شعر” نهار بلا سماء ” – الأستاذ عبد الكريم الرطابي

النهار ليل طويل بلا سماء ،
والليل نهار بلا ضياء .
يتدحرج الصبح على أحزانه المعادة .
يتحول دخانا وصوت القنابل لا يستريح .
لم تبق إلا الجثث تحاصر قاتليها .
أين اختفت قطرات الندى ؟
لا بد للياسمين أن يترك المكان أو يحترق،
كما احترق الأطفال والحدائق .
انهار المسرح وأعدمت تفاصيل الحياة .
لم يبق في الميدان سوى أشباح قادمين من العدم
يحلمون بأرض كنعان ..
خلف الرماد تحضن جثث الحمام أشلاء طفلة
يرقبها يوشع وقد أوقف الشمس حتى تتم الإبادة .
وحواريوه مرابون ونخاسون
يلهون بجماجمها وأسنانها الباسمة
فتخيفهم نظراتها الحالمة .
يرتعدون من دمية تتراقص فوق النار و الدمار .
والكون في إغفاءة تمد ليلها سنينا ..
– هذه النيران لا تكفي لحرق الفراشات .
صراخها يملأ الكون ويرتد صداها الجريح
تكتمه أحذية تسللت من ليل كسيح .
والآلهة تخطط لموت هادئ ومريح.
وغزة كانت نائمة
تحلم بالنور والندى يداعب جفون البرتقال .
****
أما آن للطير الأبابيل أن تخلع صمتها ؟
أن تركب سطوتها ؟
أم تراها تناست ونامت ،
أو أخطأت عنوانها ؟
فالفيلة استباحت وسوت أرضا جبالها .
ويوشع كلما سقطت جثة وسالت دماؤها
يشرب نخبها …
ها غزة تستحم بالدماء وتحرس حديقة أطفالها
فوقها يلهون ويدحرجون حجارتها .
وها غزة تنهض عارية وحدها
والجميع نيام
وفي يدها أوراق الزيتون لتبني سقفا فوق الدمار
وتشيد أعشاشا لتنام العصافير بعد انتظار .
كيف لسلالة سارة أن تحرق أبناء هاجر ؟
وكيف للدم أن يتطهر من دمه ؟
ليحيا أبناء سارة عليهم أن يفتكوا بالأغيار
كما جاء في الأسفار .
فإلى متى تقتلون ؟
كم جثة تكفي لطي المحرقة ؟
كم جثة تشفي غليل الهاجاناه
من دير ياسين وجنين وغزة ؟
21 / 05 / 2024