وجهة نظر

ذ.عبد الواحد حمزة :أدوات لتحليل قضايا في قلب الصراعات الطبقية الجديدة في المغرب (3/3)

ذ .عبد الواحد حمزة

التحليل الماركسي الطبقي الجديد أداة الممارسة السياسية الواعية

والأجدر بقوى اليسار الديموقراطي -بشكل خاص- أن تولي بالاهتمام، فضلا عن غنى كل ما سبق، “الامتدادات المعاصرة للتحليل الماركسي- الطبقي” بالرغم مما تكتسي البنية الاجتماعية وسلوكات الفاعلين في البلدان المتأخرة – المتخلفة اقتصاديا من هجانة، مما يساهم في تفسير ظاهرة الانقلابات العسكرية وأشباهها إفريقيا (مغرب السبعينات، تونس، السودان ومالي وغيرها). وهذا فضلا عن التركيز على الكتابات الأقل اقتصادوية عند ماركس كارل (1848) وروزا لوكسمبورغ وتروتسكي ولوكاش وغرامشي ولينين، وغيرهم.

كما يجدر بالدرس التحليلات المبتكرة لكل من لوسيان سيف وجاك تيكسي وأندرسون بيري، من الماركسيين المعاصرين في المركز الرأسمالي– الإمبريالي، وكذا في المحيطات من أمثال سمير أمين وغندر فرانك و آلان ليبيتز و روبير بويير، وآخرون، ممن سلطوا أضواء جديدة على ما اعتبروه “صراعات وتناقضات وأزمات صغيرة وكبيرة، طبقية جديدة” (انظر كتاب لوجكين جان – بيير كور-سالييس وآخرون 2009) في العالم. ويمكن أن تفسر حركات بوديموس في إسبانيا وسيريزا في اليونان وحركة السترات الصفراء في فرنسا وقافلات الحرية في كندا وأوروبا، أولا بأول، وكذا حركات الريف وجرادة وغيرها في المغرب انطلاقا مما استجد في التحليل الماركسي الخلاّق.

ويمكن اعتبار التاريخانية 1967/2011 بمثابة الانتقال الصعب والمحجوز لوضعية البلدان العربية الإسلامية وللمغرب. هكذا فـ “الماركسية الموضوعية”، مما أبدعه العروي، تشخيص ووصف شديد الخصوصية يجتازه المجتمع العربي الحالي من دون أن يستطيع تجاوزه نهائيا، وهو وضع مجتمعي تدعو إليه حاجة ملحة فكرية وعملية إلى انتقاء وتوظيف فكر ومفاهيم ونظريات غير متسقة تعود – بشكل أو آخر – إلى أصول ماركسية. وهكذا يتم التحدث بلغة ماركس دون الوعي بفحوى ذلك، ودون أن يستطيع أي بلد عربي على الإطلاق إلى اليوم بتحقيق النقلة الضرورية، لتبقى الماركسية المعتمدة عند المثقفين والسياسيين “ماركسية لا واعية” وعقيمة، جوفاء وبدون أثر في أعماق المجتمع، إذا لم تنقلب وبسرعة إلى ماركسية واعية بذاتها (انظر الإيديولوجية العربية المعاصرة، ص 31، ط 2011).

لا شك أن الأخذ بمقاربات الحدث/ الفعل الجماعي المتنوعة في تحليلاتنا النظرية – السياسية – العملية والعلمية سينير الفعل الحزبي والسياسي والحركي، عموما، وسيساعد مهنيي السياسة والحزبية والنقابية والجمعوية على التدبير – ببيض النمل- لكل تلك الموارد الجديدة – القديمة الفعلية؛ سيساهم ذلك لا محالة على تعبئتها تعبئة فعالة، كلما تم رصد دوراتها والتحديد بما يلزم من الدقة لـ”ريبرتوار” المرحلة/ الفعل الجماعي، إن على  الصعيد الوطني – الجهوي أو العولمي (عبور القوميات).

إن اعتبار “الأغلبية الحكومية” اليوم “حكومة منسجمة” ليس إلا ادعاء مفرط “للاستفراد الانتخابي المشروع” وإحكام قبضة القطب الطبقي – المخزني المسيطر بمقاليد التدبير العمومي. وقد تم التمهيد لذلك، أولا بأول، بإرساء “إجماع – اتفاق قسري” حول” النموذج التنموي الجديد” (2021) في أفق 2035، وكذا تقديم نسخة أقل طموحا له في “البرنامج الحكومي” (2022)، وما سيستتبع ذلك من قوانين مالية نيولبرالية في الأمد المنظور.

وسيكون من الصعب بمكان أن يترجم استمرار الاختيارات الاستراتيجية تلك في مطلب “الدولة الاجتماعية” والراعية لمصالح أغلب الفئات/ الطبقات الشعبية، إلا ما فضل من تشغيل هش وبرامج تنمية بشرية سيئة التسيير و”راميد” مرهون بضعف البنية التحتية وحماية اجتماعية تراهن على التمويل بالمديونية! والحال أن استفحال الدين وغياب إصلاح ضريبي منتج والرهان على تحويلات مغاربة الخارج والتساقطات المطرية، ونفاذ دعوات يد الله الخفية (…) لن يزيد إلا على غُلوّ التحكم في بلادنا ولن يعمل إلا على تأجيج صراعات طبقية من نوع جديد، ليَسْقُطَ حمل الأثقال على كاهل الطبقات الشعبية الوسطى والفقيرة وجرها إلى الحضيض.

فإلى متى سيتم الانعتاق والحرية في بلادنا من كلّ أشكال الاستغلال والاستعباد؟ فهل حقا يمكن أن توجد الحرية في تعارض تام مع العدالة والمساواة الاجتماعية (كما نجد ذلك عند فون هايك، المفكر الليبرالي النمساوي 1899-1992)؟ هل من علاقة إيجابية ضرورية بين النيوليبرالية والديمقراطية وحقوق الإنسان؟ كما نجد ذلك عند جيسيكا وايت 2019؟ أليس لنا الحق جميعا في الحياة أم أن روح العصر تقتضي بالضرورة فصل الغنم عن الماعز؟ ! (الداروينية الاجتماعية)؟

تمارة في 11/02/2022

ذ.عبد الواحد حمزة

سوسيو -اقتصادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى