شباب

تصور شابا يستطيع التحدّث بـ11 لغة

تخيّل إنسانًا يستطيع التحدّث بـ11 لغة، ويتقنها بطلاقة مذهلة… إنسان يرى الأرقام كألوان وأشكال ورموز متمايلة، لا كرموز جامدة.
إنه دانييل تامت، رجل يعيش في عالم عقلي مختلف تمامًا عن باقي البشر.
في أحد الأيام، قرر دانييل أن يتعلم اللغة الآيسلندية، وهي من أصعب اللغات في العالم.
بدأ يوم الإثنين وبحلول الجمعة، كان يظهر على التلفاز الوطني في آيسلندا، وهو يُجري مقابلات كاملة بلغتهم الأم، وكأنه وُلد هناك!
هو لا يحفظ اللغات فحسب، بل يفهمها، ويعيشها، ويتذوقها كما يتذوق الرسام اللون، والموسيقار اللحن.
لم تتوقف عبقريته عند اللغات. في عام 2004، جلس دانييل أمام جمهور مذهول، وبدأ في تلاوة عدد باي (π)… الرقم اللانهائي الذي يُستخدم في الرياضيات والفيزياء.
قرأ منه 22,514 رقمًا بعد الفاصلة العشرية، دون أن يخطئ في رقم واحد، واستغرق الأمر أكثر من خمس ساعات متواصلة!

بالنسبة له، كان ينظر إلى الأرقام كما ينظر الرسام إلى لوحة فنية — كل رقم له لون، وشكل، وملمس في ذهنه. ولكن، هنا يأتي التناقض الصادم والمذهل: هو لا يستطيع تذكر وجهك لو رآك مرارًا! ولا يستطيع قيادة سيارة.
بل لا يعرف كيف يميز بين يده اليمنى واليسرى!
كيف يمكن لعقل قادر على التحليق في عوالم الرياضيات واللغات أن يعجز عن أشياء بسيطة كهذه؟
الجواب هو أن دانييل يُعاني من متلازمة العالِم (Savant Syndrome)، وهي حالة نادرة تمنح صاحبها قدرات خارقة في بعض المجالات، بينما تتركه ضعيفًا جدًا في أخرى.
طفولته لم تكن سهلة… شُخّص باضطراب التوحّد، وكان يجد صعوبة في التفاعل مع الناس. بكنه مع الوقت، لم يُخفِ اختلافه، بل حوّله إلى مصدر قوة.
كتب سيرته الذاتية بعنوان “مولود في يوم أزرق”، وهو عنوان يعبّر عن كيف يرى الأرقام والأيام بألوان في ذهنه.
دانييل تامت ليس مجرد عبقري.. بل هو الدليل الحي على أن العقل البشري أغرب وأعقد وأكثر سحرًا مما نظن. وإننا قد نجد في التناقض أعظم معجزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى