وجهة نظر

ذ.محمد صلحيوي :اليسار الكامن واليسار الكائن…(الجزء الثالث)

الجزء الثالث..
3-إرتدادات الحراك الشعبي المغربي…
يؤكد السسيولوجيون أن للحركة  الإجتماعية ثلاث إرندادات:
-مباشرة(الزمن القصير) ،ذات طبيعة  سياسية إجرائية في شكل قرارات وإجراءات.
-متوسطة المدى=الزمن المتوسط)،ذات طبيعة إقتصادية تنموية، تستدعي التخطيط والبرمجة.
-بعيدة المدي(الزمن الطويل)وهو زمن طويل، وهو من طبيعة ارتداد فكري وثقافي.
وعادة ما تحدد “الحركة الإجتماعية” على أنها ((فعل جماعي لمجموعة بشرية،تعيش حالة غبن وحيف،تراكم في الزمن الطويل،معبر عنه في “الغضب” المتواصل، والمطالبة برفعه وجبر أضراره..)).
يمكن القول، ومن خلال ماسبق،أن العناصر/المنطلقات  الأربعة السابقة(الحلقة 15)، تتيح إمكانيات تحليلية ومن زوايا مختلفة ومتعددة لفهم طبيعة الحراك الشعبي وراهن ارتداده داخل هيئة سياسية يسارية؛لكن السؤال الدقيق هو : هل طريقها مستقيمة لإحداث رجتها المأمولة وافعياً،أم أن مقولة “عقليةالوطنية المغربية” ستكون عصية عليها، وبالتالي نعود من جديد إلى الاستبطان الشعبي لمراكمة الغضب الشعبي والمناطقي (الريف)؟ ونعيد إنتاج مقولة”لن يكون للحراك الشعبي المغربي غد، ولكن له مستقبل” .
واضح، أن الموضوع، بكل أسئلته يفرض مقاربة أبعد من سياسية واجتماعية وحقوقية، إنها تتعدى تلك المستويات إلى مستوى ثقافي / قيمي، ما يستدعي تحليلياً وتركيبياَ،وبالضرورة، أسئلة أخرى من قبيل: لماذا كلما تحرك الريف، يواجه بتهمة الانفصال ؟  إن السؤال السابق، يشكل المفتاح لفهم  وجود”عتادين ذهنيين وسرديتين ” أطرتا وسيجتا تاريخ المغرب على مدى قرن من الزمن(1921-2021). وقبل تفصيل هذه النقطة أفرغ أولا من محور ” الحراك الشعبي المغربي “وصدام التسميات.
التسميةوالتوصيف، مستوى من  مستويات “الإلتباس و التوجس” لقطاع واسع من الرأي العام بخصوص الحراك الشعبي؛ومجال للمحاضرة والتضييق عند الإعلام الرسمي؛ونصطدم بالتسميات التالية :
-الحراكات الاجتماعية: تستعمل هذه التسمية من طرف المنظمات النقابية بشكل خاص، وخلفية التسمية، كون المطالب  هي مطالب المجتمع المغربي برمته، وعندما يتطور النقاش صوب الإشكالات العميقة لكل موقع من مواقع الحراك  الشعبي، يحضر الإصرار على التعويم.
-الحراكات الشعبية: وتستعمل من طرف الأحزاب السياسية،كتسمية للحراك الشعبي،مع وجود استثناء، والخلفية هنا – إعتقاداَ منها-هي عدم تبخيس نضالات الشعب المغربي، بالنسبة إليها، التركيز على الحراك الشعبي بالريف بحمولاته وسيرورته وصيرورته هو التبخيس بعينه للنضالات الشعبية، وعندما تواجه بالوقائع المادية على الأرض تلجأ لخطاب الوطنية، هنا نجد أنفسنا مع منطق التعويم المضمر لموقف ثاو في مكان  آخر، وهنا أؤكد مسألة وجود الإستثناء الحزبي الذي يمثله الحزب الإشتراكي ألموحد.
-حراك الحسيمة: ويستعمله الإعلام الرسمي تسمية ” أحداث الحسيمة” والتسمية  تهدف إلى عزل الحسيمة عن محيطها،وتفادي تسمية البعد المناطفي   التي يعني ورودها ورود الكثير من الإشكالات غير المرغوب في التعاطي معها. وإذا كان واضحا(تجنب البعد المناطقي)كهدف لدى الالتفافيين على الحراك الشعبي، فإن استعمالها‐ التسمية‐ من طرف مهتمين صادقين يستلزم إثارة الانتباه إلى ما يلي: إن الحسيمة تاج وعقل الحراك الشعبي بالريف، الدريوش       والناظور رئتاه، والوطن المغربي شرايينه وشبابه قلبه النابض.
كانت الخلاصة،ماقبل الحراك الشعبي وبالوضع الوطني المشار إليه أعلاه” ،هي: “الردةالثقافيةوالسياسية وهي إحدى التوصيفات المفسرة، أو التي حاولت تفسير وضعية تحمل من “السريالية” الشيء الكثير دولة تجري انتخابات لتثبيت إستراتيجيتها،وحقل إجتماعي متنوع الديناميات مقاوم من أجل التغيير؛ ونخب سياسية وثقافية  مرتبكة ومترددة.

إذن،الوضعية المغربية كانت ولازالت،حبلى بسؤال ” تخصيب” السياسة لمواجهة إستراتيجية  الهيمنة الشاملة على المجتمع وتكريس منظومة قيم الزبونيةوالفساد.           -جاءت تسمية الحراك الشعبي السلمي المغربي جمعاَ بصيغة المفرد، بكل تنوعه ودينامياته،بعد انتقاله من مستوى الاحتجاج إلى مستوى حراك اجتماعي منظم، لتؤكد – التسمية‐ أن الحراك فعل شعبي فوق‐ طبقي، وهذه نقطة قوته، على عكس ما تذهب إليه بعض القراءات التي   تؤكد أن عدم ارتكاز الحراك على طبقة اجتماعية محددة، وتقصد الطبقة الأكثر تضررا اقتصاديا، هو نقطة ضعف  “الحراك” والقراءات المشار إليها تنحو منحى اقتصادوي، والحال أن تسمية الحراك يعبر عن فعل ودينامية شعبية غير مؤطر بشعارسياسي معين وطبقة اجتماعية محددة كما كان الشأن مع حركة 20 فبراير، باعتبارها حركة سياسية معبرة عن أفق الطبقة الوسطى.

ومن باب تأكيد المؤكد، أن الحراك قد أحدث اختراقا حقيقيا وكبيرا- وعميقا أيضا، ومن حيث حمولاته-في السقف السياسي الوطني، بكل تعارضاته وتلاقياته..  يمين/يسار.. رجعي/ تقدمي.. إصلاحي/جذري.. حداثي/ سلفي.. الشرعية التقليدية/ الشرعية الديمقراطية. جاء الحراك الشعبي وأحدث ثقوبا في سقوف كل هذه القوى والتيارات:
-فشرعية المحافظة والتقليد لم تعبر بالوطن المغربي إلى الدمقرطة والمواطنة والعدالة الاجتماعية والجهوية والمناطقية.
-والتيار اليساري، لايستطيع فرض الشرعية الديموقراطية والمواطنة الشاملة والعدالة الإجتماعية والجهوية والمناطقية،بسلبب تقوقعه داخل بنية عقلية ماضوية،معيقة لتطوره الفكري..
لنلاحظ كيف التقى بعض دعاة الدمقرطة مع خصومهم في “الهدف” من منع الأمينة العامة للحزب الإشتراكي ألموحد الدكتورة نبيلة منيب من دخول البرلمان؛ويطرح السؤال التالي :
لماذا لم يدعم بعض اليسار موقف الحزب الإشتراكي ألموحد وأمينته العامة الرافض لإجبارية جواز التلقيح؟.
سؤال تأخرطرحه كثيراً..
بعد أن تم إخراجه وبطريقة فانتازية من فيدرالية اليسار الديمقراطي،ظن الكثيرون.    والكثيرآت أن الحزب الإشتراكي ألموحد سينشتت ويتحلل؛وإنطلاقاً من هذا الإعتقاد،سارعت هذه القوى-المصنفة يساراً- لإبداء نيات الخنوع والرضى على القرار غير الدستوري وغير القانوني،بدخولهم إلى قاعة البرلمان بغرفتيه(النائبة هنا والمجموعة الكدشية هناك) باعتقادِ ثان هو أن شوكة وعزيمة نبيلة منيب ومعها الحزب الإشتراكي ألموحد ستنكسر.
الخلاصة هنا هي:بعد فشلهم في فرض إجبارية الإندماج الكاريكاتوري،هاهم يقدمون الدعم لفرض إجبارية جواز التلقيح.
وبكلمة: إنهم-للأسف-يسار تدبيري وليسوا يساراًتغييرياً، وخلافههم مع رحمهم الأصلية خلاف في الزمن وليس في الرؤية والتصور.
أما نبيلة منيب ومعها الحزب الإشتراكي ألموحد فمن رحم عصية عن التطويع والتركيع…
فمن يغفل المقدمات ، تداهمه النتائج؛لقد بدا جليا، وعلى أرض الواقع،أن الدولة قد حسمت أمر مسح كل المساحات النضالية التي خلقتها/ أوجدتها حركة 20 فبراير 2011، وذلك بخطة إغلاق كل الحقول .”والمعنى ” من ذلك أن الدولة قد اختارت ركوب إستراتيجية الهيمنة التامة على المجتمع، والتسييد التام لكل ما هو تقليدي محافظ. أماالسقف السياسي  المعارض(الحزب الإشتراكي ألموحد تحديداً)والذي قدم مؤشرات واضحة لخط سياسي مكرس لإستراتيجية ديمقراطية مواطنة،من موقع يساري(وهذا ما غفلته مكونات الفيدرالية الأخرى،فاهمتها النتائج ) ، هذا الخط كان في حاجة إلى رلزال سياسي من حجم  الحراك الشعبي، لصياغة “معني” مغرب مابعد  حركة20 فبراير  والحراك وكورونا..

