في بلاغ رسمي، أعلنت حكومة جمهورية مالي عن تحرير أربعة سائقي شاحنات مغاربة، كانوا قد اختُطفوا يوم 18 يناير الماضي شمال شرق بوركينا فاسو، قرب الحدود مع النيجر، وذلك في مساء الأحد 3 غشت الجاري.
وأشار البلاغ إلى أن السائقين المحرَّرين يتمتعون بصحة جيدة، بعد أن قضوا عدة أشهر في الأسر لدى مجموعة إرهابية تابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، المرتبط بتنظيم “داعش” الإرهابي.
وأوضحت الحكومة المالية أن عملية الإفراج تمت بفضل تنسيق محكم بين الوكالة الوطنية للأمن بدولة مالي والمديرية العامة للدراسات والمستندات المغربية “لادجيد”.
وكانت مصادر إعلامية قد أفادت، في وقت سابق، أن السائقين الأربعة كانوا على متن ثلاث شاحنات عندما اختفوا في حدود الساعة العاشرة من صباح يوم السبت 18 يناير 2025، بين مدينة “دوري” في بوركينا فاسو ومدينة “تيرا” الواقعة غرب النيجر.
وأكدت المصادر ذاتها أن السائقين سلكوا طريقًا يشتهر بخطورته، حيث تنشط فيه خلايا إرهابية ومجموعات مسلحة تمارس أعمال النهب وقطع الطرق، وتستهدف بالأساس وسائل النقل، لا سيما الشاحنات. واعتُبر المرور من محور “دوري – تيرا” دون مرافقة أمنية مجازفة خطيرة في ظل الوضع الأمني الهش.
وفور علمها باختفاء السائقين، تحركت سفارة المملكة المغربية بواغادوغو وتواصلت مع السلطات البوركينابية، التي باشرت بدورها عمليات البحث لتحديد مكانهم.
وتجدر الإشارة إلى أن سائقي النقل الدولي باتوا يتريثون قبل الشروع في رحلاتهم، ويحرصون على التواصل مع السلطات الأمنية المحلية لمعرفة تطورات الأوضاع الميدانية، خاصة عبر المسارات التي تشهد هجمات متكررة، كالمحور الذي يمر من مدينة “سيتينغا”، التي شهدت في 11 يناير 2025 عملية دموية أودت بحياة 18 جنديًا وعدد من المدنيين إثر كمين نصبته جماعات إرهابية.
وبحسب المعطيات، فإن السائقين المغاربة الأربعة سلكوا ذلك المسار بعد أيام قليلة من هذا الهجوم، دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة أو الاستعلام عن الوضع الأمني، ما زاد من احتمالية تعرضهم للاستهداف أو الاختطاف.
ومنذ تصاعد نشاط تنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” بالمنطقة، أصبحت القوافل التجارية التي تعبر حدود بوركينا فاسو، خاصة بين “دوري” و”تيرا”، تخضع لحراسة عسكرية مكثفة من طرف الجيش البوركينابي لضمان سلامتها.
وفي سياق متصل، أفادت مصادر لجريدة “تنوير” أن السلطات وجهت تعليمات صارمة لأرباب النقل الدولي بضرورة الالتزام التام ببروتوكولات السلامة والتنقل ضمن قوافل محمية، نظراً لتدهور الوضع الأمني في المنطقة.
وتشهد منطقة شمال شرق بوركينا فاسو منذ سنوات وضعًا أمنيًا متأزمًا، حيث فر آلاف المدنيين من ديارهم في يونيو 2024، نتيجة تزايد وتيرة الهجمات الإرهابية. كما سُجلت مجازر دامية، من بينها مقتل 21 مدنيًا في هجوم على قافلة تجارية بمنطقة “تيرا” بداية دجنبر 2024، ومقتل 15 مدنيًا خلال قداس ديني يوم الأحد 25 فبراير 2024 بقرية “إيساكاني” قرب “دوري”.
أما في يونيو 2022، فقد شهدت بلدة “سيتينغا” مجزرة دموية خلفت 86 قتيلاً، ما أدى إلى ترحيل أكثر من 26 ألف شخص نحو مدينة “دوري”، ما يؤكد عمق الأزمة الإنسانية وانعدام الأمن في هذه المنطقة من الساحل الإفريقي.