سحب قانون تجريم الإثراء غير المشروع من البرلمان
قانون تجريم الإثراء غير المشروع – الذي ينتظر المغاربة المصادقة عليه من طرف البرلمان وتفعيله منذ 2016 للتَّحقُق من مصادر أموال وممتلكات الأثرياء ومتابعة جامعيها بطريقة غير قانونية واستردادها..
وإيقاف نزيف الفساد المالي الذي يكلف الخزينة أكثر من 50 مليار درهم سنويا.. أي %2 من نسبة النمو الاقتصادي، مبلغ يمكن أن يساهم في مشروع الحماية الاجتماعية بتخصيص تعويض شهري عن البطالة أو لدعم الأسر تحت خط الفقر..
مشروع القانون هذا، تم سحبه من البرلمان يوم أمس اذ توصل مجلس النواب بطلب من رئيس الحكومة المغربية بسحب مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي والذي يتضمن مادة حول تجريم الإثراء (الكسْب) غير المشروع والتي أثارت الكثير من الجدل داخل المؤسسة التشريعية.
وأعلن أمين مجلس النواب، خلال افتتاح جلسة الأسئلة الشفوية المنعقدة الثلاثاء، عن توصل مكتب الغرفة الأولى بطلب سحب مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي المحال على المجلس من طرف الحكومة السابقة يوم الجمعة 24 يونيو/حزيران 2016.
الحكومة المغربية بررت الخطوة بـ«ضرورة مناقشة مشروع القانون المثير للجدل في شموليته» وقال الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن الأخيرة قررت سحب مشروع القانون الجنائي من البرلمان لصعوبة مناقشته بشكل مجزأ.
وتابع الوزير المغربي الذي كان يتحدث خلال تقديم مشروع الميزانية الفرعية للوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان): «كنا نعاتب الحكومة السابقة لأنها كانت تقدم هذا المشروع بطريقة تجزيئية وليست شمولية» وفق تعبيره.
ينص مشروع القانون على جرائم جديدة، من بينها الاختفاء القسري وتهريب المهاجرين واستفادة الغير بسوء نية من الجرائم المالية المتعلقة بالاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ وتجريم الإبادة، بالإضافة إلى الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
إلا أن أبرز مُقتضى جديد تضمَّنه المشروع هو تجريم الإثراء غير المشروع بهدف تعزيز منظومة مكافحة الفساد، ويتجلى هذا الإثراء في الزيادة الكبيرة وغير المبررة للذمة المالية للشخص الملزم بالتصريح الإجباري للممتلكات أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح مقارنة مع مصادر دخله المشروعة دون استطاعته إثبات المصدر المشروع لتلك الزيادة.
وفي مرات عديدة، اعتبر وزير الدولة السابق المكلف بحقوق الإنسان ، أن السبب وراء عدم تمرير التعديلات التي أعدتها وزارتُه عندما كان وزيراً للعدل، هو رفض ما ورد فيها من تجريم للإثراء غير المشروع، وهو ما نفاه مسؤولون عدة، من بينهم وزير العدل في حكومة سعد الدين العثماني محمد بنعبد القادر،عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
وأبرز أستاذ القانون الدستوري في جامعة محمد الخامس في الرباط ضمن تصريح لـ «القدس العربي» بالقول: «نحن اليوم أمام تراجُعٍ في مسار توفير القوانين المناسبة لمحاربة الفساد ومحاصرة الإثراء غير المشروع والذي يتعلق في الأساس بموظفي الدولة المشمولين بالتصريح بالممتلكات. كنا ننتظر أن تجيء الحكومة بالقوانين المكملة مسلسل الإصلاح، لكننا بدأنا بسحب قوانين مهمة».
وأفاد المتحدث أن الحكومة بررت الأمر بمشروع شمولي «إلا أننا نعلم التحديات التي واجهت المشروع الشمولي في عهد مصطفى الرميد وهي الخطوة التي لم تنجح وبالتالي سننتظر لنعرف ما المقصود بالشمولي وفي انتظار ذلك نعتبر الأمر تراجعاً على مسار الإصلاح والقوانين خاصة المتعلقة بمحاربة الفساد».