من الاحتقان إلى الحكامة: الحاجة إلى سياسة عامة ما فوق حكومية – مصطفى المنوزي

علينا أن نقر بأن جدول الأعمال السياسي والاجتماعي قد تغير، وأن الأوراق اختلطت وتماهت المسؤوليات، في غياب تشخيص دقيق لما جرى. وإن أول خطوة ضرورية هي تهدئة الوضع رغم التوتر، حتى يتفكر الجميع بهدوء وروية، لأن المناخ المشحون بهاجس انتخابي وتنافس غير مشروع لا يحتمل أي تصعيد إضافي.
لقد احترقت ورقة الحكومة، سواء بسبب قصور المسؤولية السياسية في مواجهة الاحتقان الاجتماعي، أو بفعل الانفلات الأمني وسوء تدبير الوقائع بغياب الحكامة. وحان الوقت للاعتراف مرة أخرى بأن الرهان على الحل لا يوجد في الشارع فقط ؛ و على قدر تعدد المقاربات والتصورات والمبادرات ، حصل تضخم في عدد ضباط المعركة وندرة الجنود، حيث يقابل التحريض غيابُ التأطير وضعف ضبط زمام الأمور. ولا يُعقل أن يُترك الفعل الاحتجاجي رهين الصدفة والعشوائية والارتجال، في غياب أي سند حزبي أو نقابي ، أو تغييب قسري بدعوى صراع الأجيال ، وهو عرف غير دستوري يبادر على المطلوب ومشوب بالوصم والإقصاء ، فالنفس الثوري في العقليات دون التمثلات .
ولذلك فالحل، كما أكدنا سابقًا، يكمن في المؤسسات وتجريب الإنخراط في دواليب صناعة القرار وضمن القانون، رغم محدودية الجودة والفعالية أحيانًا. غير أن الأمر يتطلب اليوم إجراءات عملية ما فوق حكومية، أي خيارات تتجاوز السياسات العمومية نحو سياسة عامة واستراتيجية حيوية، هدفها إيقاف نزيف الغضب وضبط الحماسة من جهة، والعمل على تلبية المطالب المستعجلة من جهة أخرى، في إطار حكامة اجتماعية وأمنية متكاملة. وحتى لا يسقط الوعي المتراكم في العدم ، على الجميع أن يتحمل مسؤوليته كاملة دون تجديد أو انتقاء ، فالمغاربة الأحرار فداء للوطن وأمنه وإستقراره وحماته وليسوا أكباش فداء !كما تتم المراهنة لدى تجار الأزمات
مصطفى المنوزي