في خضم الجدل القائم حول المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، خرج محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، عير حسابه الشخصي على الفايس بوك بانتقاد لاذع لطريقة تعاطي وزير العدل وبعض البرلمانيين الموالين له مع النقاش التشريعي الدائر تحت قبة البرلمان.
وأوضح الغلوسي أن المنتظر من وزير العدل، باعتباره أحد المسؤولين عن تدبير قطاع حساس كالقضاء، كان أن يقدم مرافعة قانونية ودستورية متينة لإقناع نواب الأمة والرأي العام بأهمية تمرير المادتين المذكورتين، مستنداً إلى حجج سياسية وتشريعية قوية تعكس روح المسؤولية والالتزام بالديمقراطية.
لكن، يضيف الغلوسي، ما حدث داخل البرلمان خالف كل التوقعات، حيث لجأ الوزير ومعه بعض النواب إلى خطاب شعبوي قائم على التهجم الشخصي والتلميح باتهامات خطيرة تجاه جمعيات المجتمع المدني، متهماً إياها بالابتزاز والفساد دون تقديم أي دليل أو اللجوء إلى القضاء، وهو ما اعتبره الغلوسي محاولة مكشوفة لتحويل النقاش عن جوهره الحقيقي.
وفي هذا السياق، طالب الغلوسي الوزير، في حال توفره على معطيات أو أدلة حول جرائم كالابتزاز أو الرشوة أو النصب، بأن يسارع إلى تبليغ الجهات القضائية المختصة بدل التستر عليها، وإلا فإن صمته يُعد تواطؤاً يوجب المساءلة. كما دعا الضحايا المفترضين لتلك الجرائم إلى تقديم شكاياتهم دون تردد.
الغريب، بحسب رئيس الجمعية، هو صمت الوزير التام تجاه ممارسات بعض الأحزاب السياسية التي “يتاجر أمناؤها العامون في التزكيات خلال الانتخابات، ويهربون المرشحين لتشكيل أغلبيات مصطنعة”، مؤكداً أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات وثّقت تلاعبات خطيرة واختلاسات للمال العام من طرف بعض هذه الهيئات، دون أن يتم تحريك أي متابعة ضدها.
هشاشة المواطنين وفقرهم، وتستعمل الأموال المشبوهة لاستمالة الناخبين، ما يخولها الحصول على مقاعد برلمانية تستعمل لاحقاً في التشهير وتصفية الحسابات وخدمة المصالح الخاصة، في مسار يؤدي إلى مراكمة الثروات بطرق غير مشروعة.
ولم يتردد الغلوسي في اتهام بعض الأحزاب التي يدافع عنها الوزير بأنها تضم أعضاء متورطين في قضايا كبرى تتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات، وتبييض الأموال، والتهرب الضريبي، مستغرباً صمت الوزير وتجاهله لهذه الجرائم الخطيرة في مقابل تحمّسه الكبير لمهاجمة الجمعيات المدنية.
“من حقكم أن تتحدثوا كما شئتم، ومن حقكم أن تشرّعوا لأسيادكم ما يحميهم من المساءلة، ومن حقكم أن تمارسوا ضغوطاً لإسكات صوت الجمعيات. لكن الشيء الوحيد الذي لن تستطيعوا فعله، وأنا على يقين من ذلك، هو فتح أوراش حقيقية لمحاربة الفساد”، يقول الغلوسي.
وختم الغلوسي مقاله بأسئلة حارقة موجهة إلى الحكومة: لماذا لا يتم تجريم الإثراء غير المشروع؟ أين التعديلات على قانون التصريح بالممتلكات؟ لماذا لا توضع استراتيجية لاسترجاع الأموال المنهوبة وإنهاء الإفلات من العقاب؟ مؤكداً أن الجواب واضح: “لأنكم لا تريدون فعلاً محاربة الفساد، بل فقط إسكات من يفضحونه.”