قطاع الجامعيين الديمقراطيين يرفض حملة التشويه المسعورة والممنهجة للمكانة الأخلاقية والاعتبارية للجامعة العمومية في المجتمع.
توصلت ‘جريدة تنوير الالكترونية’ ببيان من قطاع الجامعيين الديمقراطيين وأعضاء اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي جاء مايلي :
عقدت اللجنة الوطنية لقطاع الجامعيين الديمقراطيين وأعضاء اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي عن القطاع اجتماعا موسعا بتاريخ 03 يناير 2022، للتداول في مستجدات الوضع الجامعي والتعليم العالي ببلادنا بعد مضي ثلاثة أشهر على تنصيب الحكومة الجديدة، وتدارس مآلات الملف المطلبي والنظام الأساسي لهيئة الأساتذة الباحثين في ظل استمرار المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي في اتباع منهجية المهادنة والتعتيم ومصادرة الصلاحيات التقريرية للجنة الإدارية.كما ينعقد هذا الاجتماع في ظل حملة تشويه مسعورة وممنهجة تستهدف المس بالمكانة الأخلاقية والاعتبارية للجامعة العمومية في المجتمع، وتسعى إلى هدم أسس الثقة في الجامعة العمومية وعزلها عن محيطها تمهيدا لوأد التعليم العالي العمومي وخدمة لمصالح لوبيات القطاع الخصوصي وعرابي التعليم العالي المؤدى عنه. وبعد التداول والنقاش العميق والمسؤول،ومن موقع مسؤوليتنا التاريخية في الدفاع عن المكانة المركزية للجامعة العمومية باعتبارها المحرك الأساسي للنهضة المجتمعية الشاملة، ومن منطلق مواقفنا المبدئية والثابتة في الدفاع عن حق بنات وأبناء الشعب المغربي في تعليم عال عمومي جيد ومنتج، وإيماننا الدائم بعدالة المطالب المشروعة للسيدات والسادة الأساتذة الباحثين، فإن قطاع الجامعيين الديمقراطيين يعلن للرأي العام الجامعي والوطني ما يلي:
أولا-إدانته القويةلحملات التشويه المسعورة التي تستهدف سمعة هيئة الأساتذة الباحثين ومن خلالها سمعة الجامعة العمومية المغربية، في محاولة يائسة وبئيسةلتعميم صورة نمطية مغلوطة بناء على ممارسات مرضية شاذة ومعزولة، واستغلال هذه الوقائع العرضية بشكل فج ومكشوف لممارسة سياسة الإلهاء والتغطية على فشل الدولة في مباشرة الإصلاح الحقيقي للتعليم العمومي والتنصل من الالتزامات الحكومية تجاه مطالب هيئة الأساتذة الباحثين وتعبيد الطريق لتنفيذ مخططات كارثية في هذا القطاع الحيوي. كما يستغرب القطاع من حجم التحامل والتشهير المأجور الذي تمارسه بعض المنابر الصفراء الدخيلة على الجسم الإعلامي الوطني، في مقابل تغييب الموضوعية وإنكارالتضحيات الكبيرة التي يبذلها الأساتذة الباحثون في مختلف المواقع الجامعية ومؤسسات التكوين والبحث في سبيل الارتقاء بمستوى التعليم العالي العمومي وتحصين الدور المركزي الذي تلعبه الجامعة العمومية في إنتاج ونشر المعرفة وتكوين الرأسمال البشري،وتحسين مكانتها الدولية عبر آلاف الإنتاجات العلميةومشاريع البحث والخبرات والملتقيات العلمية والفكرية والدولية….كما يدين قطاع الجامعيين الديمقراطيين كل أشكال جرائم الابتزاز واستغلال النفوذ والرشوة والفساد والتحرش والعنف ضد النساء في كل القطاعات الحكومية والخاصة، ويعبر عن تضامنه المبدئي والمطلق مع ضحايا هذه الجرائم الشنيعة، ويطالب الدولة بإقرار المساواة الفعلية والكاملة بين الرجل والمرأة وتشديد العقوبات الزجرية في حق كل الممارسات المسيئة والحاطة من كرامة الانسان بما فيها التحرش والعنف المادي والمعنوي ضد المرأة في احترام تام لمبدأ قرينة البراءة وقواعد المحاكمة العادلة.
ثانيا-رفضهالمطلق لهرولة بعض رؤساء الجامعات والمؤسسات الجامعية إلى تنصيب “خلايا الانصات” وإطلاق رقم أخضر وبريد الكتروني للتبليغ عن جرائم التحرش الجنسي في الوسط الجامعي، والتي تعتبر خرقا سافرا للمقتضيات القانونية المعمول بها وسابقة خطيرة في تاريخ الجامعة المغربية وإدانةقبلية غير مسؤولة لكل هيئة الأساتذة الباحثين وتطاولا معيبا على اختصاصات السلطات القضائية واللجان المنصوص عليها قانونيا، وتفكيكا ممنهجا لأواصر البنيات العلائقية المتراصة والمتينة- تاريخيا وإنسانيا وأخلاقيا – التي تربط الطلبة بأساتذتهم خدمة لمستقبل ومصلحة البلاد. ويدعو هؤلاء الرؤساء إلى تحمل كامل مسؤولياتهم والاضطلاع باختصاصاتهم الإدارية والنزول من أبراجهم العاجية وفتح مكاتبهم لاستقبال الشكايات – في حال وجودها – ومعالجتها في إطار المجالس واللجن المنصوص عليها قانونيا وإحالتها على السلطات القضائية المختصة، والانكباب على تجويد حكامة التدبير الإداري والبيداغوجي، والسهر على شفافية الصفقات العمومية والتدبير المالي، والحرص على مصداقية مباريات التوظيف وإسناد مناصب المسؤولية في الجامعات.كما يدعو الحكومة المغربية والوزارة الوصية إلى التراجع عن هذه الإجراءات المتسرعةوالمخالفة لروح ومنطوق القوانين الجاري بها العمل، والحرص بالمقابل على توجيه البوصلة تجاه الإشكالات البنيوية التي تعاني منها الجامعة المغربية، وتشديد معايير التعيين في رئاسة الجامعات وإدارة المؤسسات الجامعية بناء على الكفاءة والنزاهة والاستحقاق بدلا عن الولاءات الشخصية والارتباطات الحزبية التي تنخر منظومة التعليم العالي لسنوات عديدة،وتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتحميل رؤساء الجامعات التي انفجرت فيها بعض جرائم الفساد والرشوة والتحرش والابتزاز تبعات المسؤولية التقصيرية في معالجتها وحماية ضحاياها وفق ما تقتضيه الضوابط القانونية،
ثالثا- مطالبته الدولة المغربية بتملك الإرادة السياسية الحقيقية لتدارك التكلفة الباهظة للترددات المتراكمة على مستوى إصلاح منظومة التربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي ببلادنا، وإعطاء الأولوية اللازمة لورش الإصلاح الحقيقي والشمولي للتعليم العالي والبحث العلمي في إطار رؤية استراتيجية وبمقاربة تشاركية فعلية تحترم اختصاصات الهياكل الجامعية بمختلف مستوياتها، والعمل على توحيد التعليم العالي ما بعد الباكالوريا والرفع من جودته ومردوديته لتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص وحماية الاندماج والتجانس المجتمعيين، مع توفير الإمكانيات المادية والبشرية الكفيلة بتمكين التعليم العالي والبحث العلمي – باعتباره استثمارا استراتيجيا – من الاضطلاع بدوره الريادي في تحقيق النهضة العلمية والمجتمعية الشاملة وتحسين الموقع التنافسي لبلادنا وتمكينها من اللحاق بركب الدول المتقدمة. كما يدعو الحكومة المغربية إلى التراجع الفوري عن نظام الباشلوروترتيب المسؤوليات بخصوص هذا “الإصلاح” المتسرع والفوقي وما رافقه من تبديد للمال العام وهدر للزمن التنموي ومقامرة غير محسوبة العواقب بمستقبل أجيال من أبناء الشعب المغربي، والقيام بتقييم علمـي للنظام المعمول به حاليا.
رابعا-تشبته بالإصلاح الشمولي والمتكامل للتعليم العالي والبحث العلمي عبر مداخل تجويد وتحديث التكوين البيداغوجي والرفع من نسبة التأطير وتحديث ودعم البحث العلمي وربط التكوين بالبحث والارتقاء بالموارد البشرية في إطار الوظيفة العمومية والرفع من الاعتماداتالمالية وتطوير الترسانة القانونية المؤطرة للتعليم العالي والبحث العلمي وتحسين الحكامة الجامعية. كما يجدد مطالبته للحكومة المغربية بالاستجابة العاجلة للمطالب العادلة والمشروعة للسيدات والسادة الأساتذة الباحثين بتحسين وضعيتهم المادية والرفع من الأجور المجمدة لأكثر من عقدين من الزمن،ومراجعة القانون 00-01 بما يضمن مجانية التعليم العالي وتوحيده، ودمقرطة تسيير المؤسسات الجامعية وضمان الاستقلالية الحقيقية للجامعات المغربية وتعزيز دور الهياكل المنتخبة، والتراجع عن التصميم المديري للاتمركز الإداري والمنظام الإداري للجامعات. كما يجددرفضه لمشروع النظام الأساسي في صيغته الحالية ويطالب باعتماد نظام أساسي جديد منصف ومحفز ماديا ومعنويا ويحافظ على المكتسبات التي حققتها هيئة الأساتذة الباحثين،
خامسا-استهجانه تحويل المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين ومركز التخطيط والتوجيه ومركز تكوين المفتشين إلى مؤسسات للمناولة وتقزيم دورها في التكوين البئيس الذي يتم فرض هندسته قسريا بشكل فوقي، وتنازع اختصاصاتها بين تدبير مركزي بالمذكرات الفوقية وتدبير جهوي للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين يتجاهل أدوار المراكز ويعتبرها مجرد ملحقات مكلفة بتنفيذ قراراتها، وتجاهل ملاحظات الأساتذةالمكونين على هزالة معدات التكوين التي يتم العبث بها. ويطالب بالتطبيق السليم لمرسوم إحداث هذه المراكز وإلحاقها بالتعليم العالي، وتمكينها من أدوات للقيام بأدوارها في التكوين والبحث والتطوير وإصلاح منظومة التربية والتكوين، والكف عن سياسات التأزيم وافتعال مشاكل هامشية لشغلها عن المهام المنوطة بها من قبيل تحويل ميزانية المراكز إلى الأكاديميات.
سادسا-استنكاره الشديد لحالة الشرود التاريخي التي يعيشها المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي في تفاعله مع حالة الاحتقان والغليان بمختلف المواقع الجامعية ومؤسسات التكوين والبحث كنتيجة حتمية لضبابية مآل المسار التفاوضي بخصوص الملف المطلبي الوطني في ظل منهجية التعتيم والمهادنة والانسحاب الإرادي من ساحة الفعل النقابي الحقيقي دفاعا عن مصلحة الجامعة العمومية وهيئة الأساتذة الباحثين. كما يسجل قطاع الجامعيين الديمقراطيين استياءه العميق من عدم عقد أي اجتماع حضوري للجنة الإدارية بعد التحسن الكبير الذي عرفته الوضعية الويائية ببلادنا، ويحمل المكتب الوطني – بكل مكوناته – كامل
المسؤولية عن تجميد عمل اللجنة الإدارية وقرصنة صلاحياتها التقريرية وتجميد مجلس التنسيق الوطني. كما يدعو المكتب الوطني إلى الالتزام باحترام القانون الأساسي للنقابة الوطنية للتعليم العالي والعمل على عقد المؤتمر الوطني للنقابة في آجاله القانونية في غضون فصل الربيع المقبل، واستثمار لحظة المؤتمر الوطني لإعادة الاعتبار لروح الوحدة التي تجعل من النقابة الوطنية للتعليم العالي نقابة عالمة ديمقراطية واحدة وموحدة، وإعطاء دينامية جديدة وبعث روح متجددة في شرايين الأجهزة الوطنية لنقابتنا العتيدة بما يمكنها من الدفاع الأمثل عن الجامعة العمومية وعن المصالح المادية والمعنوية لهيئة الأساتذة الباحثين.
وأخيرا،إن قطاع الجامعيين الديمقراطيين، إذ يحيي عالياالروح الوطنية والتضحية ونكران الذات التي يتحلى بها السيدات والسادة الأساتذة الباحثون في سبيل خدمة مصلحة بلادنا وتمكين طلبة الجامعات العمومية ومؤسسات التعليم العالي من تكوين جيد وعصري، فإنه يجدد دعوته إلى كل القوى الوطنية الديمقراطية والهيئات النقابية والحقوقية والجمعوية والحركة الطلابية إلى العمل على التنسيق والتكتل في جبهة وطنيةمن أجل الدفاع عن الجامعة العمومية والتعليم العالي العمومي، ومناهضة التوجهات النيوليبرالية التي تهدف إلى إقبار الجامعة العمومية الضامنة لحق فئات واسعة من بنات وأبناء الشعب المغربي في الاستفادة من التعليم العالي العمومي الجيد، وضرب المجانية وتسليع التعليم العالي عبر تشجيع القطاع الخاص الجشع واستنبات التعليم العالي المؤدى عنه، وإقرار التعاقد وإضفاء منوال التدبير المقاولاتي على الجامعة العمومية وإفراغها من دورها التاريخي كمشتل لإنتاج المعرفة والابداع العلمي وتكوين الأطر والكفاءات، كما يدعو السيدات والسادة الأساتذة الباحثين إلى المزيد من التعبئة والالتفاف حول النقابة الوطنية للتعليم العالي دفاعا عن مستقبل وجودة التعليم العالي والبحث العلمي ببلادنا، ودفاعا عن المصالح المادية والمعنوية للسيدات والسادة الأساتذة الباحثين.
قطاع الجامعيين الديمقراطيين
الدار البيضاء في 03 يناير 2022