناتها ورمزيتها….وحدودها…وبعض الأسئلة المطروحة للإجابة او الحوار مع ضيفنا الأستاذ التهامي المعتصم، والتي قد تساعد في تظافرها- على فهم بعض من اهتماماته السياسية والاستراتيجية المتشعبة (….)، ونود في هذا الجزء الثاني والاخير الانطلاق من ما طرحة بشأن المغرب والجزاءر، لتاكيد ضلوع نخبهما المسيطرة بشتى ألوانها في تدهور وتكلس وازمة هذا الشأن العام ، تحت إمرة قوى عضمى، على رأسها فرنسا، وهو بعض مما طرح من مواد منهجية و اخرى في المحتوى، لمناقشة بعضها مناقشة نقدية، ونزيد…
التلويح المرضي بالحرب واذكاء القلاقل واختلاق العداوة الرخيصة والبغضاء اللعينة بين الشعوب، شعبينا، إحدى آليات الحكم بموضا الفوضى الخلاقة/ الهدامة، وما تسمح به من إنعاش جدلية اجتماعية وطنية وإقليمية سياسية عقيمة، لاتلبت أن يراوح اهلها مكانهم، تفاعلية بءيسة تخدم استقرار انظمة سلطوية استبدادية كارثية ودول/ كيانات ضعيفة، تابعة واوتوقراطية ومتخلفة في المنطقة…ونود أن نطل على الجيوستراتيجيا من باب الحرب والصمود. وهو ما جعلنا نفترض أن بلدنا والمنطقة والعالم يعرف وضعا جيوستراتيجيا لا سابق له، يليق بنهضة الأمة العربية- الاسلامية، لكنه موضوع حرب وابادة قاتلة، لا تخلو من مقاومة، هي اخر عصا الروح المقاتلة.
II.1 : بعض ملابسات جيوسياسية بين حكام المغرب والجزائر….في حضن “مام فرنسا
والقوى العضمى
سنعالج في النقطة الأولى بعض العقائد الحربية، الأمريكية منها والصينية- الروسية، خاصة، كعقيدة لاستيراتيجية وتكتيك مرنين، تقتضيهما ضرورة التموضع بسلاسة في المجال الجيو ستراتيجي التنافسي الدولي، تعتمدها عادة دول وامبراطوربات قديمة صاعدة، ثم في النقطة الثانية ما تثيره فزاعة الحرب والدمار ، مثال سوريا وغزة، من تخويف وهلع لدى الرعايا/ المواطنين/ات من إعادة دمار/ تدمير البلاد، في ما هو عليه صراحة امر بعض الأنظمة الاستبدادية، الراهنة، الموضوعة على رأس الكيانات المهددة بعاصفة الطوفان و بالانقراض وإعادة الهيكلة للتراب والحكم….
.1.1:
“II فن الحرب او الإستراتيجية والتكتيك الناعمين ضد الابادة الجماعية
تأمل الوضع الجيوستراتيجي العالمي يدعو مسبقا إلى تامل مبادىء احدى امهات الكتب في موضوع الحرب، القديمة منها، ككتاب الحكيم الصيني سان تزو Sun Tzu، وهو الستراتيجي الواقعي ذو المنشور الميسر والعميق النظر ، في آن، والذي كتب مؤلف صغير ما يزيد الآن عن 500 (خمسمائة !) سنة قبل الميلاد، وهو من أهم الكتب التي أسست لمبادىء الاستراتيجية والتكتيك الحربي، على الاطلاق، او على الاقل يعتبر من احسن مقدمة -وأعذب ترياق- وأسرعها لدراسة الحرب! ، لا يضاهيه في ذلك الا كتاب وتنظير كلوزويتز Clausewitz الذي ظهر قبيل الحرب العالمية الاولى، المناصر للمثال العقلاني، الرابط لهدف الحرب بالوساءل.
انه المؤلف الداعي، على الأقل في بعض تاويلات وقراءات بعض مريديه المتطرفة الاولى، وفي سياقات جد خاصة، كظرفية المد الثوري ابان الثورة الفرنسية، او انتصارات نابليون، حينذاك، او انطلاق الصين الماوية كقوة عسكرية دولية ..، إلى العنف المطلق و اللامعقول، في أبعد حدود الحرب / الإبادة ، من النوع الذي تنهجه اسراءيل اليوم على غزة و القطاع ولبنان وسوريا …في افق اسراءيل الكبرى، والتي وقفت امريكا اكثر من مرة مناصرة اياه باعلانها الفيتو في الامم المتحدة، و هي العداوات التي حفزت النشطاء والدول الحرة و المحكمة الدولية، ووضعتها أمام مسؤوليتها التاريخية، لادانة نتياهو ووزير حربه السابق، غالنت،….في افق شجب كامل، يوما ليس ببعيد، لكيان اسراءيل، برمته.
ولاشك أن تطور السلاح النووي كوسيلة للانتحار والإبادة العرقية-الجماعية، فضلا عن التهديد -اليوم- بحرب نووية بين القوى العضمى، على ارض الاوكران أو ما يسمى بالشرق الأوسط، وما يهدد الكون برمته، هو هو ما دفع بترجمة وتأويل أكثر عدلا- نسبيا- لفكر سان تزو الحكيم، و الى تلطيف رؤى كلوزويتز ومن اولوه تاويلا مغاليا فيما يضع -اليوم أكثر من البارحة- القانون الدولي و الفكر العسكري والإنساني، برمته، على محك الحياة على كوكب الارض، باجملها..!! جاعلا الهدف السياسي اولوي، مقارنة مع القوة العسكرية..!! ومن اخضاع العدو دون حرب واحد من اعلى مبادىء وفنون الحرب، بتجنب القوة ما امكن، وهو ما تاقلم تقنيا دون تغيير الفحوى الدرامي للحرب، وفق ما نعرف اليوم باسم الحرب الباردة او النظيفة- الرقمية، ولبضع ايام او ساعات، فقط.. !! باعتماد المباغثة ومواجهة الخصم في نقط ضعفه و حالة ارتخاءه….حسب سان تزو.
ونذكر هنا ، كمثال، رسالة السلطان السعدي لملك البرتغال / الشاب ينبهه فيها أن لا فاءذة من حرب سيهزم فيها الملك الشاب /القليل التجربة، وأن الحرب الطويلة لن تكون في مصلحة أحد…، حسب تعبير سان تزو، وقد ادى بهذا الاخير/ الملك الشاب غيه و سطحية نظر النخب الداءرة به ومن حوله ، إلى هزيمة نكراء أمام المغرب السعدي. ولازالت الرسالة تدرس كوثيقة حربية نادرة ومهمة في كبريات الجامعات والمدارس العسكربة، اليوم…!!وفي ذلك حكايات، حتى أن صحبي سال الرسول محمد (ص) يوما عن احسن الحروب، ليجيبه هي هي الحروب التي لا نرى فيها العدو ولا يرانا !، تفضيلا للسلم عن سواه، واستحضارا -لاشك- لموازين القوة ومن بعيد..او قريب…!!
وفي هذه الحكمة التدبرية لويلات الحرب ما قاله سان تزو، اساسا وايضا، وبالذات، حيث ان سر التفوق في الحرب يتطلب معرفة ومعلومات مسبقة عن العدو، تحييد حلفاءه، فهم نقط ضعف الذات والاخربن، أي تقييم قوة وضعف النفس والعدو، والتحلي بالمرونة، اذ هي تمنح افضلية، تنضاف إلى كسب ثقة الفريق وقيادته نحو النجاح والانتصار، بأقل كلفة ممكنة…!
II.1.2: وضع “اللاحرب” لمعاودة الانظمة الحاكمةولقهر الشعوب
(…) حتى أن “طبول الحرب”/ طبول بجلود باردة وبخيوط مرتخية..!!، بموجب حق وحقيقة او بدونهما، باهتمام قادتها/ الصف الاول او بدون أدنى اهتمام، تدق الدفوف من بعيد او من اعلى بين الجارتين/ الاخوة-الاشقاء في تقاطع قل نظيره: الشعوب، من جهة، و بين الأنظمة الاعداء، لها، لشعوبها، طولا وعرضا، من جهة اخرى.
