مباريات التوظيف بالجامعات :اي مصداقية ؟
في سياق إحالة 12 مسؤولا وموظفا بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة على غرفة الجنايات لمحاكمتهم في فضائح التوظيف بالمؤسسات التابعة للجامعة، ووضع الكاتب العام للرئاسة رهن الاعتقال الاحتياطي، وما يترتب عن ذلك من إساءة إلى سمعة الجامعة والجامعيين، وأمام هذا الكم الهائل من الطعون والشكايات في نتائج مباريات ولوج منصب أستاذ التعليم العالي مساعد، لا بُدّ من فتح نقاش صريح ومسؤول، بعيدا عن لغة الخشب، حول موضوع لجن الانتقاء في مباريات التوظيف بالجامعات. لماذا؟
لأن المرشح الذي سيفوز في هذه المباراة أو تلك أصبح بالإمكان معرفته قبل الاعلان عن تاريخ إجراء المباراة وتشكيل لجنة الانتقاء؛
لأن في كل مؤسسة جامعية، يوجد “خبراء” ينادى عليهم كلما كانت الحاجة إلى خلق لجنة على المقاس، لا يخجلون من أنفسهم ولا أمام زملائهم للأسف الشديد؛
لأن معرفة أسماء أعضاء لجنة الانتقاء كافٍ لمعرفة هل ستكون مباراة التوظيف نزيهة أم العكس؛
لأن الحقيقة المرة هي أن أصل الداء هو الأستاذ الباحث الذي يسير ب “التيليكوموند”، وليس الإدارة أو النصوص التشريعية والقانونية.
بجامعة شعيب الدكالي سال مداد كثير حول خلق لجن على المقاس وحول الخروقات التي شابت نتائج العديد من مباريات التوظيف بمختلف المؤسسات الجامعية، خاصة في عهد الرئيس الحالي الذي يتحمل كامل المسؤولية في التلاعب في نتائج مباريات التوظيف، سواء بصمته أو بسلطته، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر ما وقع مؤخرا في مباراة توظيف أستاذ التعليم العالي مساعد بالمدرسة العليا للتربية والتكوين، والتي خلقت ضجة كبيرة، بعد أن فاز فيها مرشح في عقده الخامس كان رئيس الجامعة الحالي هو من ترأس لجنة مناقشة أطروحته، و.. و.. و…
لن أعود إلى تفاصيل هذه المباراة ولا إلى مباريات التوظيف الحافلة بالشبهات والخروقات بجامعة شعيب الدكالي، لكن دعوني أحكي لكم أغرب مباراة توظيف، والتي أثارت كثيرا من الأسئلة والشكوك، ألا وهي مباراة توظيف أستاذ التعليم العالي مساعد بكلية الحقوق، دورة 8 دجنبر 2021، تخصص الفرنسية.
أين تكمن الغرابة والشكوك في هذه المباراة ؟
قبل الجواب عن هذا السؤال، لا بدّ من الإشارة إلى ما يلي :
أولا، السيد عميد كلية الحقوق الجديد (تم تعيينه في غشت الماضي) كلّف بحسن نيّته المدير السابق للمدرسة العليا للتربية والتكوين، من أجل خلق لجنة الانتقاء في مباراة توظيف أستاذ التعليم العالي مساعد، تخصص الفرنسية.
ثانيا، المدير المكلف بخلق لجنة الانتقاء غادر جامعة شعيب الدكالي في شتنبر الأخير إثر تعيينه في المجلس الأعلى للتربية والتعليم.. وقد خلق ضجة كبيرة بالجامعة بعد أن حصل على تعويضات مهمة غير قانونية وهو يستعد لمغادرة مؤسسته.
أما الجواب عن السؤال أعلاه، فإن الخطير في نتيجة مباراة توظيف أستاذ التعليم العالي مساعد، دورة 8 دجنبر 2021، تخصص الفرنسية بكلية الحقوق هو أن الفائز بالمنصب يبلغ من العمر 54 سنة والمباراة تخص منصب محدث (Nouvelle création) وليس منصب محوّل (poste transformé).
وهنا لا بد أن نذكر القارئ إلى ان المباريات الخاصة بالمناصب المحوّلة، تشترط من ضمن ما تشترط على المرشح أن يحصل على رخصة من رئيس المؤسسة/الإدارة التي يشتغل فيها، دون شرط السن. أما المباريات الخاصة بالمناصب المحدثة فإن من بين الشروط أن يكون سن المرشح أقل من 45 سنة، وفي حالة ما إذا تجاوز عمره 45 عاما (باسابيع أو شهور طبعا وليس 10 سنوات) ، فإن المرشح يجب عليه الادلاء بموافقة السيد رئيس الحكومة بناء على طلب الإعفاء من شرط السن القانونية (demande de dérogation) يتقدم به المعني بالأمر.
ولمعرفة السر في فوز المرشح ذو 54 عاما بمنصب محدث، يجب البحث في علاقة الفائز في المباراة بمهندس لجنة الانتقاء…
من أجل كل هذا، وتزامنا مع الهجمة الشرسة والمسعورة التي تستهدف الجامعة العمومية ومن خلالها الأستاذ الباحث هذه الأيام، نقول مرة أخرى وبصوت مرتفع أن على الجميع أن يتحمل مسؤوليته من أجل الدفاع عن سمعة وصورة ومصداقية الجامعة والجامعيين واعتماد معيار الجدارة والاستحقاق وتكافؤ الفرص في الولوج إلى منصب أستاذ التعليم العالي مساعد، في انتظار إيجاد حل جذري لمشكل لجن الانتقاء.
ذ. غريب عبد الحق
كلية العلوم بالجديدة