رسالة ائتلاف 490 -حركة خارجة على القانون-إلى وزير العدل من أجل قانون جنائي ومنظومة جنائية يكفلان خصوصية الأفراد .
تقدم ائتلاف 490 -حركة خارجة على القانون- برسالة مفتوحة إلى وزير العدل ، تتضمن مرافعة من أجل إلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي مبنية على عدد من التعليلات القانونية والتاريخية والحقوقية. الرسالة بمثابة نداء لجميع الفاعلين والهيآت المعنية، حكومية منها ومدنية، حتى تكون أرضية لبناء تصور مشترك، من أجل قانون جنائي ومنظومة جنائية يكفلان خصوصية الأفراد، تماشيا وروح الدستور المغربي.
نص الرسالة :إلى السيد وزير العدل
الدار البيضاء، 20 دجنبر 2021
الموضوع: رسالة مفتوحة إلى السيد عبد اللطيف وهبي وزير العدل في الحكومة المغربية
تعد المصادقة على دستور 2011 بمثابة وعد بمغرب أفضل، مغرب تحترم فيه الحياة الخاصة وكذلك الحقوق الأساسية. ولعل إعلان الحكومة الأخير ومشروعها بإصلاح شامل للقانون الجنائي يعيد أملا طال انتظاره.
للتذكير، إن القانون الجنائي المغربي، وخصوصا شقه المتعلق بالحق الأساسي في حرية الجسد، لم يتغير منذ سنة 1961, بل استمر في إدانة كل مواطنين راشدين يقيمان علاقة جنسية رضائية، وكذلك ضحايا العنف الجنسي، كما تم استغلال هذا القانون لمعاقبة مواطنين مزعجين سواء بآرائهم أو بطريقة عيشهم، فأصبح الفصل 490 يستغل لتصفية حسابات ذاتية؛ قد يتعلق الأمر بطليق غيور او جار أو حارس متطفلين، لأنه فصل غير دقيق وقابل للتأويل.
دور الحكومة الآن هو التفكير، والحسم ثم الأجرأة. مستحضرة كل النساء ضحايا الاغتصاب والابتزاز بنشر صور اباحية وكذلك كل أنواع العنف الجنسي التي يصعب على الضحية أن تقدم شكوى حولها مخافة أن تتعرض للاعتقال بناءا على الفصل 490.
لقد احتفل المغرب مؤخرا بالمصادقة على القانون 103 13(المتضمن للقانون الجنائي) الذي يحمي الضحايا ويعاقب المغتصب، وهذه مفارقة لا يمكن قبولها طالما لم تصل الى حيز التطبيق.
فإلى حدود اليوم, إذا تعرضت امرأة لاغتصاب او ابتزاز بصور إباحية وتوجهت إلى القضاء ولم تستطع إثبات ذلك الاغتصاب، فإنها تخاطر بنفسها فقد يتم اعتقالها بموجب الفصل 490 من القانون الجنائي.
في كثير من الأحيان يبذل القضاة مجهودا من أجل إثبات علاقة جنسية قبلية محتملة بين الضحية والجاني، عوض البحث عن خطورة العنف الذي سببه هذا الأخير، عادة ما يؤدي ذلك الى عواقب مأساوية، ولعل ما وقع في حالة خديجة التي أقدمت على الانتحار في بداية السنة الجارية، لخير مثال…
يعتبر الفصل 490 من القانون الجنائي فصلا تمييزيا بين شباب المجتمع، حيث يستطيع شباب الطبقات الميسورة استعمال شقق خاصة، أو اكتراء غرفتين في فندق أو السفر خارج الوطن، وقد يصل الأمر إلى استعمال المال والرشوة للتحايل على تطبيق هذا الفصل، في حين يعيش شباب الفئات الهشة في الإحباط والقهر.
يعرف معدل متوسط سن الزواج منحنى تصاعديا، في حين يعيش الشباب تقييدا على حرياتهم الفردية مما يحد من ابداعهم ويعوق مشاركتهم في تطوير المجتمع.
تلعب التربية والحماية دورا مهما في تطوير الوعي في أوساط الشباب من أجل بناء المجتمع، بدل القمع والعقاب، المنصوص عليهما في الفصل 490، اللذين يخلقان لدى الشباب نوعا من عدم الثقة في مؤسسات الدولة وبالتالي الهجرة خارج الوطن.
نذكركم أن هذا الفصل قد تم إدراجه من طرف سلطات الحماية، التي قررت تطبيق قانونها الخاص في المغرب (قانون نابليون سنة 1810)، وخصوصا الفصل المتعلق بالجرائم الأخلاقية، والتي اختارت أن تضيف إليه من بين المحظورات في الدين الاسلامي: العلاقة الجنسية خارج إطار الزواج والإفطار في رمضان.
أن نكون مسلمين يعني أن نقبل أن ديننا يحمي خصوصية الناس، وأن شروط الإثبات التي تدين أي شخص بالزنا، هي شبه مستحيلة.
إن المغاربة دافعي الضرائب، يرفضون أن يهدر المال العام في مقاضاة شباب، سواء كانوا ضحايا أو راشدين في إطار علاقة رضائية، بل يفضلون أن تخصص تلك الأموال لرعاية ضحايا العنف الجنسي.
يجب الاشارة أن منظومة العدالة في المغرب تفتقر للموارد المالية، وأن المؤسسات السجنية جد مزدحمة، فمن الضروري تخفيف هذا الاكتظاظ بعدم متابعة الأشخاص الذين لا يشكلون خطرا على المجتمع، وللتذكير فإن وظائف السجن هي: أولا حماية المجتمع بإبعاد الأشخاص الذين يسببون الأذى، ثانيا جبر الضرر الذي يصيب الضحية، ثالثا إعادة إدماج السجين لكي يصبح مواطنا صالحا، ومن هنا يتضح جليا أنه في إطار علاقة جنسية رضائية بين راشدين فإنه لا وجود لضحية، وبالتالي فإن السجن في هاته الحالة لا يقوم بوظائفه الأساسية.
لنتذكر أن الفئات المتضررة من الفصل 490 من القانون الجنائي هم الفئات الهشة من المجتمع وخاصة النساء والشباب ضحايا العنف الجنسي، فهم يعاقبون عقوبة مزدوجة قضائية واجتماعية، ويدفعون ثمن تشريعات تدير ظهرها للمجتمع وترفض أن تواكب تطوره.
أمام هذه المعطيات، نطالب الحكومة بالإلغاء الصريح للفصل 490 من مشروع إصلاح القانون الجنائي الذي سيعرض على مجلس النواب وأن توضح التزامها ودعمها للنساء ضحايا العنف الجنسي وكذلك أن تأخذ بعين الاعتبار مطالب الشباب، وأن تسعى إلى الحد من النفاق الاجتماعي السائد الذي هو نتيجة الهوة السحيقة بين المجتمع الحالي ومنظومة العدالة التي تحكمه.