وقد بدت مواقف حكام دول هذه المنطقة، في مقارباتها الشكلية، تابعة لمراكز قرار برانية، من جهة، و ضد مجتمعاتها، ومن ذاك إذكاء الفتن الاستعمارية الداخلية القديمة ( بربر/ عرب)، منها والجديدة المختلقة، لتجزيء المجزىء ( يهود، مسيحيين!!!، بهاءيين!!، دروز…!!!.) ، ولتكسير اللحمة الوطنية الموحدة، وتسهيل حكمها وتطويعها، حيث الدولة هي هي من ضد المجتمع، وليس العكس، وتحضير حتيت له ليتقبل مصيرا مجهولا/ ولاستقبال معهود، مما يعني غياب الديموقراطية والشفافية أساسا، واحتكام السلطلوية على البلاد والعباد، وهي وجهة نظر، أو العكس،….كلما سمح الانفتاح النسبي للانظمة بتطعيم الأمل لدى الشعوب، من جهة اخرى.
و قد تحيي هذه الاخيرة ألوان من الأحقاد على دولها، ذاتها، اذا هي تراخت في سد الحاجيات المتعاظمة لدى المجتمع/ الشعب الصاعد ( انظر عبد الرحمن رشيق، المجتمع ضد الدولة، المغرب، 2016، انظر ايضا سعيد بنسعيد في حوار خاص بصوت المغرب، مجلة رقمية 2024)، من جهة. والحال ان الحكام يتبادلون التحية- “من تحتها” ومن وراء جدار – و الخدمة والمصلحة المشتركة، في الاستقرار السياسي لتلك الانظمة، وكذا الحرص على أساسات التنمية الاقتصادية- الاجتماعية الهشة، حيث يتم تسويقها والنفخ فبها، على انها دول وحضارات عظيمة، من جهة اخرى.
قد يموت الجند/ الفقراء من أجل الوطن، هنا وهناك، في تلك الحروب السابقة، ويضحى بهم، أو يفنى الثوار “دون مجد” انظر بنونة، ثورة بلامجد، أو ايضا صاحب رواية “المغاربة”….) حقيقي ( حرب الرمال 1963، أو قبل وبعد وقف اطلاق النار في الصحراء المغرببة،…)، ويقال حينها، ماتوا شهداء و أبطالا، وينسوا او حتى ينكل بهم ( انظر تقاعد الجنود ووقفاتهم أمام البرلمان المغربي،…)، للتو، اذا كانت الضرورة والفائدة من ذلك. فحتى ان المغرب ليس 40 مليون، كما كان منتظرا لدى العموم!، وحتى لدى النخبة الموالية، وهو انحذار ديموغرافي خطير، لأن البشر ثروة، اذا احسن استعمالها، بحيث زاد حجم الساكنة الجزاءر بتلاثة وثلاثون % مقارنة مع ساكنة المغرب، من السبعينات إلى اليوم.
لكن الأنظمة الحاكمة قد تظل مسيطرة إلى حين، تسند بعضها البعض، مطيعة لاسيادها، مؤجلة استبدالها او سقوطها المدوي، إلى حين، وقد بدت اليوم كيانات بدون حلفاء حقيقيين، في أفق تشكيل عالم جديد، شرس المنافسة والضوابط والتكييفات القانونية الدولية، لن يكون بالضرورة عادلا بالتمام والكمال، ولن يرحم الضعفاء، حتما…!!.
ذلك أن كل ما يضر الجزاءر، مثلا، يضر المغرب، كانظمة، تربع فيها المغرب على سلسلة امبراطوريات لسلالات عظيمة، فيما الجزاءر ظلت- لحد اليوم- تعاني من عقدة تاريخها الضاءع، ، تاريخ لاتعرفه، ومن ضعف بنيات دولتها، وهي التي حوكمت بمايناهز الماءة وثلاثون سنة، من طرف فرنسا، وقبل ذلك، المرور المؤثر من طرف الاتراك، وغيرها من اسبان وبرتغال، فضلا عن الحضارات القديمة، مثلنا، الخ، و ما يهم اليوم هو ان كل ما يقدم من خدمات رسمية للبعض- البعض يساهم ، فوق كل هذا وذاك، في دوامها، كانظمة، معا او كلاها…، تنفيذا لطغمها المسيطرة و لسلط عليا و اوامر عابرة للدول، ما- فوق-“مدبري الحكم” فيها، مباشرة و بالتتابع، ….
ولذلك تراها وأن أقامت الدنيا و اقعدتها، واكثرت اللغو، هنا وهناك وفي الخارج، من طرف جوق اليوتوبرز والبلطجية، المعبىء للمهمة، وبارتزاق، وأن كثرت اطماع بعض طغمها اللقيطة خارج منطق العصر الراهن والتاريخ، وتمت الاشارة، مثلا، لا الحصر، الى أن مدينتا تلمسان و وهران مدينتين مغربيتين ( تصريح الصحفي الجزاءري المخضرم بوعلام صلصال،.. 2024)، والحقيقة التاريخية الدامغة، ان سلطة مغربية حكمت فعلا غرب الجزاءر بين 1830 و 1832 ( إبراهيم ياسين، 2015)، او تحصل الجزاءر عهد الاستقلال هدية الصحراء الشرقية، قد تحتضن جمهورية البوليزاريو، اختلاقا، وتطبيقا لتوصيات سايس بيكو، وتجاوز ترسيم الحدود فجر الاستقلال المنقوص، او امكان فتح ممر الى الاطلسي، في ضرب صريح لسيادة المغرب -كشعب- على كامل ترابه الوطني…..واختلاق “حروب لاءقة- مشرفة- bonnes guerres، هنا وهناك، لدعم الإنفصال المزعوم في الريف المغربي، او بالمقابل المر، في “تيزي وزو” القباءلي- الجزاءري، الخ.
كل ذلك يساعد فعلا -سياسيا و عمليا- على تخفيف الضغط الشعبي على الحكام/ الأنظمة، بتدوير الإهتمام الجماهيري، هنا وهناك، وكذا تخفيف وتاجيل ثقل ومسار وافق الدينامية الاجتماعية- السياسية بالجوار، او عندنا، من جهة، و تسهيل الانتقال و اداء الحكم، هنا، من جهة اخرى. يبدو انها “دول” في حضن امها، فرنسا بالأساس، و ماتمرة باوامر القوى العضمى، لم تفطم بعد من التبعية والخضوع، لا تملك في الاخير قراراتها بيدها، كأن تعلن رسميا الحرب، مثلا، إذ هي تبدو كيانات وظيفية، لا أكثر!!!
فهي لم تلبث أن قدمت العون لبعضها البعض، عبر التاريخ الراهن، وان تنكرت أحيانا كثيرة لذلك، كلما دعت الضرورة لذلك، لتجنب القلاقل من كلا الشعبين، وتأثير بعضها البعض الأكيد، حول إشكاليات التنمية او الديموقراطية، مثلا، لابقاءها انظمة واقفة على اختيارات لا ديموقراطية ولا شعبية، من خارج ( حال الجزاءر والمغرب، تونس….).
وكم مرة اختلق الطرفان انشغالات و أكاذيب و أوهام وسينما (….) ووظفت يوتوبرات واعلام تعاكس الحكام، و خططت لبلطجة همجية لذلك، في الداخل والخارح، لزرع الخوف والرعب والمسكنة والذل بين ظهراني مواطنيها، الرعايا، واستعبادهم الدائم، وقد ولدوا احرارا…ام عبيدا….!!!.
ذلك مايتم التوافق عليه، لخلق شروط “التكور على الذات/ خاوا- خاوا، مد يد المصالحة..” والتاخر واستدامة التبعية والتاخر، شرط الانسجام الداخلي المصطنع لامة، والتحكم فيها، ضد عدو خارجي وبراني، هلامي، وأحيانا كثيرة، عدو “وهمي”، و لاجل نسيان المشاكل الحقيقية، البنيوية، و الازمة المكرورة التي تعيش فيها هذه الشعوب، بالذات ….!!
وقد يكون افتعال موضوع الحرب بين الجارتين من قبيل تلك الموضوعات المختلقة التي تجمع لحمة المواطنين، من هنا وهناك، في الداخل، ضد عدو وهمي خارجي، مختلق، اليوم….ولا نظن بتاتا أن قرارا من هذا النوع يمكن أن يعلنه وزير سيادة، اكان في الخارجية او غيرها، على اثر انعقاد لجنة برلمانية صورية، ولا حتى يمكن لاقطاب الدولة العميقة- ببلادنا- أن يتحملوا جسارة القرار، إذ هو أمر سيادي- أساسي، يتطلب رأي وقرار وتخطيط أعلى سلطة للحكم…الملك، باستشارة او تاجيل، او تحت أوامر قوى عضمى ذات المصلحة.
و هي الديماغوجية التي قد تساعد على استقرار انظمة استبدادية، قد تفضل شعوبها الخنوعة ما تعيشه، الان وهنا، بالرغم من قساوته وماساته، خوفا على أن تحصل-على اثر التغيرات والتحولات والثورات- على ما هو غير منتظر و لا هو في الحسبان، في نظرها المبتذل، لتعاضم القمع الممنهج، و هو ما يرجع لفقدان الجبهة الشعبية الوطنية العقلانية، ولتدميرها، بالذات…، من احزاب ونقابات، وغيرها..
وقد يصعب فهم ما جرى، لمن لا يعرف في قوانين علم الاجتماع السياسي، وفي التاريخ السياسي للاوطان، من ضرورة خلق عدو خارجي وقت الازمات، كما قد يكون من الممكن ان يقع ونراه اليوم، ايضا، لما أجلت و صدرت يوم عيد “جزاءر بومدين” 350000 مغربي/ 75 الف عاءلة من أصل مغربي، إلى المغرب، وما أحدثه ذلك، عكس ما يمكن تمثله، من تقوية الحمية الوطنية المغرببة، وما لعبه ذلك من دور في استدامة الحكم بالمغرب، وقت الأزمةالمنبءة بالتحول المحجوز، بالذات. وهو عكس ما قد يتبادر للذهن، من أن الفعلة الجزائرية الرعناء لا يمكن ان تخدم النظام المغربي، بتاتا، وإن كانت الضربة موجعة -فعلا- على كل المستويات للمرحلين قسرا…. لازالوا لحد الساعة يتكلمون عن الجراح الثاخنة ويحاولون الانتظام في جمعيات لمطالبة الجزاءر بالحقوق…….
كما أن إجهاض الانتقال/ الديموقراطية في الجزاءر/ العشرية السوداء، وتصفية ما يزيد عن أربع مليون جزائري، بإيعاز من حكام فرنسا، لم يخدم ويطيل عمر الا حكم العسكر المستبد والعائلات الاقلوية الكبرى المستفيدة من إعادة انتاجه، واامختبءة من وراءه، ومنها العاءلات اليهودية الحاكمة !
كان بإمكان قلة تجربة التسيير أن تكون كافية للإطاحة بحكم الاخوان، لغياب الأطر التقنية لديهم، وابعاد “الرعايا” المديد من تجسم تحمل المسؤوابة العمومبة في البلاد. لكن ما تم ضياعه حقا هو التناوب في الجزاءر، وإلى حد ما في المغرب، الاجهاز على الانطلاق الحقيقي لصيرورة الديموقراطية، وتعلمها…، بإيعاز من ماما فرنسا، والقوى العظمى وطوابيرها في الداخل ! وان كان الحسن الثاني، بدهاءه المعهود، قد شجع على التناوب في الجزاءر، لاجل التفرج على المسرحية والتعلم منها، إلا أنه كان يرفض اعتماد الديموقراطية مباشرة في المغرب، إلا الطبعة “الحسنية”، منها، وعانى المغاربة سنوات الجمر و الرصاص، ولا زالت الحراكات الاجتماعية خامدة، هنا وهناك، كالجمر في الرماد، منذ خطة/لعنة/مفاجأة كوفيد 19 إلى اليوم، في انتظار فرص سانحة للتحرك السلمي، او غيره، من أجل التغيير او الانعتاق بالثورة…!
والدليل على صحة هذا النظر، في ما يخصنا مباشرة، أن بلادنا- المغرب- كانت مختنقة ذات 1975، بالضبط بعد الانقلابين العسكريين المزعومين الباءدين (1971/72) ، لتطرح قضية الصحراء المغربية على المحك، فلم يرد الحسن الثاني -حينها- بطرد اي جزائري، وامتص الضربة، و نسيت “بلادنا” كل شيء، او تناسته، ولعل في ذلك خير، ا”…و عسى ان تكرهوا شيء وهو خير لكم”!، او كما تقول نظرية “الآثار الغير المنتظرة”، effets pervers ، لسان سيمون ولرايمون بودون، “الأحداث التي تمشي بالعكس”،(كتاب لرايمون بودون، دار بيف، فرنسا ) واستضاف القصر، حينها، خلسة في ملتقى/مدينة أفران، حظرة السيد بوخروبة، بل واكرمه منطقة بنخيلها وخيلها..، هي اليوم محل اطماع مؤكدة ! في هكذا منطق للاحباب والجورة وختوا خاوا، تضيع الحقوق الوطنية المقدسة : منطق رابح/ رابح للنظامين، قالوا!، وليس للاوطان، وخاصة لتقدم وازدهار الشعب المغربي..، فيما يهمنا، كوطن، ارض وشعب ولغة وعقيدة…!!
و كذا، يلاحظ انهمار واكتساح “طوفان الاقصى” العالمي للعالم، وانطلاقه من فلسطين -المقاومة، منذ السابع من أكتوبر للسنة الماضية 2023، وهو ذو التداعيات الإقليمية والوطنية- المحلية الأكيدة، على شعبينا، المغرب والجزائر، بالذات ومباشرة، و كذا الدولية ( انظر كيبيل جيل، انقلاب العالم، الما-بعد 7 اكتوبر، 2024)..، آخذة على عهدها اكثر من اثارة القضية دوليا و من جديد، ولماذا لا، تحرير نفسها و تحرير العالم من الأحكام المسبقة والجاءرة..! ومن الظلم والاستبداد….والاستعمار والحكرة.. …!!
كما تجب الاشارة الى صعود ترامب المتطرف، جزمة البنتاغون-اليمنى/ البنية العميقة، وهو الذي عرف لحد الساعة-على الاقل- تلاث محاولات اغتيال، فحفضه الله، لأنه يحبه، وهو المسيحي الإنجيلي-الارتودوكسي، من يصوت عليه أكثر من 40 مليون امريكي، كما قال!، جاء لإتمام ما كان قد بدءه من ” مكارم”، قبل بايدن الديمقراطي/ “اليساري”، في مصلحة بلاده، قالوا !، و لاختلاق توترات وإبداع أزمات اخرى عبر العالم، ومنها التضييق على الصين، مثلا،….لتجاوز كبوة الرأسمالية- الكوكبية الخانقة….اليوم…! ولا ندري هل سيمر انتقال السلطة من بين يدي بايدن إلى ترامب بسلام، عدا التلويح الاقلوي البءيس بحرب عالمية تالثة، والتوعد بتوسيع رقعة اسراءيل، ومنها ضم الضفة، مثلا، وما اذا ستسمح “الدولة العميقة العالمية” بتصدر فلسفة سياسته التجارية الصرفة العالم..!؟
وللعلم، فإن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية واحدة تقريبا، خاصة في ما يتعلق بما يسمى “الشرق الاوسط”، والمعروفة بنفس النهج الباني- الأساس، الصهيو-امبريالي، تجاه اسراءيل في المنطقة، الابن الغير الشرعي للغرب، و هي تضع ايران في الهدف، معتمدة تواطىء حكام العرب المطبعين، على “الخاوي”، على الأقل بعد انقلاب السابع من أكتوبر الاستراتيجي.!.
وبالرغم من الدعم المهزوز المتعطل للجامعة العربية/ لقاء السعودية للقضية الفلسطينية، والرهان البليد على كيان ايل للزوال، لا محالة، رغم الحرب والابادة، وهو من عليه سردية “لعنة الترحال” الصه#يونية و الانتقال الدرامي على راس كل سبع عشريات او يزيد، قليلا، منذرا بتغير ضروري في منطق السياسة العالمية ( حاضنة جديدة، الرجوع إلى بلدان الاصل والمنشىء، أزمة و تغيير الفكر السياسي ، تحالفات، محاور،.. )، وقد فتح ثوار سوريا الباب على مصراعيه او مواربا للتحرر، وبسرعة مذهلة، مفاجأة ومخيفة، بالرغم من صعوبة تنبىء المستقبل القريب، عله فتحا جهنميا مبينا على استبداد و فساد الأنظمة العربية- الاسلامية.!
عدا راهنيته، لم يقدم كتاب بوب وود وورد ( 15 أكتوبر 2024) حول الحرب الطارئة اليوم جديدا، مقارنة مع مؤلف سان تزو- الأساس، الذي يعتبر إرثا شرقيا متميزا، عالميا، بامتياز، و لعله هو هو الضروري لفهم العقيدة و الاستراتيجية الحربية العامة لكل من الصين وروسيا، كقوتين بديلتين للسيطرة المتهالكة للولايات المتحدة، اليوم.
وان كانت الصين، ومنذ نظريات ماو تسي تونغ والعسكر الحربية، قد اعتمدت صراحة استراتيجية وتكتيك سان تيزي، وهي اليوم تعرف بسياسة عامة ناعمة ومرنة وصامتة وهادءة وبانية، وحتى اتجاه هونكونغ او الطايلاند، فإن روسيا-بوتين تبدو قوية ومتجهمة إزاء الاوكران، وأن كانت قد أخذت عن الماغول والتتار عقيدة سان تسو وتأثرت بها، إلى حدود معينة.
لقد كانت بالنسبة لبوب وود “غزة/ العزة” واحد من الأبواب التلاثة التي تطرق إليها، بعدما تطرق إلى الحرب الروسية- الاوكرانية، وإلى الانتخابات الرءاسية الأمريكية، وهما موضوعات لايهمان كثيرا ومباشرة شعوب العرب والمسلمين !
وقد يكون بوب ذو العقيدة التحليلية الحربية، على طريقة “كلوزيتز الشاب”، وهو ما نحديه، يتجاهله وجهة نظر سان تزو.!! وهو على ما يبدو أن الولايات المتحدة الامريكية، بمواكبتها العدوان والابادة على شعب فلسطين/ البطل، تكون على دين ونموذج كلوزويتز الحربي الأصلي والاول!
و لا شك انه هو هو البوب الصحفي الاستقصاءي المقتدر، الذي يؤلف كتابا على رأس كل حقبة رأسية أمريكية، وسبق له وأن عرف بكتابه الشهير/”فضيحة واترغيت”، ويضيف إليها -اليوم- في مؤلفه الاخير، فضيحة الحكام العرب المطبعين، بامتياز، مع العدو الص#هيوني، كل من حكام مصر والسعودية و الامارات و الأردن، على اقل تقدير، حيث تمنوا كلهم، وتفننوا في ذلهم، واخفوا لمدة ذلك، وهم يمدون -عبر البر- اسراءيل بالمؤن اللازمة، ليجنبوها حنق الازمة، فيما يحجبون الدعم الانساني ويتفرجون عن / وعلى الغزاويين، اصحاب الارض والقضية. والجميع يعلم كيف يحسم التزويد الحربي بالعتاد و الامداد “الإنساني” بالطعام والدواء والالبسة والسكن… الحروب، تمنوا بكل سفالة ومصلحة ضيقة لو يقضي العدوان نهاءيا او تدريجيا، على المقاومة، مختزلة في حماس، وحدها، على أن لا يرفع الكيان يد بطشه حتى ينتهي اجمالا عليها…وعلى وجع الرأس…!! قفلت مصر السيسي “ممر رفح” و اعطت اسراءيل خريطة للانفاق، فضلت أن لا يعبر الفلسطينيين إلى سيناء، حتى يتم القضاء والإرادة في حق آخر و كل من تجرىء النزوح في اتجاه مصر، هربا او نجدة من القتل….وافشى ملك الأردن لاسياده انه لا يستطيع الجهر بالعداء للمقاومة، لكنه سيفعل اللازم،… الخ.
وإذا كانت الحرب ضرورة حيوية للدول ( سان تزو)، فهي كذلك للدول العضمى، كالولايات المتحدة وروسيا والصين، واخرى صاعدة اليوم، كتركيا وايران، وبعض دول النمور، وقد للتطور دول الا بتاحروب، اسفا، وهي حروب تمشي في ركابها و رجلها الكيانات الصغرى والمصطنعة.
لكن أهم ما يقدمه كتاب الحكيم الصيني هو أهمية ودراسة وتحليل ذلك، ومحاولة إعطاء الحرب عمق وأساس عقلاني، والتخطيط لتسيير العمليات الحربية، وهو ما يمكن كل القادة/ الجنرالات وغيرهم من القادة، لربح ذكي لحروبهم…واخضاع العدو وجيشه دون اندفاع عسكري ضروري، ومن تدمير وسحق، و هو مايعني إسقاط دول دون إراقة دماء لازمة، والتحكم في مدن دون محاصرتها… ويتم لأجل الغرض تعبئة الحزازات والنزاعات الداخلية والاشاعات والخداع والارشاء والأنشطة السرية والانقلابية و توظيف الجواسيس والخونة، لعزل العدو عن حلفائه ومحيطه و حتى خلق طابور خامس،…وهو ما يحسم الحرب حتى قبل بدايتها، او تجنبها أمام عدو مهزوم مسبقا..( الجزىء الاخير لهذا القسم الثاني، الاسبوع المقبل.)”.
مراجع:
.المصطفى المعتصم، دول في مهب التحولات الجيوستراتيجية، 2021/22، المغرب،
.كيبيل جيل، انقلاب العالم، ما- بعد السابع من أكتوبر، 2024، باريس، فرنسا،
. زكية داوود، المغرب- فرنسا، أكاذيب وأحكام مسبقة، 2024، لاكروا دي شومان… المغرب،
. مجلة زمان، عدد خاص 78 عن الجزاءر، 2021، المغرب،
.احمد الطالبي المسعودي الجزاءر، حكاية عشق، 2023، المغرب،
. خطاب ملك المغرب، اكتوبر، 2017، حول فشل النموذج التنموي والتطلع إلى نموذج تنموي جديد، البرلمان، المغرب، انظر ايضا الخطاب الاخير للملك بمناسبة افتتاح البرلمان، اكتوبر، 2024.
. ندوة الاعتقال السياسي بالمغرب بين رد الاعتبار وطي صفحة الماضي، 26 أكتوبر 2024، تمارة، المغرب.
.حمودي عبد الله، حوار ، حول باسكون بول والعلوم الاجتماعية، المجلة الرقمية “صوت المغرب”، اكتوبر، 2024، انظر ايضا درسه الافتتاحي الثاني بمركز الجابري عابد محمد، أي علوم إجتماعية نريد!؟ نوفمبر، الرباط، المغرب، 2024.
. ابراهيم ياسين، سلطة مغربية في غرب الجزاءر، دراسة تاريخية 1830 – 1832, المغرب، 2015.
. ع. الرحمن زكري، مقدمة- عتبة العدد 17, مجلة الربيع، مركز بنسعيد.. ، 2024، المغرب،
.سان تزو، فن الحرب، فلاماريون، باريس، 1999،
.بوب وود ورد، الحرب، 2024، باريس،