وجهة نظر

ذ.محمد صلحيوي :اليسار الكامن واليسار الكائن…(الجزء الثاني)

الجزء الثاني..
2-ظرفية 2011-2021.

الخطاب الخشبي لا يحيي روح  حركة 20 فبراير…ولايمكن الحديث عن تاريخية حركة 20فبراير إلا في إطار ظرفية 2011-2021،
وبكل التطور الذي عرفه النضال الشعبي، باعتباره التعبير الواضح عن حركة إجتماعية متنامية.
فلايستقيم منطق إحياء ذكرى حركة 20فبراير بخطاب “مستبطن” لفكر الإقصاء والتهميش، ولسردية أحادية لاغية لوطنية مستوعبة وحاضنة لكل سرديات أبناء وبنات الوطن بعدالة إجتماعيةوجهوية ومناطقية.
لا يمكن إحياء ذكرى حركة 20فبراير بخطاب الرضا عن النفس النضالية، بتمجيد الحركة والعجز عن قراءة نقدية ذاتية لدور اليسار في تجربة الحركة.
لايمكن إحياء ذكرى حركة20فبراير بفصلها عن الحراك الشعبي ومعتقليه الصامدين.
يحيي روح حركة20 فبراير اليسار “الكامن” داخل الحركة الإجتماعية،بكل حمولتها للعدالة الإجتماعيةوالجهوية والمناطقية والنوعية والطبقية،وليس اليسار المتعالي عليها…
حركة 20فبراير،مجدها الحراك الشعبي المغربي وأعطى لروحها معناه الإجتماعي والسياسي  والثقافي.

شكلت حركة 20فبراير مايمكن تسميته “بالإعلان الرسمي” عن موت”المسلسل الديموقراطي” ،والذي إنطلق اواسط سبعينيات القرن العشرين،وانتهى عملياِ في2002بإلغاء ماسمي”بالمنهجية الديموقراطية”؛إلا أن حركة 20 فبراير لم تسنطع،كأول تدخل شعبي/إجتماعي،السير بعيداً سياسياً وشعبياً،فكان التشبث بروحها التغييرية باعتبارهاافق إنتظار؛جاء  الحراك الشعبي المغربي، خصوصاً نموذجه بالريف،فقدم ما لم تتمكن الحركة من تقديمه، وعلى ثلاث مستويات:
مستوى الإستقلالية عن الأحزاب،ومستوى وحدة البرنامج(عريضة المطالب)،ومستوى القيادة الموحدة المنتخبة من داخل الحراك الشعبي.

وبذلك،نستطيع الجزم بأن الحراك الشعبي المغربي،هو،التطور النوعي لروح حركة 20فبراير،وبذلك،تكون دروس الحراك دروساَ وطنية،وهي أربعة:
أولا: شكل الحراك الشعبي المغربي إعلانا قطعي الثبوت بفشل السياسات العمومية  بكل خططها التنموية. ثانيا :انتهاءإستراتيجية خلق الأحزاب الإدارية وتوظيفها للعب دور الوسيط السياسي  والاجتماعي.
ثالثا:دفع الأحزاب الحقيقية اليسارية لمواجهة سؤال العلاقة مع النضال الشعبي ومع الحركةالإجتماعية .        رابعاً: بروز نوع جديد من القادة، وبوعي قيادي بعيد عن المال والجاه، وكذا، عن المركزية الجغرافية والوطنية.
فنحن إذن أمام ظرفية إجتماعية مؤسسة، داخلها يصنع مستقبل الوطن، محركها القوي هو الحراك الشعبي كما يقول المؤرخ إبراهيم ياسين وإشعاعها مختلف الديناميات، ولسنا أمام ظرفيةعابرة.
لنلاحظ أن الحزب الإشتراكي ألموحد قد التقط روح حركة 20فبراير خلال مؤتمره الثالث2012، ويصدر في نهاية عشرية الظرفية بيان مئوية أنوال الخالدة (6غشت 2021)،والذي يؤكد -البيان- من حيث الجوهر الفكري،تاريخ بداية مسلسل “تضييع الفرص” الذي كان الموقف السلبي من خط الخطابي التحرري بدايته،موقف الحركة الوطنية-آنذاك- يؤكد أنها مساهمة في ضياع الفرص وعلى طول قرن من الزمن.
لنلاحظ أن حركة 20 فبراير لم تتعامل برؤية سياسية مع لجنة المنوني،كما أنها لم تستوعب طبيعة الطبقة الوسطى، ،بل إنزلقت  إلى تصورشعبوي،يعتبر الشعب ثورياً بالطبيعة،وأنه موجود في الأحياء الشعبية؛وبذلك  همشت الساحات العامة، وفقدت زخم الطبقة الوسطى؛وهكذا
عادت للعقلية المهيكلة للسلوكات و الممارسات المستبطنة التي رسختها الأجيال المتعاقبة لما يسمى بالحركة الوطنية، عادت للراديكالية اللفظوية لدى التي رسختها”الحركة الوطنية وسلالاتها اليسارية.
وأعادت تجربة الماضي،ومكنت الطبقة السائدة من الإلتفاف على تجربة شعبية بكل آمالها وزخمها،وبذلك أيضاً،أعاد شباب حركة 20فبراير،وماسمي بلجان الدعم،أعاد الجميع إنتاج المحافظةوالتقليد.
وبعد عقد من الزمن،تجد أنفسنا أمام تطور جديد؛ لنتأمل الفقرة التالية:
“إعادة بنائه على قاعدة الوضوح وإعادة صياغة  فكرته الجوهرية المنطلقة من ضرورة تحقيق السيادة الشعبية عبر خلق قوة تقدمية وبرنامجية، حاملة لمشروع مجتمعي، يحسن قراءة الواقع المتغير  ويقوم  بالنقد المطلوب والمراجعات الضرورية بكامل الجرأة والمسؤولية و يلتحم بقضايا الشعب… ”
إن هذه الفقرة/العبارة المكثفة، والتي توسطت بيان المجلس الوطني الصادر عن دورته المنعقدة في14-08-2021، والتوسط هنا تفسير لما سبقها وما تلاها؛ وهي، تشكل الصياغة النظرية الدقيقة لتموقع الحزب الإشتراكي ألموحد خلال مرحلة نضالية منتهية، وأسس مرحلة نضالية حلت محلها.
تحيل الفقرة على الضرورة الوطنية،لنقد مرحلة،وبشكل جريئ من أجل تجاوز أعطابها الثلاثة :
تابع…
1-إنكسار(الهرس) الثقة بين الدولة بمؤسساته التمثيلية وبين المجتمع، ما يفرض الإقدام على إحداث قطائع مع أساليب وعقلية إدارة  الدولة لعلاقتها بمجتمعها.
2-فشل كل النماذج التنموية،لأنها لم تؤسس لوطن المواطنة الشاملة وللعدالة الإجتماعية  المناطقية.
3-عدم تمكن اليسار المغربي، مجتمعاً أو متفرقاً من تشكيل قوة برنامجية قوية ومشروع مجتمعي،رغم كل المجهودوالتضحيات.

وبناء على ذلك، وبعد التأكيد على إجتهادات الحزب وبكل مؤسساته والدور الشجاع للأمينة العامة للحزب،والتي حياها المجلس لثباتها وجرأتها المسؤولة،يحدد البيان رؤية الحزب الإشتراكي ألموحد للمرحلة القادمة، إنطلاقاً من رباعية القراءة والنقد والمراجعة والإلتحام بالشعب.
وابد من تأكيد الضرورة القصوى لمجهود ثقافي وفكري لتغيير بنية “الإستبطان” الجماعي.
الذي كرسته”الحركة الوطنية” في مسيرتها،ومن جيل لجيل، وبكل التباساتها الكبرى الثلاثة:في تعاطيهامع الثورة الوطنية التحررية لمحمد بن عبد الكريم الخطابي، أو خلال  مرحلةالحماية،أو مابعد الإستقلال السياسي.
تابع…
وأسسها:
1-تعاقد إجتماعي جديد، وبكل إحالاته الدستورية والسياسية والاجتماعية والوطنية،يعبر بالمغرب إلى وطن الدمقرطة والمواطنة.
2-فتح الورش الفكري لتجديد مقولة الوطنية  المغربية،وأحال البيان وبتثمين على بيان إحياء الحزب لمئوية أنوال الخالدة.
3-الإفدام على المصالحة التاريخية الحقيقيةمع كل الجهات المهمشة،بكل غناها  وتعدد إسهامها الوطني.واحداث القطيعة مع سوء الفهم التاريخي..
4-العدالة الإجتماعية والجهوية والمناطقية. في التوزيع العادل للثروة الوطنية.
5-الإلتحام وتبني قضايا الشعب من خلال حركته الإجتماعية ونضاله الشعبي بكل أشكاله الحضارية و السلمية.

إن الإنفتاح السياسي التأسيسي، مدخل حاسم لفتح حوار وطني(مغربي مغربي) شامل لدفع الرجة التي يعرفها شعبنا،إلى مداها الأقصى لتحقيق وطن الدمقرطة والمواطنة الشاملة..
ولنلاحظ أيصاَ،وعلى سبيل التمثيل لا الحصر،كيف همش وحورب  وأفصي، “أبو الحركة” الوطنية عبد السلام بنونة من طرف قادة الحركة في ثلاثينيات القرن الماضي.
وعايشنا كيف حوصر محمد باهي حورمة من طرف الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية أَوبعضه،وعايشنا كيف بلع. المرحوم محمد عابد الجابري مقترحه لتشكيل لجنة التحقيق في ظروف وفاة محمد باهي حرمة.
وبعد قرابة قرن من الواقعة الأولى ، نعايش الحملة الشرسة والممنهجة لإقصاء  وتهميش الدكتورة نبيلة منيب،الأمينة العامة للحزب الإشتراكي ألموحد،لانها،بإشعاعها وبكاريزميتها وقوتها في التعبير عن مواقف الحزب المتبنية للحراك الشعبي بالريف ومعتقليه، ومنذ إنطلاقته في28-10 -2016،وبذلك أعادت المصداقية لدور القائد السياسي غير المزدوج في خطابه و ممارسته، ولذلك،تسعى الكثير من الجهات،ومنها قوى منتمية لليسار،  لمحاصرتها و إبعادها.
إن تاريخ فعل الإنتلجنسيات المغربية ،
يؤكد وجود ثابت الإعدام الرمزي للقائد/ة المختلف/ة؛والحديث هنا عن نخب الأحزاب المسماة وطنية و تقدمية ويسارية.

ذ.محمد صلحيوي

عضو المكتب السياسي للحزب الإشتراكي ألموحد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى