افتتاحية

لا تساهل مع المعتدين على رجال السلطة… ومتى نرسّخ هيبة الدولة كخيار لا رجعة فيه؟

عزيز الحنبلي -تنوير

ما شهدته مدينة برشيد خلال اليومين الماضيين من توقيفات متتالية لأشخاص تورطوا في إهانة وعرقلة عمل رجال السلطة، ليس مجرد حدث عابر، بل هو مؤشر على تحوّل مهم في تعاطي الدولة مع مظاهر التسيب والاستهانة بممثليها في الميدان. أربعة موقوفين في أقل من 48 ساعة، بناءً على تعليمات صارمة من النيابة العامة، يكشف بوضوح أن هناك إرادة لتكريس هيبة الدولة واستعادة احترام القانون، بعد أن أصبحت مشاهد الاعتداء على رجال السلطة تتكرر بشكل مقلق في عدد من مناطق البلاد.

لم يعد مقبولاً أن يتعرض موظف عمومي أثناء تأدية مهامه لسب أو تهديد أو اعتداء، تحت أي ذريعة. فالدولة التي لا تحمي ممثليها، لا يمكنها أن تطالب المواطنين باحترام مؤسساتها. ولذلك فإن التعامل الحازم مع هذه الاعتداءات في برشيد يبعث برسالة واضحة: لا أحد فوق القانون، ولا تسامح مع من يتطاول على من يفرض النظام ويحمي الملك العام.

في المقابل، لا يمكن الحديث عن هيبة الدولة دون ربطها بمصداقية أدائها في تلبية الحاجيات الأساسية للمواطن. وهنا تبرز تجربة مدينة الدروة كنموذج جدير بالاهتمام، حيث تم إنجاز أشغال تقوية شبكة الماء الصالح للشرب في وقت قياسي، ما مكّن الساكنة، وخصوصاً قاطني الطوابق العليا، من التزود بهذه المادة الحيوية بعد سنوات من المعاناة.

هذا التحسن ليس فقط نتيجة مشروع تقني، بل ثمرة إرادة سياسية محلية تُرجمَت إلى قرارات عملية، كما تجلى ذلك في الاجتماع الأخير لعامل إقليم برشيد مع المدير العام للشركة الجهوية متعددة الخدمات، والذي تم فيه طرح ملف تزويد دواوير جماعة أولاد زيدان بالماء الصالح للشرب، في أفق إطلاق الأشغال قريباً.

بين الرد الصارم على الاعتداءات، والاستجابة السريعة لمطالب المواطنين، تتجلى معادلة الحكم الرشيد: دولة حازمة تحمي مؤسساتها وتفرض القانون، ودولة مسؤولة تسهر على ضمان الحقوق الأساسية لمواطنيها.

هي دعوة إذن، إلى ترسيخ هذا التوازن كنهج دائم، لا كمجرد ردود أفعال ظرفية. فكرامة رجل السلطة تبدأ من احترامه وهو يؤدي مهامه، وكرامة المواطن تبدأ من حصوله على خدمات تحفظ إنسانيته. أما هيبة الدولة، فلا تُبنى إلا على هذا الأساس المزدوج: القانون العادل والتنمية العادلة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى