الباحث نور الدين الخاديري:قراءة في كتاب موجز تاريخ المسرح لعثمان سجيد
هذا الكتاب الذي بين أيدينا يعدّ ثمرة سنوات من الممارسة الركحية التي جعلت الكاتب عثمان سجيد يصبح منشغلا أكثر بفن المسرح وقضاياه، ولعلّه أدرك أهمية الأثر المكتوب في ترسيخ مبادئ وقواعد ومدارس هذا الفن من حيث تاريخه وأعلامه وأسسه، الأمر الذي دفع الكاتب للاشتغال على الكتابة وتزويد الباحثين والمبتدئين والناشئة المتطلعة والشغوفة بفن المسرح بعُدّة معرفية تيّسر لهم ولوج هذا الفن وممارسته.”موجز تاريخ المسرح” هو العنوان الذي ارتضاه الكاتب لهذا الكتاب، وهو عنوان دالّ على الإيجاز والاختصار في تاريخ أبي الفنون ومبادئه وأسسه ومدارسه وأعلامه.
ومن باب الأمانة العلمية نجد في تقديم الكتاب اعتراف الكاتب عثمان سجيد بأن الكتاب ليس تأليفا شخصيا بل هو بمثابة تجميع وإعداد لعدد لا يستهان به من المقالات والدراسات التي بُذِل في تجميعها جهد مشكور، وتبويب محكم، ومراجعة شاملة.يشمل الكتاب فضلا عن تمهيد وتقديم، ستة فصول، بحيث خصص الكاتب عثمان سجيد الفصل الأول للحديث عن العلاقة الناظمة بين المسرح والفلسفة في حين تطرق في الفصل الثاني إلى سرد تاريخ المسرح اتباعا بدءًا من المسرح الاغريقي وانتهاءً بالمسرح الأوربي في القرن الثامن عشر. بينما أتى الفصل الثالث لممارسة أنواع المدارس المسرحية كالمدرسة الرومانسية، والطبيعية، والواقعية، والرمزية، والدادية، والسريالية، ثم التعبيرية.
ثم انتقل في الفصل الرابع إلى بيان وعرض أنواع المسرح، متخذا من المسرح الملحمي ومسرح القسوة واللامعقول والمسرح الفقير، كما نجد الكاتب لم يغفل المسرح المغربي والعربي بحيث خصص له فصلا مستقلا في الفصل الخامس، علاوة على الفصل السادس والأخير من الكتاب الذي استعرض فيه الكاتب مكونات العرض المسرحي بدءًا من عملية التأليف المسرحي مرورا بالتمثيل والإخراج عبر الديكور والماكياج والملابس، والمنظور المسرحي والإضاءة والموسيقى، وتقاسيم خشبة المسرح فمدلولات الألوان.يمكن القول عموما بأن كتاب موجز تاريخ المسرح الذي أعدّه وجمع فقراته ومحاوره الكاتب عثمان سجيد، اجتهادا علميا ومعرفيا يشرف البحث العلمي المسرحي، ويبصم على انطلاقة كاتب مسرحي شغوف بأبي الفنون منشغلا بهمومه وقضاياه. نتمنى له المزيد من التألق والنجاح.
الباحث والناقد المسرحي نور الدين الخاديري
