إسرائيل هدفاً لانتقادات عديدة في ندوة الأمم المتحدة حول فلسطين

أحمد رباص ـ تنوير
تحت رعاية فرنسا والمملكة العربية السعودية، تم تنظيم ندوة دولية رفيعة المستوى حول حل الصراع الفلسطيني وتنفيذ حل الدولتين في إطار الأمم المتحدة، وفيها ردت العديد من الدول على الهجمات الإسرائيلية على غزة.
في هذا الإطار، دعا وزير الخارجية الياباني إيوايا تاكيشي إسرائيل إلى الإنهاء الفوري لجميع إجراءاتها الأحادية الجانب ضد غزة. وتحدثت إيوايا في هذه الندوة الدولية عن القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، واصفا توسيع المستوطنات غير القانونية وإجراءات الضم في الضفة الغربية المحتلة بأنها “غير مقبولة على الإطلاق”، وأضاف قائلا: “اليابان تدين بشدة هذه الأعمال وتدعو إسرائيل إلى الإنهاء الفوري لجميع الإجراءات الأحادية الجانب”. وشدد إيوايا أيضا على أنه يجب على حماس إطلاق سراح الرهائن وإلقاء أسلحتها.
في معرض تأكيده على أن اليابان دعمت دائما حل الدولتين، قال إيوايا: “بالنسبة لبلادي، الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس مسألة “نعم أو لا”، بل مسألة “وقت”. وأكد المتحدث أنه يشارك في رئاسة مجموعة العمل المعنية بالجدوى الاقتصادية لفلسطين مع النرويج ويجري مناقشات بناءة مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في هذا السياق.
وشدد إيوايا على ضرورة المعالجة العاجلة للصعوبات المالية التي تواجه السلطة الفلسطينية، لافتا الانتباه إلى أن الوضع الحالي في غزة “وصل إلى نقطة خطيرة ومثيرة للقلق للغاية”. واكد وزير الخارجية الياباني على أن اليابان ستواصل مراقبة التطورات في المنطقة عن كثب لإجراء تقييم أكثر تعمقا، مضيفا أنه إذا اتخذت إسرائيل خطوات يمكن أن تعيق حل الدولتين، فإن طوكيو “ستضطر إلى اتخاذ المزيد من التدابير”.
من جهتها، شددت وزيرة الخارجية السلوفينية تانيا فاجون على أن حل الدولتين الدائم والمتفق عليه بشكل متبادل هو الطريق الصحيح الوحيد المؤدي إلى تحقيق السلام في المنطقة، مصرحة بأن السلام لا يمكن أن يوجد بدون حكومة فلسطينية شرعية ومعترف بها، لا تحتاج إلى إصلاحات فحسب، بل تحتاج أيضا إلى إصلاحات الدعم الدولي.
وفي إشارة إلى الهجمات الإسرائيلية على غزة، قالت فاجون إن الصور المروعة للأطفال الذين يتضورون جوعا في غزة هي نتيجة اختيارات متعمدة. هذه كارثة من صنع الإنسان. وتشهد غزة ما يصفه القانون الدولي بالإبادة الجماعية. وهذا الوضع يتطلب كلمات واضحة وإجراءات عاجلة. وعندما تحل القوة محل القانون، فإن الأمر لا يؤدي إلى الأمن، بل إلى عدم الاستقرار والتطرف على حساب أجيال بأكملها.
وقالت فاجون إنهم في سلوفينيا أصروا على أن القانون ينطبق بالتساوي على الأقوياء والضعفاء واعترفوا بالدولة الفلسطينية في هذا السياق العام الماضي.
وأضافت فاجون أنهم دعوا إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن وحماية جميع المدنيين، قبل أن تختم يقولها: “نحن نصر على وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة. نوجد الآن عند نقطة تحول، التاريخ لن يتساهل مع التردد. لن يتذكر التاريخ الخطب التي تهرب من الحقائق القاسية. وسيتذكر التاريخ بوضوح أولئك الذين ظلوا صامتين أثناء الإبادة الجماعية. أتمنى أن يُنظر إلى هذا المؤتمر ليس فقط باعتباره مجرد منصة صوتية، بل باعتباره أيضا المكان الذي انتقل فيه المجتمع الدولي أخيراً من الأقوال إلى الأفعال”.
أما وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول فقد قال إن بلاده تدعم حل الدولتين في الصراع بين فلسطين وإسرائيل، مؤكدا أن الدولة الفلسطينية المستقلة والديمقراطية والقابلة للحياة، والتي تتعايش مع إسرائيل في سلام وأمن، لن تكون إلا نتيجة حل الدولتين المتسق مع القانون الدولي، يتم الحصول عليه عن طريق التفاوض ولا يوجد له حاليا بديل مقنع.
وقال واديفول إنهم في ألمانيا يدركون أن حل الدولتين يبدو أبعد من أي وقت مضى، مضيفًا: نحن ندرك أيضا أنه يتم حاليا اتخاذ خطوات لجعل هذا الحل غير قابل للتحقيق. وقال: “نحن هنا اليوم لأننا نؤمن بمستقبل أفضل”.
وشدد واديفول على أن بلاده تلتزم بثلاثة مبادئ في هذا المجال، موضحا: “أولا، نحن لا ولن نعترف بأي تغييرات على حدود 1967 دون موافقة الطرفين. ثانيا، ننظر إلى المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة باعتبارها غير قانونية وتشكل عقبة رئيسية أمام السلام. ثالثا، نحترم الفتوى التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في 19 يوليوز 2024 ونتصرف وفقا لأحكامها”.
وأضاف وادفول أن ألمانيا ستظل دائما ملتزمة التزاما عميقا بوجود إسرائيل.
من جانبه، قال وزير الخارجية الهولندي ديفيد فان ويل إن “الحرب الرهيبة” في غزة يجب أن تنتهي ويجب عكس الوضع المثير للقلق في الضفة الغربية المحتلة، مضيفا أن هولندا تحاول تغيير مسار إسرائيل من خلال التدابير المتخذة على المستوى الوطني والأوروبي.
وأضاف فان ويل أن تشكيل حكومة فلسطينية شرعية وديمقراطية، تمارس السيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية، أمر ضروري لإنشاء دولة فلسطينية “قابلة للحياة”.
وذهب فان ويل إلى أن حماس لا ينبغي أن تلعب دورا في الحكومة الفلسطينية المستقبلية، وأنه يجب عليها إطلاق سراح السجناء ونزع سلاحهم، وقال أيضا إن الحل المحتمل يجب أن “يضمن أمن إسرائيل”.
ومما قاله فان ويل أن هولندا ستعترف بالدولة الفلسطينية في مرحلة لاحقة، كجزء من العملية السياسية التي يجب أن تبدأ الآن.
بينما قال وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكي راسموسن في كلمته: “تسببت الحرب في غزة في كارثة إنسانية ذات نطاق لا يطاق، وإسرائيل تكثف هجماتها العسكرية. ويجب أن يتوقف هذا الوضع على الفور. ويجب على إسرائيل الآن أن تغير مسارها”.
وأكد راسموسن أن حل الدولتين يواجه صعوبات بسبب معارضة إسرائيل لتوسيع المستوطنات غير القانونية وتهديداتها بضم غزة والضفة الغربية، مضيفا أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية “لم يعد يعتمد على الحكومة الإسرائيلية، بل على الفلسطينيين”.
وقال راسموسن: “الدنمارك مستعدة للاعتراف بفلسطين كدولة عند استيفاء شروط معينة: عندما يتم إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وعندما يتم نزع سلاح حماس ولن يكون لها أي دور تلعبه في غزة، وعندما تكون السلطة الفلسطينية قد حققت المزيد من التقدم في أجندتها الإصلاحية وعندما يكون من المؤكد أنه سيتم نزع سلاح الدولة الفلسطينية المستقبلية”.
وقال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني إن المؤتمر يعقد في وقت مهم، مضيفا أن الوضع الإنساني في غزة كارثي. وأوضح أن موقف إيطاليا واضح، فهي تعارض احتلال قطاع غزة وتشريد سكانه.
وأضاف تاجاني أن إيطاليا تدين الهجوم الإسرائيلي على وفد حماس المفاوض في الدوحة عاصمة قطر، معترفا بأنها تشجع قطر على مواصلة جهود الوساطة مع مصر والولايات المتحدة. متحدون من أجل تحقيق وقف إطلاق النار.
