الرباط – في مراسلة رسمية مؤرخة بـ15 غشت 2025، دعا وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت الولاة والعمال إلى الشروع الفوري في إعداد جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، تنزيلاً للتوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش ليوم 29 يوليوز 2025. ويستند هذا الورش إلى تثمين الخصوصيات المحلية وترسيخ الجهوية المتقدمة ومبادئ التكامل والتضامن بين الكيانات الترابية، بما يضمن تمتيع المواطنات والمواطنين بفرص عادلة في الاستفادة من ثمار التنمية.
المراسلة شددت على أن البرامج الجديدة تأتي امتداداً لإصلاحات ومبادرات سابقة أحدثت دينامية ملموسة على مستوى تقوية البنيات التحتية وتقليص الفوارق وتحسين شروط العيش، غير أن عدداً من المناطق لم تنل نصيبها الكافي من هذه الدينامية، ما يقتضي إعادة توجيه المقاربات التنموية نحو عمل أكثر استهدافاً واستباقية وأثراً محلياً مباشراً. ولهذا الغرض، طُلِب من السلطات الترابية الانخراط بسرعة وفعالية، وبالتنسيق مع مختلف المتدخلين، في اتخاذ الإجراءات الضرورية لنجاح الورش الملكي.
وحددت وزارة الداخلية أولويات عملية يتعين أن ترتكز عليها البرامج المنتظرة، في مقدمتها تعزيز التشغيل عبر استكشاف إمكانات التنمية المحلية واقتراح مشاريع محفِّزة للاستثمار وفرص الشغل، خاصة في القطاعات الإنتاجية؛ وتقوية الخدمات الاجتماعية الأساسية بدعم التعليم والصحة وتيسير الولوج إليهما بما يصون كرامة المواطنين ويُرسخ العدالة المجالية؛ واعتماد تدبير استباقي ومستدام للموارد المائية في مواجهة الضغط المائي والتغير المناخي؛ ثم تبني مقاربة ترابية مندمجة منسجمة مع الأوراش الوطنية الكبرى.
وفي الشق المنهجي، دعت المراسلة إلى إطلاق سلسلة مشاورات في أقرب الآجال مع المنتخبين والإدارات والمؤسسات العمومية والجامعات وغيرهم من الفاعلين الترابيين، على قاعدة مقاربة تشاركية تُعبِّئ الجميع وتُقرِّب منهجية الإعداد وأهمية التنزيل. كما وضعت الوزارة قواعد تأطيرية لضمان النجاعة: ملاءمة البرامج مع التوجيهات الملكية والنموذج التنموي الجديد وأدوات التخطيط الاستراتيجي؛ إعدادها على مستوى العمالات والأقاليم لقربهما من نبض الساكنة وقدرتهما على التنسيق وتعبئة الموارد؛ الانفتاح على جميع الفاعلين المحليين مع تجنب أي استغلال سياسي أو انتخابي؛ الاستناد إلى تشخيص ترابي مُحَيَّن بمؤشرات ومعطيات دقيقة؛ وضمان التقائية البرامج القطاعية والترابية وتكاملها لتفادي التكرار وتبديد الموارد.
وتوقعت وزارة الداخلية أن يسهم «حسن الإعداد والتنفيذ» في تحسين ظروف العيش وتقليص الفوارق وتعزيز جاذبية المجالات الترابية وتنافسيتها، والرفع من مؤشرات التنمية البشرية وخلق فرص الشغل. كما لفتت إلى خصوصية السياق الاجتماعي والسياسي الذي يسبق الانتخابات التشريعية لسنة 2026، مؤكدة الحاجة إلى الانضباط الصارم للتوجيهات وتسريع وتيرة العمل حتى تُترجَم مضامين خطاب العرش إلى إجراءات ملموسة وسريعة على الأرض.
وختمت المراسلة بدعوة صريحة إلى التعبئة الشاملة والانخراط المسؤول لجميع الفاعلين الترابيين، بما يضمن الانتقال من التخطيط إلى التنفيذ الفعلي لبرامج تنموية أكثر عدلاً ونجاعة، قادرة على استيعاب حاجيات المجالات وتقليص الفوارق وتعزيز الثقة في السياسات العمومية.