أحمد الخمسي في قلب الأوضاع(12): هل تعلمون؟
لم يفكر كبار ساسة الغرب، الذين تدخلوا في الوقت المناسب، لإنقاذ أوطانهم وشعوبهم ومؤسسات دولتهم، دون وضع اللبنات الكبرى لمشروعهم السياسي.
ولم يعرف أي مشروع سياسي طريقه نحو الإنجاز دون ثنائية الاستعداد للتضحية الذاتية والاعتدال للإنصات للأطراف الوطنية الشريكة التي دونها لا يمكن لأي إصلاح أن ينغرس في التربة المجتمعية بالأحرى مؤسسات الدولة.
والمشروع الذي يقبله الناس لا يسلك طريق المغامرة والانفلات. فالناس مستعدون للتضحية فقط من الخروج من براثين الظلم والهوان والمذلة.
أما الأوهام الفئوية فكل واحد عاقل لا يقبل على إعادة الإنصات إلى مهرجيها، بالأحرى الانخراط في إنجازها. وجاذبية المشاريع السياسية تكمن في السلم والحفاظ على الحياة وتحسين المعيشة ثم سلوك طريق المشاركة للبناء الجماعي ولاقتسام الفرص والمواقع على خلفية التكافؤ، ولا معيار للتكافؤ غير الكفاءة والاستحقاق بالجهد المبذول.
أما الطريق إلى الإصلاح فمزدوج المسالك، مسلك إنتاج الثروة ومسلك توزيعها العادل بين المنتجين والمعوزين. وسياسة الدولة هي – في الملخص- أن تخفّض عدد المعوزين، بمعيار زمني راهن يخفف متاعب العوز، وبمقياس ثان أن تعلم المعوزين وتسهر على تدريبهم لاكتساب الرزق بكرامة، دون منّة من أحد.
ولأن الرأسمالية سلاح ذو حدّين، حد التنافس لاستحقاق حظ الخروج من العوز وحد غلبة أصحاب المال على منتجي العمل، فلا يحق لأحد أن يتشدّق بثروته المالية على المنتج العامل المباشر، وفي نفس الوقت لا حقوق مالية ولا رغد في العيش بدعوى الاشتراكية والاقتسام المجاني للثروة.
على أن رأسمالية المركز الغربي المتقدّم لا تشبه قط الرأسمالية الرثة في المجتمعات المتخلفة المتلهفة على المال والرفاه والجاه، لا تتذكر وضعها المثير للاستخفاف والاحتقار سوى يوم تصدر تقارير تضع الأصبع على تخلف المجتمع الذي ينتمي له الأغنياء الأنانيون المتبجحون. ومن المهين للدار الكبيرة بيننا أن يلتف حولها المتربصون بتهريب الأموال وبجمع الثروة بلا كرامة وطنية ولا نمط عالي الجودة الذي وصلت إليه المجتمعات الرأسمالية في ألمانيا وانجلترا وسكاندينافيا، بينما ذات يوم كان سلطان المغرب يقدم النصائح لملك انجلترا الهارب من غضب شعبه، حول القيم الانسانية التي يجب على السلطان أن يسلكها في الحكم. كان ذلك في العشرية الأخيرة من القرن 17.
القارئ الحذق يفيدنا بمن كان اسم الملك البريطاني ومن كان سلطان المغرب؟
سلطان المغرب استثمر انشغال انجلترا بفوران الأوضاع في انجلترا وحرّر طنجة من براثين الاستعمار.
اليسار الذي نريد هو الذي يعلم بمآثر بلده في السياسة العالمية….انتهى الكلام، ههههه
أحمد الخمسي