.الدار البيضاء: مرة أخرى يخلف الترامواي موعده مع الركاب

أحمد رباص/تنوير
في تمام السابعة والنصف من صباح يومه الثلاثاء، خاب أمل مئات البيضاويين الذين كانوا في انتظار عربة الترامواي على الخط الرابع (T4)، حيث غذوا عالقين على أرصفة المحطات بعدما أصاب عطبٌ تقني صلة الوصل الحديدية التي تربط المنطقة الصناعية بحي مولاي رشيد بوسط المدينة عند حديقة الجامعة العربية.
وهكذا، بعد دقائق قليلة، تحولت رحلة عمل عادية إلى سباقٍ محموم بحثًا عن وسيلة بديلة وسط اختناق مروري متزايد.
قال قال يونس (37 عاما)، ممرض ملزم بمباشرة عمله على الساعة الثامنة صباحا: “تأخّرتُ عن موعدي في مستشفى ابن رشد. حاولتُ حجز سيارة أجرة فوجدتُ الطابور أطول من عربات الترام نفسها”.
في بيانٌ موجز على صفحة “كازا ترامواي” على فيسبوك قيل إن العطب أدّى إلى شلّ جزئي للحركة، ليقتصر سير الترام بين محطتي إدريس الحارثي ومحمد الراضي من جهة، وبين حي التيسير والجامعة العربية من جهة ثانية. وعاين المواطنين فرق الصيانة، مرفوقة بعناصر الشرطة والوقاية المدنية، وهي تهرعت إلى الموقع، بينما توالت اعتذارات الشركة لمستعملي الخط.
والحقيقة التي يجب أن تقال هي أن هذا التوقّف ليس هو الأول من نوعه. ففي أقل من عام، عرفت شبكة الترامواي ثلاثة أعطال متفاوتة الخطورة لأسباب تقنية أو بفعل حوادث سير على تقاطعات السكة. كل مرة، يكون الركاب على موعد مع معاناة مريرة؛ خاصة إذا علمنا أنهم يتخذون من الترامواي وسيلة موثوقة ورخيصة مقارنة بالنقل الفردي. ومع كل حادثة تأخير، يعاد طرح هذا السؤال: إلى متى سيظلّ هامش الخطأ يربك يوميات آلاف الموظفين والطلبة؟
للإشارة، يقدَّر العدد اليومي لمستخدمي الخط الرابع بعشرات الآلاف، تخص منهم بالذكر عمّال المنطقة الصناعية ومستخدمي المكاتب الإدارية في قلب العاصمة الاقتصادية.
تحت إكراه تأخير موعد وصول العربة هذا الصباح، لجأ أغلب الزبائن إلى الحافلات أو سيارات الأجرة، ما ضاعف الضغط على شبكة طرق تعاني أصلًا من الاكتظاظ. بعضهم قطع مسافات مشيًا على الأقدام للحاق بمواعيد عمل لا ترحم ولا تتجاوز عن تأخر الموظفين والمستخدمين بمقدار عملهم.
تشتكي فاطمة، موظفة استقبال في شركة خدمات قرب شارع الجيش الملكي، قائلة: “خسرتُ نصف يوم شغل وكل دقيقة تأخير تُخصم من راتبي”،
بحلول الساعة الثامنة وستة وثلاثين دقيقة (08:36) صباحا، أعلنت البوابة الرسمية “كازا ترامواي” عودة الشبكة إلى الوضع الطبيعي، بعد أقل من ساعتين على التوقّف غير أنّ الضرر وقع واللي كان كان؛ فالآلاف تأخّروا عن مقار أعمالهم، وتجدّد الإحساس بأن بنية النقل العمومي لا تزال هشّة أمام الأعطاب الطارئة.
على منصّات التواصل، ارتفعت أصوات تطالب بجدول صيانة استباقي أكثر صرامة، وتوفير عربات احتياطية على الخطوط الحيوية، إضافةً إلى تعويضات رمزية عن التأخير أسوةً بما تفعله شبكات النقل الأوروبية. فبين الوعود بتحسين الخدمة والواقع الذي يختبره الركاب كل صباح، تقف سمعة الترامواي على المحك؛ أيّ انزلاق جديد قد ينسف الثقة التي بُنيت طوال سنوات.
في انتظار تحقّق تلك المطالب، يبقى الركاب سجيني مفارقةٍ مؤلمة: وسيلة نقل حديثة يفترض أنها تُخفّف وطأة الازدحام، لكنها قد تتحوّل في لحظة إلى عبء إضافي على يوم عملٍ لا يحتمل التعثّر. فهل يكون عطب فاتح يوليوز ناقوس إنذار أخير قبل اتّخاذ خطوات جذرية لصياتة “شريان” البيضاء الحضري في وقت مناسب؟