عزيز الحنبلي -تنوير
شهدت غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، اليوم الثلاثاء، تطورات لافتة في جلسة محاكمة أحد المتابعين في الملف الثقيل الذي يطال الوزير السابق ورئيس جماعة الفقيه بن صالح، محمد مبديع، وذلك في سياق استمرار الاستماع للمتهمين والشهود في واحدة من أبرز قضايا الفساد المالي والإداري التي هزت الرأي العام الوطني.
وخلال الجلسة، التي ترأسها القاضي علي الطرشي، واجهت المحكمة أحد ممثلي مكاتب الدراسات المتابعين في الملف، بتفاصيل دقيقة وردت في تقارير المفتشية العامة لوزارة الداخلية، وخاصة المتعلقة بالصفقة رقم 6/2006، في إطار مشاريع التأهيل الحضري.
وقد بدأت الجلسة بإدلاء الكاتبة الإدارية بشركة “سنتال غوتيير”، المعروفة بـ”هدى.ح”، بشهادتها، التي سبق أن أدلت بها أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، حيث كشفت عن وجود اختلالات في إعداد ملفات العروض داخل الشركة، وأشارت إلى تلاعب محتمل في قيمة الضمانات المؤقتة المتعلقة بعدد من الصفقات.
المتهم، من جهته، نفى بشكل قاطع صحة هذه الإفادات، واعتبر أن الموظفة لا تمتلك الأهلية القانونية أو التقنية للاطلاع على حيثيات تلك الملفات الحساسة، مشككًا في مصداقية التصريحات التي تم تضمينها في محاضر التحقيق.
كما تطرقت المحكمة إلى الصفقة رقم 12/2006، المتعلقة بمشروع آخر ضمن التأهيل الحضري، حيث اعترف المتهم بأن مكتبه أشرف على تنفيذ 12 صفقة مماثلة، بينها صفقة مع شركة “بيكترا”، التي تربطه بها خصومات سابقة.
وفي سياق استفسارات النيابة العامة، أوضح المتهم أن مكتبه كان يعهد بتنفيذ الأشغال إلى شركات مناولة تتكفل باليد العاملة، في حين يتولى المكتب توفير المعدات التقنية، مبررًا ذلك بضعف الموارد البشرية المتوفرة لديه.
كما اعترف المتهم بأن تسديد مستحقات بعض الشركات كان يتم نقداً، معتبراً أن ذلك لا يخالف الإطار القانوني الجاري به العمل، كما أقر بإجراء تحويلين ماليين بقيمة 200 ألف و300 ألف درهم لفائدة مقاول يدعى ابن بوزكري، أنجز معه مشاريع مرتبطة بشبكة الصرف الصحي.
هذه الجلسة، التي وصفت بالحاسمة، سلطت الضوء على جوانب جديدة من التعقيدات المحيطة بملف مبديع، في ظل استمرار المحكمة في استنطاق المتهمين ومواجهة إفادات الشهود بتفاصيل العقود والصفقات التي يشتبه في وجود اختلالات جسيمة في تدبيرها.