في سياق الإرتدادات – الإمتدادات بمفهوم المؤرخين-على الإنتلجنسيات الحزبية والفكرية عموماً،في سياق ذلك،جائت الندوة المركزيةالتي ،نظمها حزب الإستقلال  يوم27 مارس (2021) في موضوع:أحداث1958-  1959. بمنطقة الريف:”رؤى متقاطعة وشهادات” ،بمشاركة مجموعة من المؤرخين والباحثين،وفي شكل جلسات.
هذه الندوة المنظمة من طرف حزب الإستقلال تحديداً،تفرض الملاحظات التالية:
1-أط الحزب،وهو من الرافضين لسردية الريف الوطنية،أطلق منذ سنتين تصريحات تقول بأنه مستعد لتقديم “اعتذار رسمي للريف”إن ثبت تورطه فيما يسميه”بأحداث” الريف؛وهذا إقرار أولي بمسؤولياته فعلاً.
2-من الملاحظ ومن خلال تعقيبات رئاسة الندوة على المتدخلين، أن هاجس الحزب هو الإستماع إلى تاريخه وقادته،وليس إلى ما يقوله التاريخ بحقائقه.
3-بالرغم من أن الندوة خصصت لموضوع منطقة الريف   58-59،إلا أن الندوة كانت فعلاً قراءة لقرن من تاريخ الريف في علاقته بالمركز وبكل الفاعلين من خلاله، وكانت شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي ناظم هذا التاريخ.
4-الخلاصة المركزيةالتي أنهى بها قادة الحزب الندوة هي:إذا كانت هناك مساءلة ومحاسبة، فليس لحزب الإستقلال وحده، بل، للطرف المنشق عن حزب الإستقلال أيضاً،أي الإتحاد الوطني للقوات الشعبية والإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية والمنحدرين منهما؛ وقد ذكرت شخصيات كانت في قيادة الحزب، آنذاك،كعبد الرحيم بوعبيد و المهدي بنبركة والفقيه البصري..
محطة أخرى لإرتدادات الحراك الشعبي على الإنتلجنسيات المغربية، ذلك المخاض الذي اعتمل ذاخل مؤسسات بحثية وعلمية،مرتبطة بالأحزاب المنحدرة من “الحركة الوطنية المغربية” وسلالاتها؛وكانت  “الوطنية المتجددة” والمواطنة”، هي الجملة الدالة عن وجود ضوءخافت، منبعث  من زاوية من زوايا العقلية المركزية للنخب السياسة المتحزبة المغربية، المتمسكة-ولأجيال- بفكرة امتلاك شرعية الحديث عن الوطن من حيث مضمون تطوره السياسي أوالمواطناتي، والوطنية من حيث بعديها الإختزالي أو الشمولي.
بالتأكيد يحتاج هذا الضوء لقوة كبيرة،حتى يكون كشافاً لكل الأعطاب المنتجة  للتردد والإرتباك الذي لازم  الإنتلجنسيات المغربية تاريخياً،وهي تواجه منعطفات  حاسمة في تاريخ وطننا المعاصر، تطلبت مواقف جريئة.   و مخترقة لسقف التكبيل.
ذلك ما عكسه اللقاء التمهيدي الذي نظمته المراكز والمؤسسات البحثية(مؤسسة علال الفاسي-
مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد-
مؤسسة علي يعته-
مركز محمد بنسعيد آيت يدر-
مؤسسة أبو بكر القادري-
مركز محمد حسن الوزاني-
مؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة؛ يوم السبت24أبريل 2021؛ بمقر مؤسسة علي يعتة للنقاش التمهيدي، لمضمون النداء الذي أعلنته سابقاً،من أجل الحوار الوطني الشامل للنموذج التنموي.

إستدعت المراكز المنظمة للقاء التمهيدي،كماقالت، مجموعة من الأكاديميين و المثقفين لمحاورة أرضيتها التي قدمتها، والتي تناولت أربع محاور:
-محور الأوضاع الإجتماعية الإقتصادية،موظفة مفهوم الهشاشة.
-غياب الثقة بين للمجتمع  الدولة.
-وسيلة الفعل هي: الحوارالشامل.
-“الوطنية المتجددة ” كهدف لهذه المبادرة.

من المثير للإنتباه فعلاً، أن تقدم هذه المؤسسات على مبادرة إطلاق “نداء الحوار الوطني الشامل للنموذج التنموي وتنظم لقاء مناقشته،وتغيب رأياً وازنا في الوطنية المغربية،يتعلق الأمر هنا بالإمتداد الفكري والثقافي للحراك الشعبي بالريف والذي يمثله العديد من الأكاديميين والمثقفين،ونحن نعلم أن محاولاتهم لتأسيس مركز الخطابي للدراسات الذي لم يسمح له بالتواجد.

بدا واضحاً،أن القائمين على مجريات هذا اللقاء الحضوري، قصدوا قصداً أن “تكون”الوطنية المتجددة”حمالة أوجه ،لم تسلك المؤسسات المنظمةسبيل تحديد قصدية محددة لورودها،ما أنتج عدم التركيز عليها من طرف المناقشبن،ما عدا الأستاذ  سعيد بنسعيد الذي ركز على أن التجديد يطال الفكر المسند للوطنية وليس الوطنية في حد ذاتها
إن الصيغة منطلقة من البنية العقلية المركزية التي كرستها ورسختها الحركة الوطنية وسليلاتهاعلى مستوى”المخيال الجماعي” لمقولتي “الوطن والوطنية”.إلا أن وهي ١المبادرة-تؤكد أن ظرفية2011-2021،قد أحدثت رجتها في البنية الفكرية لنخب الإحزاب التي قادت،إدعاء أو واقعاً،النضال الوطني والديموقراطي،وقد شكل تدخل المؤرخ عبد الأحد السبتي لحظة إشراق من إشراقات  هذا اللقاء،إذ أجمل المطلوب في أربع نقاط:
-الإنتباه لمعادلة العدالة الإجتماعيةوالمناطقية.(إستعمل مفهوم المجالية).
-إستمرار مركزية قضية الحريات.
-بروز الهشاشة بشكل غير مسبوق.
-الإجماع على نقد الأوضاع(تخمة الإنتقاد).

وقد مهد المؤرخ عبد الأحد السبتي لهذه النقاط بفكرة الإجماع التواطؤي على تغييب المحاسب(بفتح السين) عن الأوضاع. إلى جانبه الأكاديمي الفيلالي الأنصاري الذي طرح مقترح:عريضة44-73 من أجل المواطنة، المقترح الذي رفضه عبد الواحد الفاسي عن مؤسسة علال الفاسي ولم ينتبه إلى جوهر فكرة الدكتورة لحلو التي كانت حاسمة في أن ماقبل كورنا قد إنتهى،كونياً و مغربياً.

إلى جانب كل ماسبق هناك ما يشير إلى أن سؤال نداء الدعوة للحوار الشامل  يحمل في طياته إقراراً صريحاً”بسقوط” التعددية الحزبية المغربية كمؤسسات “وساطة” ،ما يؤدي عملياً إلى تغير منصة التحرك من الأحزاب إلى مراكزها،أي، الإنتقال من الجواب السياسي إلى الفكري مع إستمرار توجس  الحزبي من الفكري حتى وإن كان من فضاءه وامتداده.

وقد كان تعقيب المؤرخ المصطفى بوعزيز باسم مركز محمد بنسعيد آيت يدر من الإشراقات المهمة في هذا اللقاء إذ أكد على ثلاث قضايا:
1-الحوار يجب أن يكون لحظة وطنية كبرى وأفقي.
2-المواطنة مشروع للإنجاز.
3-ضرورة استماع الدولة لغضب وحراك المغرب العميق وإعطاءه المعنى الحقيقي.

ومن إرتدادات دروس الحراك الشعبي،أيضاً، والتي لا يمكن أن تخفى على أي متتبع نبيه،خطوة  الكتاب المغاربة لتنظيم إحتجاج وطني؛إن التطور يفرض و يستدعي أسئلة من قبيل :هل الكتاب والمثقفون المغاربة،كتاب و كاتبات، مثقفون ومثقفات، مستعدات ومستعدون للخروج من موقع”رد الفعل” والدخول إلى فضاءات “إنتاج الفعل”؟.
نعم”مغرب الأرض والإنسان”،لكنها، معادلة ملزمة بضرورة إعادةصياغة مضمون “وطن”،وطن الغد،بكل جماله ورمزياته و مساراته ومشتركاته البانية ، الموحدة والموحدة.
فهل نحن إستعداد  لهذه القطيعة مع الماضي الإختزالي؟
مهم جداً تحرك   المثقف/ة،لكن المهم الاهم هو الآندراج التأسيسي لتثبيت دور وموقع حاسم للمثقف في صياغة معنى “الوطنية المتجددة “؟ للوطن،وليس اندراجاً سياقيا  ظرفياً.
تقول إحدى الفقرات التوضيح ية للمبادرة:
((حينما انطلقت شرارة الاحتجاج الثقافي، كنا جميعا مدركين انها استمرار طبيعي لاحتجاج ليست هذه بدايته أو نهايته، وإنما هو راسخ ويتخذ دائما عدة صيغ أبهاها الإصرار على التعبير الفني والفكري بوصفه وسيلة جمالية لمقاومة القبح والنسيان والاستسلام والنرجسية.
الدعوة تعني الجميع ولا تستثني أحدا، فكلنا معنيون بالمغرب، أرضا وإنسانا وما يعنيه ذاك من إرث جماعي نتقاسم رمزيته ونؤسس بطرقنا لمسارات أخرى نحيا فيها ونترك أثرها للقادمين. كتاب واحد بصفحات متعددة، وروح واحدة تتكلم بأصوات مختلفة.
لذلك قد نختلف أو نتوهّم الاختلاف، لكننا متفقون على السير في الطريق. قد نخطئ في غمرة المعركة، سهوا، ولكننا لا نفقد أبدا الاحترام والتقدير للجميع بدون استثناء، من كل الأجيال والحساسيات والتعبيرات)) .
وجاء في تقديم التقرير التركيبي لحوارات يوم26-03-2022:
((المبادرة الشجاعة.. دفاعا عن المجتمع…
اختبار جديد للثقافة المغربية، للتعبير عن حضورها بكل الأشكال الممكنة دفاعا عن المجتمع في سيرورته وتحولاته وما ينتجه من تمثيلات تتشابك مع الإنتاج الأدبي والفني والفكري وكافة التعبيرات الأخرى غير المصنفة، حيث تلتقي أصوات عموم المغاربة، بأصوات أجيال من المثقفين ممتلئين أملا ومناعة من وحشية الاستسلام ووجوهه المتبدلة.
