زهير دادي :الغش في البكالوريا
وراء كل تلميذ غاش في امتحانات البكالوريا، هناك أسرة فاسدة حضَّرته للقيام بتلك العملية القذرة دون تأنيب ضمير. ماذا يشتغل أولياء أمور هذا النوع من التلاميذ؟ كيف يشتغلون؟ كيف يحصلون على ترقياتهم الإدارية؟… الأكيد أن الوضع الوضيع الذي تعيشه الأسرة على المستوى القيمي هو الذي ينعكس سلبا على تربية الطفل، فيصير غاشا في مساره الدراسي. لم نتساءل يوما عن هذا التأثير والتأثر، لكنه وارد، بل، هناك نماذج واقعية تعزز هذا الطرح بالتأكيد. فساد الوالدين في عملهما وانحرافهما في سلوكهما، سيجعل من الابن التلميذ مشروع غاش في المستقبل لا محالة.
المدرسة بدورها لها دورها السلبي كذلك، إذ تشكل بعض المدارس بنية منغلقة يتعشش فيها الفساد، فينتقل ذلك من الأعلى إلى الأسفل؛ من الإداري والأستاذ إلى التلميذ، ذلك أن هذا الأخير، وفي حالات قد تكون معزولة ومحدودة، وقد تكون منتشرة على نطاق ضيق إلى متوسط بشكل نسبي، تُمارس عليه أساليب تحط من كرامته داخل المؤسسة، فتنعكس على نفسيته وبنيته الذهنية التي تنمو بشكل مشوه، من قبيل التحرش مثلا، الابتزاز، السب والشتم، الإهانة، التراتبية في التعامل بحسب الانتماء الطبقي… كل هاته الأشياء تخلق من التلميذ كائنا عدوانيا يُفرِّغ هاته الشحنات السلبية التي تلقاها داخل المؤسسة على شكل عدوانية اتجاه التلميذ والأستاذ والإداري، واتجاه الممتلكات عبر إتلافها، واتجاه المنظومة عبر اعتماد آلية الغش في الامتحان. هذا دون أن ننسى الحديث عن صورة المدرسة وعن المنظومة التعليمية والصورة السلبية التي رسمها الناس عنها، بعد عقود من النكوص والتراجع.
مقابل الأسرة والمدرسة بكل مكوناتها، هناك السياسة التعليمية وسياسة البلد بصفة عامة… إن تردي الوضع السياسي ووسمه بالفساد والاستبداد في الكثير من الأحيان، ستكون له تبعاته بالضرورة على المدرسة المغربية… يسمع التلميذ بالعديد من النماذج الناجحة في مجال السياسة والاقتصاد والاجتماع، دون أن تكون شهرته تلك مرتبطة بمجهود شخصي، بل بالغش والفساد والقرب من السلطة، فتترسخ مثل هذه النماذج في ذهنيته ليتخذها مثلا أعلى في حياته. لقد سطعت الكثير من الأسماء في عالم السياسة والاقتصاد والاجتماع والرياضة دون أن تكون لشهرتها أية بصمة خاصة، سوى الفساد والغش والتودد المفضوح للأجهزة والقيام بأي عمل مهما كان، من أجل الحفاظ على مكانتها الاعتبارية.
إن الغش الذي استشرى بين التلاميذ داخل المدرسة المغربية، هو بمثابة تحصيل حاصل، لأنه نتاج الأسرة والمدرسة والسياسة في تجلياتها الأكثر فتكا على المستوى القيمي.
زهير دادي