حميد قاسمي-تنوير
في مشهد أثار جدلا واسعا واستنكارا شديدا، تفجرت موجة من الغضب عقب تداول مقطع مصور يوثق لإستقبال مجموعة من طلبة القرآن في أحد المهرجانات الشعبية بمنطقة سيدي رضوان بإقليم وزان، حيث ظهر هؤلاء الطلبة وسط أجواء صاخبة يختلط فيها القرآن بالغناء مرفوقا بالطبل والغيطة؛ مشهد اعتبره كثير من المتابعين مساسا خطيرا بمكانة أهل القرآن، واستغلالا غير مشروع لفئة يفترض أن تصان وتصان حرمتها.
وقد وصف أحد الأئمة هذا الفعل بالجرم الفادح في حق حملة كتاب الله، مؤكدا أن الزج بهم في طقوس احتفالية هابطة هو استخفاف صريح بالقرآن وأهله، محذرا من عواقب مثل هذه التجاوزات التي تضرب القيم الدينية في عمقها. وذكّر بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: من استهزأ بالقرآن أو بشيء منه فقد كفر، في إشارة واضحة إلى خطورة المساس برمزية هذا المقام الرفيع.
الانتقادات اللاذعة التي غزت منصات التواصل الاجتماعي لم تقف عند حدود التنديد، بل تحولت إلى دعوات صريحة لوقف مثل هذه الممارسات العبثية، وإلى مناشدات حازمة بضرورة حماية قدسية القرآن الكريم وصون كرامة طلبته، باعتبارهم صفوة المجتمع وعنوان شرفه. كما شدد عدد من العلماء والفاعلين المدنيين على وجوب مراجعة طرق تنظيم المهرجانات الشعبية التي تمزج بين المظاهر الدينية والأجواء اللهوية، إذ لا يجوز بحال أن يختلط النور بالظلمة، ولا أن تنزل رموز الدين من عليائها إلى ميادين الترف المبتذل.
وقد تحولت القضية في وقت وجيز إلى قضية رأي عام محلي، ارتفعت فيها أصوات تطالب بمحاسبة الجهات المنظمة وإعادة الاعتبار للطلبة، وتثبيت مكانهم الطبيعي في حلقات العلم والتحفيظ، بعيدا عن أي استغلال يسيء إليهم أو ينال من وقارهم. ورأى متتبعون أن ما وقع ليس مجرد خطأ عابر، بل تجلٍّ لانفصام خطير بين الفهم الصحيح لحدود الدين وبين توظيف الموروث الثقافي الشعبي، الأمر الذي يستدعي وقفة حازمة ومعالجة جذرية؛ حماية لحرمة كتاب الله، وسدا لباب فتنة قد تعصف بسلام المجتمع وتماسكه.