في هذا السياق، عقد المئات من المثقفات والمثقفين المغاربة، من مختلف الأجيال والتعبيرات، في خمسين(50) مدينة وقرية مغربية لقاءات حوارية مفتوحة، وذلك يوم السبت 26 مارس 2022. تم منع الاجتماع المركزي الكبير بالدار البيضاء من طرف السلطات المحلية[….] اللقاءات  التي اتخذت الحوار شكلا ثقافيا ونقطة نظام ذات جرس يتوجه للعقل والأحاسيس، وزاوية نظر متحررة من ثقل الأوهام والحسابات، تحليل للأعطاب التي تخنق الحياة وتخدش صفاء الأرواح وتفكك الهوية وتعبث بتفاصيل القوة في ذاكرتنا الجمعية ووعينا الذي هو من طبقات عجيبة تمنحنا القدرة على مقاومة القبح  بكل أشكاله  البئيسة.
وفي ما يلي الخلاصات العشر العامة التي خلصت إليها هذه الاجتماعات الحوارية، وهي مقترحات والتزامات من مثقفين في صف الثقافة المضادة، مع المجتمع بوعي اندماحي، ودعوة للمسؤولين الحكوميين للحد من آثر السنوات العشر العِجاف، وإعطاء مؤشرات عَمَلية لانطلاقة جديدة، ودعوة أخرى للمغاربة، في مسؤولياتهم المختلفة، إلى تَمثل هويتهم التي يمكن أن تكون إرادة حقيقية للتغيير والتأسيس لهويتنا وأمننا الثقافي)).
الخلاصات العشر ليوم الإحتجاج:
أولا: دعوة وزارة الثقافة المغربية إلى:
– احترام العمق الثقافي وتنوعه والمبادرات الشبابية مع الانفتاح على الهوامش بشكل يليق بالإنسان وإرثه ؛ دعم حقيقي ومُشرف للجمعيات الثقافية والكتاب المغربي؛ وعقد مناظرة حول السياسة الثقافية، وتهيئة البنيات التحتية والثقافية بالمدن والبوادي والاعتناء بها.
–  رد الاعتبار للوضعية الاعتبارية للمثقفين والمثقفات، واعتبار الثقافة مكونا من مكونات التنمية الاقتصادية الشاملة والمندمجة والمستديمة.
– إعادة النظر في الدعم العمومي للعمل الثقافي، وفي المنشورات الصادرة عن الوزارة، وفي قيمة ونوعية الجوائز الثقافية، وذلك ضمن إطار تشاور واسع وتشاركي.
– اعتبار الأمن الثقافي، في السياسات العمومية، جزءا لا يتجزأ من السلم والأمن الاجتماعيين.

ثانيا:  دعم البحث العلمي في مختلف التخصصات والميادين وتشجيع وتحفيز الابتكار العلمي والمعرفي، وإصلاح جذري وشمولي للتعليم العمومي وضرورة مراجعة المنظومة التربوية والمقررات والبرامج باتجاه تثقيف التلاميذ وتربيتهم على ثقافة الثقافة، والذوق الثقافي، وتحضيرهم مستقبلا لأن يكونوا مقبلين على روح الثقافة، قراءة ومشاركة.

ثالثا: تطوير المنظومة الإعلامية باتجاه إعلام ثقافي تثقيفي، يعلي الذوق الثقافي، ويبرز كل مقومات الحضارة والثقافة الوطنية في كل أبعادها التراثية الحضارية والإبداعية، في إطار عدالة جغرافية بين كل مناطق المغرب وأصناف الانتاج الثقافي.
رابعا: سن سياسة ثقافية للبلاد، ملزمة لكل القطاعات الحكومية وغير الحكومية، لكل خمس أو عشر سنوات، في إطار تشاركي مع كل الأطراف، بعد حوار وطني حقيقي شامل.
خامسا: دعوة جميع المثقفين، بالمفهوم الواسع والمتجدد للثقافة

الواسع والمتجدد للثقافة، إلى القيام بأدوارهم التاريخية في المجتمع بكل مؤسساته تأسيسا لثقافة جديدة  ومجتمع جديد.
سادسا: مواصلة الدفاع عن القضايا الوطنية بروح ومسؤولية ونضج فكري يترجم وعي ومسؤولية المغاربة ومناصرة القضايا العادلة للشعوب وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني المناضل ورفض مختلف مظاهر التطبيع مع مضطهديه .
سابعا:  التعسف يطول الإنسان والعمران والذاكرة، فمن حق كل مواطن إيجاد شغل يسهم به في تقدم الوطن، ومن حق البيئة أن تحيا بلا إسراف في المواد الكيماوية. ومن حق جماليات المدن تعميرا يليق بالحياة؛

ثامنا: إنصاف مدن معلومة في كل جهات المغرب، استُنزفت من المعادن، ثم تُركت لمصيرها القاسي تموت يوميا وسط الخراب، دون أن تجد من يفكر في بدائل اقتصادية تعيد الحياة في دورتها الطبيعية.

تاسعا: رفض تفكيك الطبقة الوسطى بتفقيرها وتهميشها، والزج بالطبقات الفقيرة إلى المجهول، مما وسع من دائرة التوتر الاجتماعي والاحتقان الصامت، وانعكاس كل ذلك على ثقافة العيش ولغة التواصل والحوار، والاستسلام للكآبة المفرطة؛

عاشرا: تجاوز السياسات الترقيعية في المجالات الحيوية في المغرب واعتماد سياسات عمومية بحلول جذرية، وتخليق الحياة العامة ومحاربة مختلف أشكال الفساد، مع الدعم الفعلي والدائم للعمال والفلاحين والأسر المعوزة ورفع التهميش على الفئات الهشة والفقيرة، ومعالجة الاختلالات الاجتماعية المتراكمة والمترتبة عن تنامي التفاوتات الفئوية والطبقية.

ذ.محمد صلحيوي

عضو المكتب السياسي للحزب الإشتراكي ألموحد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى