أحــــمــــد ربــــاص
قبل انعقاد المؤتمر الحادي عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمركب مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة، قال إدريس لشكر لرجال ونساء الصحافة والإعلام إنه لن يترشح مرة أخرى إلى منصب أمين عام امتثالا لما ينص عليه القانون الداخلي للحزب. لكن الجميع فوجئوا بأنه عاد كاتبا عاما على رأس الحزب ضمن أكثر مخرجات المؤتمر الوطني الحادي عشر أهمية، هذا المؤتمر الذي تبنى كشعار له: “الولاء والالتزام والانفتاح”.
ولكن يبدو أن لشكر لم يقنع ببقائه جاثما على رأس الحزب خلال ثلاث ولايات متتابعة، فها هو يعد العدة للفوز، بالبلطجة والإنزال وأشياء أخرى كما جرت عادته، بولاية رابعة بعد المؤتمر الوطني الثاني عشر المزمع تنظيمه بين 17 و19 أكتوبر القادم. ومن هنا نفهم إلى أي مدى يعتبر لشكر منصب أمين عام غاية قصوى لأجلها هو مستعد للتضحية بالديمقراطية على مذبح الدكتاتورية والإنتهازية والاستبداد.
من المتوقع أن يتحقق لإدريس لشكر ما يريد خاصة إذا ترشح، في المؤتمر الوطني المقبل، إلى الكتابة الأولى دون منافس يعتد به.
وهكذا سينظم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مؤتمره الوطني قبل عام واحد من الانتخابات التشريعية والجماعية المقررة مبدئيا في خريف 2026.
من قلب الحاشية المحيطة بلشكر، هناك المهدي مزواري الذي أدلى في ماي الماضي بتصريح لفائدة أحد المواقع الإخبارية الوطنية قال فيه أنهم قرروا عقد مؤتمرهم الوطني القادم (الثاني عشر) في هذا التاريخ امتثالا للقانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب، الذي يلزمها باحترام هذا الموعد كل أربع سنوات. وأضاف أن ولاية القيادة الحالية والهيئات الأخرى سوف تنتهي خلال الشهر الأخير من السنة الجارية، وأنهم بكل بساطة يلتزمون بالقانون.
قبل الانتقال إلى أشياء أخرى، يجدر بي أن أتوجه لمزواري بهذه المعاينة: تريد أن توحي للرأي العام الوطني بأن حزبكم بمثابة نهر جار لا تكف مياهه عن التجدد، بينما هو صار تحت ضرباتكم كنهر متجمد لا تنطبق عليه قولة هيرقليط: لا تستحم في النهر مرتين. ولكن ما أثار تعجبي أكثر هو ادعاء عضو المكتب السياسي أنه وإخوانه الأعضاء يحترمون القانون التنظيمي للأحزاب وقد بان أعلاه أنهم لا يكترثون بمقتضيات نظامهم الداخلي. هل هذا الخلل راجع إلى أن القانون الأول يمثل الدولة وبالتالي يجب التعامل معه بما يليق بمكانته من الاحترام، بينما القانون الثاني خاص بهم وحدهم ويمكن أن يتلاعبوا به كيفما يرون ويشاؤون؟؟
ومن بين ما ورد في تصريحه الصحفي أن الاستعدادات تسير على قدم وساق، ومريضنا ما عندو باس. يقول: قسمت اللجنة التحضيرية، برئاسة المسؤول النقابي وعضو مجلس المستشارين، يوسف العايدي، إلى إحدى عشر لجينة موضوعاتية. تتولى هذه اللجينات، بالإضافة إلى الشؤون اللوجستية، إعداد الوثائق التي ستعرض على المشاركين في المؤتمر للنظر والتباحث فيها. وأفاد المتحدث بأن النظام الداخلي ينص على أن يكون كل عضو في المجلس الوطني عضوا في إحدى اللجان الفرعية.
ومن مكر المصادفات والمفارقات أن مزواري يفصح بفصيح العبارة عن كونهم يخططون منذ الآن ليكون المؤتمر الوطني المقبل امتدادا للذي سبقه؛ ما يعني منح إدريس لشكر ولاية رابعة: “بالنسبة إلينا، يتعلق الأمر بمواصلة العمل الذي بدأ منذ المؤتمر الحادي عشر، من أجل استعادة الحزب، وإعادة تعبئة قاعدته، والتحضير للمستقبل”.
فضلا عن الملاحظة التي تصدرت المقطع الأخير، تفرض ملاحظتان إثنتان أخريان ذاتهما. يمكن صوغ الملاحظة الأولى من خلال وصف العمل المذكور على لسان مزواري بكونه، للأسف، هداما وتخريبيا. دليلي الذي أدعم به ما أقول هروب جماعي جديد من حزب “الوردة” إلى حزب “الكتاب”. وأراهن بكل ما أملك على أن كل مواطن يقاوم الغباء بمقدوره أن ينتبه إلى أن هؤلاء الهاربين كالمستجيرين من الرمضاء بالنار.
والملاحظة الثانية تثيرها عبارة “استعادة الحزب” الواردة في خطاب مزواري، في محاولة للظهور هو وصحبه بمظهر الضحايا الذين سلب منهم الحزب، بينما كل من لا يزالون يحملون الفكرة الاتحادية في وجدانهم حية على اقتناع بأن الحزب إياه تم اختطافه من طرف “عصابة” يتزعمها متسلط اسمه إدريس لشكر، لذا يرون أن من واجبهم النضالي استعادته عاجلا..