وقال الوزير تاجاني أيضا إن بلاده تدين قرارات الحكومة الإسرائيلية بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وأنها تدعم بقوة حلم الشعب الفلسطيني في إنشاء دولة، مضيفا: سنعمل جاهدين لإيجاد حلول الدولتين التي تسمح للفلسطينيين والإسرائيليين بالتعايش السلمي. وهذا هو الحل الوحيد الذي سيضمن مستقبل السلام، على حد تعبيره.
وشدد تاجاني على أن رسالة نيويورك واضحة، وقال: يجب على إسرائيل أن توقف التفجير ويجب على حماس إطلاق سراح السجناء على الفور.
وأضاف تاجاني أن إيطاليا قدمت آلاف الأطنان من المساعدات للشعب الفلسطيني ورحبت أيضا بالأطفال الفلسطينيين في إيطاليا لتلقي العلاج.
بالنسبة إلى قطر، قال وزيرها للشؤون الخارجية السلطان سعد المريحي إن المؤتمر “ذو أهمية تاريخية في عملية حل الصراع الفلسطيني”.
وفي معرض إشارته إلى أن هذه التعبئة الدولية تتم في سياقين، أعلن المريحي: الأول هو السياق التاريخي الهادف إلى وضع حد للقمع الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني منذ عقود، واحتلال أراضيه وجميع الجرائم المرتكبة ضده. والثاني هو الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أي تدمير قطاع غزة والعنف الإسرائيلي المتزايد ضد الضفة الغربية.
وألح المريحي على أن إسرائيل أدت إلى تفاقم التوترات بموقفها غير المسؤول وانتهكت القانون الدولي بشكل واضح من خلال استهداف العديد من دول المنطقة، بما فيها قطر (9 شتنبر).
من جهته، قال وزير الخارجية الإماراتي خليفة شاهين المرار، إن بلاده ترحب بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، ودعا الدول التي لم تتخذ هذه الخطوة بعد إلى الاعتراف بفلسطين.
وشدد المرار على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، مع الأخذ في الاعتبار التطورات الخطيرة في قطاع غزة، والتهديدات بضم الضفة الغربية من قبل إسرائيل وغيرها من الانتهاكات، وشدد على أهمية دعم وساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.
وجدد المرار دعوة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى “تحمل مسؤولية ردع إسرائيل وإنهاء انتهاكاتها”.
أما وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، فقد أشار إلى أن الوقت قد حان لاتخاذ خطوات ملموسة لإنشاء الدولة الفلسطينية ومعارضة خطط إسرائيل الهادفة إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم بالوسائل الدبلوماسية والقانونية والاقتصادية.
هذا، وقد نفى الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا وجود شيء يمكن أن يبرر تشويه أكثر من 50 ألف طفل، معلنا أن ما يحدث في غزة يتجاوز إبادة الشعب، وهذا أيضا يدمر أحلامه في الأمة.
وأكد لولا دا سيلفا على حق الوجود لكل من إسرائيل وفلسطين، قائلا: “الدولة تقوم على الأرض والسكان والحكومة. وفي حالة فلسطين، تآكلت هذه العناصر، مما أدى إلى احتلالها بشكل غير قانوني. ويجب على الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية. لقد انضممنا إلى الإجراء الذي اتخذته جنوب أفريقيا أمام المحكمة الجنائية الدولية لإنهاء الإبادة الجماعية. لا توجد كلمة أكثر ملاءمة من الإبادة الجماعية”.
وقال لولا دا سيلفا إن الوقت قد حان لتوسيع صلاحيات الجمعية العامة للأمم المتحدة وإنهاء “إساءة استخدام حق النقض” في مجلس الأمن.
وأكد لولا دا سيلفا أن ضمان حق الشعب الفلسطيني في أن يكون له مصيره هو مطلب للعدالة، وشدد على ضرورة تعزيز السلطة الوطنية الفلسطينية.
وأضاف لولا دا سيلفا، مستذكرا أن بلادها علقت صادراتها من الأسلحة إلى إسرائيل: “إننا نحيي جميع الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية. وكما اعترفت البرازيل بفلسطين في عام 2010، فإننا نمثل الآن أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة. ولابد من اتخاذ تدابير ملموسة لضمان رؤية الدولة الفلسطينية لنور النهار، لأنه ما دام هذا الخلل مستمراً، فلن يكون من الممكن إقامة حوار حقيقي”.