اخبار دولية

مجلس الأمن في جلسة طارئة: إدانة دولية للهجوم الإسرائيلي على قطر وسط مطالب باحترام السيادة ووقف التصعيد

في 11 سبتمبر 2025، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة لمناقشة الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف العاصمة القطرية الدوحة. جاء هذا الاجتماع ردًّا على الضربة التي استهدفت مقارًّا يُعتقد أنها تضمّ قيادات من حركة حماس، وسط جدل واسع على الصعيدين الإقليمي والدولي.

عزيز الحنبلي 

الجلسة انعقدت مساء الخميس في نيويورك، بحضور وزير الخارجية القطري ورئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ممثلًا لدولة قطر. 

طُلب عقدها من عدد من الدول منها الجزائر، الصومال، باكستان، فرنسا، والمملكة المتحدة نيابةً عن قطر. 

أصدرت الدول الأعضاء الخمسة عشر بيانًا صحفيًا بالإجماع يدين الهجوم على الدوحة، معبّرين عن أسفهم لوقوع ضحايا مدنيين، دون أن يذكر البيان إسرائيل تحديدًا كطرف منفّذٍ.

البيان شدد على ضرورة وقف التصعيد، وأكّد احترام سيادة قطر وسلامة أراضيها. كما أثنى على دور الوساطة الذي تلعبه قطر، إلى جانب دول مثل مصر والولايات المتحدة.

في كلمة أمام المجلس، وصف الشيخ محمد بن عبد الرحمن الهجوم بأنه “غادر” وانتهاك سافر لسيادة دولة تحاول السعي نحو السلام. 

أشار إلى أن هذا الهجوم استهدف مقرّ الوفد التفاوضي لحركة حماس، بما في ذلك مبانٍ سكنية تضم عائلات، ومدنيين، في حي معروف بوجود بعثات دبلوماسية ومدارس. وأضاف أن الحادث يُمثّل اختبارًا للنظام الدولي بأكمله.

مواقف الدول الأعضاء وردود الفعل الدولية

  • مندوبو عدة دول دانوا الهجوم ووصفوه بانتهاك للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة. 

  • مندوب الجزائر وصف الحدث بأنه “عمل خطير وغير قانوني”، ودعا إلى ردع المعتدين ومسؤولية دولية. 

  • مندوب أمريكا وكيلة الأمين العام عبرت عن أن ما جرى لا يخدم أهداف السلام، وشدّد على أن التنسيق يجب أن يصاحب الجهود من أجل خفض التصعيد. 

  1. اختبار لآليات النظام الدولي
    الهجوم على دولة ذات سيادة، تستضيف مفاوضات، ويُدعى فيها الوساطة كعمل رسمي؛ هذا يجعل من التعامل مع المساءلة أمراً حيويًا، وإلا فإن مبدأ السيادة والدور الوسيط سيفقد الكثير من مصداقيته.

  2. خطر التصعيد الإقليمي
    هذا النوع من الضربات قد يُشعل شعورًا بالتهديد لدى دول الجوار، ويُحفز ردود فعل دبلوماسية أو حتى أمنية. أيضًا يُضعف الثقة بين الدول التي تُحاول الوساطة والأطراف الفاعلة الأخرى.

  3. تأثيره على مسار الوساطات
    إن كانت الدوحة تُشارك بدور الوسيط في ملف غزة وأسرى الحرب، فإن استهداف وفد تفاوضي قد يعرقل الثقة، يُبطئ التقدم، ويُعقّد التوصل إلى حلول. حماس بدورها قالت إن الهجوم لن يُغيّر مطالبها.

  4. المساءلة القانونية والسياسية
    إذ إن غياب ذكر إسرائيل بصراحة في البيان قد يُشير إلى حذر في تحميل المسؤولية، لكن هذا أيضاً قد يكون نظرة عملية بسبب المفاوضات الدولية، العلاقات، والمصالح. هناك سؤال حول إمكانية فرض عقوبات أو اتخاذ تدابير دولية فعالة.

أرى أن هذه الجلسة تُشكّل علامة فارقة في النزاع المحتدم بين إسرائيل من جهة، والدول التي تسعى للوساطة من جهة أخرى. فقد أثبتت قطر أنها ليست جهة هامشية، بل طرف فاعل في الساحة الدولية، وامتلكت قدرة على جذب تضامن واسع حتى من دول تُعرف بدعمها لإسرائيل، مثل الولايات المتحدة في هذا البيان الذي عُقد بالإجماع.

ومع ذلك، فإن البيان الصحفي الذي لم يذكر إسرائيل صراحة، رغم وضوح من أقدم على الهجوم حسب معظم التقارير، يُعكس توازنًا دبلوماسيًا هشًّا، ربما لأن بعض الدول الأعضاء تفضل تجنّب التصعيد أو الحاجة للمحافظة على قنوات تواصل معينة.

على المدى الطويل، يجب أن تكون هناك مساءلة واضحة، وألا تُترك الأمور تشير فقط إلى الإدانة الكلامية. فالسلام لا يُبنى بالكلمات وحدها، بل بالعدالة، بالمحاسبة، وباحترام السيادة، وبالأفعال التي تحافظ على الثقة وتجعل الوساطة وسيلة قابلة للتطبيق لا مجرد شعار.

جلسة مجلس الأمن الطارئة لم تُعقّد فقط صورة العدوان على قطر، بل كشفت هشاشة موازين القوى الدولية حين تُستهدف دولة وسيط تلعب دورًا مهمًا في المفاوضات. الصمت عن ذكر جهة التنفيذ في البيان يمكن أن يُفهم على أنه محاولة لحماية خطوط دبلوماسية مفتوحة، لكن في نفس الوقت يُثير تساؤلات حول مدى التزام المجتمع الدولي بالمعايير التي يُعلنها.

إذا تواصل هذا المسار دون رد عملي أو ضمانات، فالأمر قد لا يقتصر على تردد دبلوماسي، بل قد يصبح قاعدة يتكرر فيها استهداف الدول المحايدة أو التي تلعب دورًا في الوساطة، دون تكلفة حقيقية تُلزم المعتدي. وما لم يُخالفوا القوانين، يُفترض أن الحقوق محفوظة، وأن السيادة ليست قابلة للإلغاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى