اخرى

خبز الدار يأكلوا البرّاني، أو بعبارة أصح، خبز الدار يأكلوا الموريتاني

بقلم:حميد قاسمي تنوير

في خطوة أثارت الكثير من الجدل والاستياء، أعلنت شركة اتصالات المغرب عبر فرعها في موريتانيا “موف موريتل” عن إطلاق عروض جديدة للإنترنت عالي الصبيب تصل إلى 500 ميغابت في الثانية، وذلك دون أي زيادة في الأسعار، في وقت ما تزال فيه شكاوى عدد كبير من المواطنين المغاربة متواصلة بسبب ضعف جودة الشبكة وتكرار الانقطاعات ورداءة الخدمات المقدمة داخل الوطن.

وقد تم الإعلان عن هذه العروض الجديدة خلال حفل رسمي نظم في العاصمة نواكشوط، حيث أكدت الشركة دخول السوق الموريتانية بشكل فعلي إلى عصر الإنترنت فائق السرعة، من خلال توفير ترقيات مجانية وشاملة لجميع المشتركين في خدمة الألياف البصرية، دون فرض أي رسوم إضافية. وصرح المدير العام لشركة موف موريتل، محمد بابا أحمد، أن هذه السرعات تعتبر غير مسبوقة، وتضع موريتانيا في مصاف الدول الرائدة مغاربياً في هذا المجال.

في المقابل، قوبل هذا الإعلان في المغرب بموجة عارمة من السخط والانتقادات، حيث عبر عدد من المواطنين عن استغرابهم من تركيز الشركة على الاستثمار في تحسين الخدمات خارج البلاد، في حين أن الخدمات المقدمة داخل الوطن تعاني من ضعف كبير، سواء من حيث الجودة أو التغطية، ناهيك عن كلفة الاشتراك المرتفعة مقارنة بما يتم تقديمه فعلياً من خدمات.

ويثير هذا الوضع تساؤلات ملحة حول أولويات شركة اتصالات المغرب، التي ترفع شعار الريادة التكنولوجية في الخارج، بينما تترك فئات واسعة من المواطنين في مناطق نائية ومهمشة التي خرجت مؤخرا في مسيرات حاشدة تعاني من غياب أبسط شروط الربط بالشبكة، سواء الهاتفية أو شبكة الإنترنت.

وفي الوقت الذي تحتفي فيه العاصمة الموريتانية بسرعة صبيب تبلغ 500 ميغابت في الثانية، خرجت ساكنة أيت بوكماز في المغرب، قبل أيام، في مسيرة احتجاجية مشياً على الأقدام، للمطالبة بتغطية شبكة الهاتف المحمول، في مشهد يلخص الفجوة الكبيرة بين الخطاب الرسمي حول التحول الرقمي وواقع التهميش الذي تعاني منه مناطق بأكملها لا تصلها لا الشبكات الهاتفية ولا خدمات الإنترنت.

وتتزايد في المغرب الأصوات المطالبة بتحرير قطاع الاتصالات وفتح السوق أمام فاعلين جدد، بهدف كسر حالة الاحتكار شبه الكلي التي تفرضها الشركات الكبرى، وتمكين المواطن من خدمات ذات جودة عالية، وبأسعار معقولة تواكب تطورات العصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى