عزيز الحنبلي
وصل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى الصين على متن قطاره الخاص للمشاركة في احتفالات «عيد النصر» وإحياء ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية، في زيارة تزامنت مع حضور الرئيسين شي جين بينغ وفلاديمير بوتين واستعراض عسكري ضخم في العاصمة بكين. وأفادت وسائل الإعلام الرسمية في بيونغ يانغ أن كيم عبر الحدود بالقطار فجر الثلاثاء متوجهاً إلى بكين، في رحلة نادرة خارج البلاد تُسلِّط الضوء على تنسيق أوثق بين بكين وبيونغ يانغ وموسكو.
تأتي الزيارة في سياق دبلوماسي متسارع تسعى خلاله الصين إلى إبراز ثِقَلها كقطب مضاد للهيمنة الغربية، عبر جمع أبرز حلفائها في مشهد واحد وإطلاق رسائل قوة سياسية وعسكرية متزامنة. ووفق تقارير دولية، يُنظر إلى هذا التجمع باعتباره إشارة إضافية إلى تشكُّل محورٍ آسيوي أكثر تماسكا، مع احتمالاتٍ لتعميق التعاون الدفاعي بين أطرافه.
وتكتسب الرحلة بعداً رمزياً وتقنياً في آن، إذ لا يزال كيم يفضّل السفر بقطار مصفّح شديد التحصين، وهو تقليد ورثه عن والده وجده، ويُبرَّر بمقتضيات الأمن والسرية. وقد أشارت تقارير إلى أن الزعيم الكوري الشمالي غادر بيونغ يانغ على متن قطاره الأخضر المميّز متوجهاً إلى الصين لحضور العروض العسكرية والفعاليات الرسمية.
قبل الرحلة بساعات، بثّت وسائل إعلام صوراً لكيم خلال تفقده مصنعاً لإنتاج الصواريخ داخل كوريا الشمالية، في خطوة فُهمت على أنها رسالة قوة قبيل ظهوره في بكين، وتأكيد على مواصلة برنامج التسلّح في ظل بيئة إقليمية محتدمة.
تقاربها المتزايد مع موسكو منذ توقيع معاهدة الدفاع المتبادل بين روسيا وكوريا الشمالية في 2024، فضلاً عن تحضير الأرضية لأي مسارات تفاوضية محتملة مع واشنطن في ملفات النووي والعقوبات.
أما على صعيد الرسائل الاستراتيجية، فيُتوقع أن تعلن الصين خلال الاحتفالات عن رُزنامة تعاون أوسع مع كلٍّ من روسيا وكوريا الشمالية في الطاقة والاقتصاد والأمن، بما يعمّق التحوّل الجاري في موازين القوى الآسيوية ويزيد الضغوط على المنظومة الغربية. وقد وصفت وكالات عالمية المشهد بأنه بداية «محور اضطراب» يعيد ترتيب الاصطفافات العالمية ويختبر قدرة الغرب على الردع والاحتواء.
وبينما ينتظر مراقبون نتائج اللقاءات الثنائية والثلاثية على هامش الاحتفالات، تبقى انعكاسات الزيارة مرهونةً بمدى ترجمة صور العروض إلى تفاهمات عملية: من ضمانات أمنية لكوريا الشمالية، إلى مقايضات اقتصادية مع بكين، وصولاً إلى تنسيقٍ عسكري أدقّ مع موسكو. في كل الأحوال، يُسجّل كيم عبر بوابة بكين أحد أبرز ظهوراته الخارجية منذ الجائحة، في لحظةٍ تتقاطع فيها العسكرة بالرمزية والسياسة الواقعية.