وجهة نظر
بيع الأحلام والأوهام عبر مواقع التواصل الاجتماعي-هشام فرجي

في عصر العولمة الرقمية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه المنصات توفر سوقًا مفتوحًا لكل شيء، من المنتجات المبتكرة المختلفة إلى السلع الوهمية. ومن بين الظواهر التي برزت بقوة، تجارة منتجات مثل “اللحسة الصحراوية” و”تحاميل التسمين”، التي تُروّج على أنها حلول سحرية للجمال والصحة والحصول على جسم جذاب. لكن خلف هذه الإعلانات السحرية تكمن حقيقة قاتمة: بيع الوهم، نشر الأمراض، واستغلال أحلام البسطاء.
الظاهرة: تسويق الوهم عبر الإنترنت
تحت شعارات مغرية مثل “احصلي على الوزن المثالي في أسبوع” أو “جمال طبيعي مضمون” او “جسم مكتنز في أقل من شهر”…، تنتشر هذه المنتجات عبر منصات التواصل الاجتماعي، مستهدفة شريحة واسعة من الشابات الباحثات عن أجسام بمعايير جمال مبالغ فيها يُروّج لها الإعلام ومنصات التواصل، وغالبا ما تكون بمعايير مثالية يصعب تحقيقها. حيث يقدم البائعون شهادات مهنية مزيفة وصور قبل وبعد لجذب الزبائن، متجاهلين تمامًا الأضرار الصحية الخطيرة لهذه المنتجات غير المصرح بها طبيًا.
الأضرار الصحية والآثار السلبية
غالبا ما يؤدي استعمال هذه المنتجات إلى مخاطر صحية جسيمة، إذ تُصنع غالبًا في ظروف غير صحية ودون معايير طبية واضحة. فتتسبب المواد الكيميائية المستخدمة فيها في أمراض خطيرة، منها:
– اضطرابات هرمونية قد تؤدي إلى العقم.
– مشاكل في الجهاز الهضمي والكلى بسبب المواد السامة.
– تأثيرات نفسية سلبية نتيجة الفشل في تحقيق النتائج الموعودة.
الرقابة القانونية: غياب الحزم
رغم خطورة الظاهرة، إلا أن الرقابة على هذه الأنشطة تبقى ضعيفة. حيث يتم إنجاز معظم هذه التجارة في ظروف غامضة، يعتمد التجار خلالها على أسماء مستعارة وحسابات وهمية لتجنب تتبعهم. وحتى عندما يتم كشفهم، غالبًا ما تكون العقوبات القانونية غير كافية لردعهم.
دور السلطات الصحية والإعلام
في مواجهة هذه الظاهرة، يجب أن تلعب كل من السلطات الصحية والإعلام دورًا محوريًا في توعية المجتمع بالمخاطر الصحية والقانونية لهذه المنتجات. وعلى وسائل الإعلام التقليدية والرقمية إطلاق حملات تحذيرية، بينما يجب أن تتحمل مؤسسات المجتمع المدني مسؤولية توعية الفئات المستهدفة، خصوصًا النساء.
مقترحات للحد من الظاهرة
1. تشديد العقوبات القانونية: إصدار تشريعات واضحة تجرّم بيع هذه المنتجات والإعلانات المضللة بدون ترخيص، مع فرض غرامات وعقوبات مشددة.
2. تعزيز الرقابة الإلكترونية: إنشاء فرق متخصصة لرصد وتتبع الإعلانات المشبوهة عبر منصات التواصل الاجتماعي،، ورفع تقارير دورية على السلطات المختصة.
3. التوعية الصحية: تنظيم حملات تثقيفية بالتعاون مع الوزارة الوصية والأطباء والخبراء لتوضيح مخاطر هذه المنتجات.
4. تنظيم وهيكلة سوق المنتجات التجميلية: إنشاء نظام تسجيل صارم للمنتجات المسموح بتداولها، مع مراقبة دورية للمصانع المحلية والشركات المستوردة والمقاولات المعنية ببيع مثل هذه المنتجات.
تجارة الوهم عبر الإنترنت هي تهديد مباشر لصحة الأفراد وزعزعة مفهوم الثقة داخل المجتمع. على الجميع إذا، بدءًا من الأفراد مرورًا بالإعلام وانتهاءً بالدولة، أن يتكاتفوا لمحاربة هذه الظاهرة. لأن الاستثمار في وعي المجتمع هو السلاح الأقوى ضد استغلال أحلام البسطاء.