يعاني حي الرحمة بمدينة سلا من ظاهرة تفاقم احتلال الأرصفة، في مشهد يومي يختزل غياب احترام الملك العمومي، وتقصير السلطات في التصدي للفوضى التي أصبحت السمة البارزة في الفضاءات المحاذية لمقر المقاطعة ومركز الأمن الوطني بالمنطقة.
ففي وقت يُفترض أن تكون الأرصفة ممرًا آمِنًا للراجلين تُسجّل ممارسات مقلقة من قبيل نصب الشوايات، وبسط السلع من طرف “الفراشة”، وانتشار العربات اليدوية والمجرورة المحملة بالخضر والفواكه، فضلًا عن الاستعمال غير القانوني للأرصفة كمواقف للدراجات النارية والسيارات الخاصة، في تعدٍّ واضح على حق المارة في التنقل بحرية وأمان.
هذه الوضعية لا تشكل فقط خرقًا جليًّا للقانون، بل تمس بشكل مباشر حقوق فئة حساسة من المجتمع، وهي الأشخاص في وضعية إعاقة، خصوصًا المكفوفين ومستعملي الكراسي المتحركة، الذين يجدون أنفسهم في مواجهة واقع صادم يفرض عليهم النزول إلى قارعة الطريق، والتعرض لمخاطر العربات والدراجات والسيارات، بسبب انسداد الأرصفة وغياب أي مسارات بديلة أو تجهيزات تيسيرية.
ولعل المثير للقلق أن هذه الممارسات تتم في محيط إداري رسمي يفترض أن يكون نموذجًا في الانضباط واحترام القانون، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى فعالية أجهزة المراقبة ومدى التزام السلطات المحلية والمجالس المنتخبة بواجبها في حماية الفضاء العمومي وضمان ولوجيته للجميع دون تمييز.
إن ما يجري بحي الرحمة اليوم لا يمكن وصفه إلا بكونه إقصاءً فعليًا لذوي الإعاقة من الحق في التحرك بحرية فالشارع العام، وحرمانًا لهم من المشاركة في الفضاء العام بشكل مستقل وآمن، وهو ما يشكّل انتهاكًا صارخا لحقوق دستورية ومقتضيات قانونية، فضلًا عن إخلال صريح بالاتفاقيات الدولية التي التزمت بها المملكة المغربية في مجال حماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.
وأمام هذا الواقع المتردي، تجد ساكنة حي الرحمة نفسها في أمسّ الحاجة إلى تدخل عاجل وفعّال من قبل السلطات المعنية، لتطبيق القانون، وإعادة الاعتبار للرصيف كمرفق عمومي مشترك، يضمن السلامة ويصون الكرامة، ويعكس صورة حضارية لمدينة سلا التي تأمل ساكنتها في بيئة حضرية منظمة وآمنة تحترم الجميع.