عزيز الحنبلي -تنوير
تعيش مدينة برشيد على وقع استياء متزايد من قبل الساكنة وفعاليات المجتمع المدني، بسبب تعثر مشاريع ترفيهية حيوية، وفي مقدمتها المسابح العمومية، التي تحولت من مشاريع واعدة إلى رموز لفشل التدبير المحلي وهدر المال العام. وفي هذا الإطار، دعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى فتح تحقيق نزيه وشامل يكشف عن المسؤولين الحقيقيين عن هذه الإخفاقات، سواء من داخل المؤسسات المنتخبة أو الجهات المنفذة.
ومن بين أبرز هذه المشاريع المتعثرة، يبرز مسبح الحي الحسني، الذي لم يعمر طويلاً بعد افتتاحه، حيث أُغلق بسبب عيوب خطيرة في بنيته التحتية، من بينها اقتلاع الزليج الأرضي (السيراميك) لحوض السباحة، في مشهد يكشف عن غش في الأشغال. وتحمّل الجمعية المسؤولية للمقاولة المكلفة بالبناء والتأهيل، والتي استفادت من أموال عمومية دون أن تحترم معايير الجودة المطلوبة.
الوضع لا يختلف بالنسبة لـ المسبح النصف أولمبي التابع لوزارة الشباب والطفولة بالمركب السوسيو رياضي، الذي فُتح لفترة قصيرة جداً قبل أن يُغلق مجدداً، رغم كونه ممولاً من عدة جهات، منها وزارة الشباب، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والمجلس الجماعي. ورغم التوقيع على محضر التسليم النهائي، فإن عيوباً تقنية عجلت بإغلاقه، مما يطرح تساؤلات جدية حول نجاعة التتبع والمراقبة.
أما مسبح المنتزه، المملوك للجماعة، فقد أُغلق بدوره نتيجة نزاع قضائي بين المجلس والمستثمر الذي تم تفويت المرفق له في إطار عقد كراء طويل الأمد. ورغم صدور حكم ابتدائي يُلزم الجماعة بالتعويض، فإن المسبح لا يزال مغلقاً، ما يكرس حرمان الساكنة من هذا المرفق الحيوي.
وإلى جانب ذلك، سلطت الجمعية الضوء على ما وصفته بـ”الاختلالات البنيوية والهيكلية” التي تعتري برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ببرشيد، والتي قالت إنها أصبحت نقطة سوداء تتطلب فتح تحقيق عاجل حول ماليتها، والمساطر التي تم اعتمادها لتفويت مشاريعها، والجهات المستفيدة منها بغير وجه حق.
وأكدت الجمعية أن العديد من الجمعيات تحولت إلى واجهة للاستفادة من الريع، بعيداً عن الأهداف النبيلة التي أُحدثت من أجلها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وهو ما يقتضي، حسبها، تفعيل آليات المحاسبة والرقابة، وترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأمام غياب فضاءات ترفيهية عمومية ذات جودة، وارتفاع أسعار الولوج إلى المسابح الخاصة، يجد شباب وأطفال المدينة أنفسهم مضطرين للتوجه نحو النافورات العمومية، وقنوات المياه، وصهاريج الصرف، في مشهد يُنذر بكوارث صحية وأمنية، وسط غياب تام للرقابة.
وختمت الجمعية نداءها بمطالبة عامل إقليم برشيد والجهات الوصية على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بضرورة التدخل الفوري وفتح تحقيق معمق لتحديد المسؤوليات وإعادة توجيه المشاريع نحو خدمة المواطن، لا نحو جيوب المنتفعين.