وجهة نظر

حلم فوق الأشواك:

ذكرتني صورة الطفل الفقير المعوز، في مغرب القرن الواحد و العشرين، بصورة الطفلة الجائعة والنسر الذي يتنظر موتها ليأكلها. و هي صورة أصبحت عام 1994 صورة أيقونية، إلتقطها المصور كيفين كارتر عام 1993 خلال المجاعة في السودان، في قرية “أيود”. نالت الصورة عام 1994 جائزة بولتزر للصورة، إلا أنها جمعت بين نقيضين، فكانت نعمة و نقمة في نفس الوقت، باعتبارها الصورة التى قتلت صاحبها.
فقد ظل يشعر بالذنب نتيجة للإنتقادات التى وجهت إليه بسبب تجاهله تقديم المساعدة للطفلة، مما دفعه للإنتحار فى يوليوز 1994.
لا أعتقد أن صورة الطفل الحافي القدمين، والذي جاء يحمل حلمه فوق الأشواك، قد توقضت ضمائر المسؤولين المتبجحين برعاية الناشئة و صقل المواهب. ولن تكون سببا في انتحار أحدهم أو بعضهم، بسبب تأنيب الضمير بسبب عدم تقديم المساعدة لطفل قاصر، و حالم بمستقبل الأبطال، بالرغم من أننا نتمنى انتحارهم بشكل جماعي، ولتذهب جثتهم إلى مزبلة التاريخ …
الطفل في الصورة من أبناء العاصمة الرباط، و ما أدراك ما العاصمة. جاء و كله عزيمة و اصرار من أجل خوض غمار المسابقة إلا أن الرياح (الأقدار) كان لها رأي آخر. فعصفت بحذائه الرياضي المتواضع، مما تطلب إجتهاده العاجل بإمكانياته المتاحة حتى لا يتم إقصاؤه واستبعاده من المنافسة. فقام بتغليف رجليه كما هو مجسد في صورة الألم و العار، و سار على الجمر، وحارب من أجل حلمه… ففاز بالمرتبة الثالثة، رغم أن التحدي كبير جدا، مقارنة بسنه الصغير.
على مسؤولي و ممثلي الأمة أن يشعروا بالخزي و العار إن كان لهم إحساس أو شعور يذكر. فإذا كان هذا حال أطفالنا بالحواضر، وبالعاصمة… المركز بالخصوص، كيف سيكون حال أبنائنا و بناتنا بمدن المغرب غير النافع ؟؟؟
أما آن الأوان ياوطني ليصحو نوام الأمة، عفوا نواب الأمة، من سباتهم من أجل القيام بأدوارهم كل من موقعه، للدفع بعجلة التنمية، و تحسين ظروف العيش لرعايا وطننا الحبيب.إنه من العار علينا أن نرى أطفالنا حفاة عراة مشردين يتسولون أحلامهم، و كلهم عزيمة و نبع من العطاء،منهم من يبيع حلمه، و منهم من تخلى عنه و منهم من يصر عليه رغم الصعوبات و الحواجز و الأشواك. و منهم من هاجر و ركب قوارب الموت من أجل تحقيق حلمه… فلو هاجر هذا -الطفل- إلى بلد يحترم رعاياه، و مسؤولوه ليس شغلهم الشاغل مراكمة الثروة و السطو على المال العام، وتفقير الفقراء.. و إنما إعطاء كل ذي حق حقه، و الإيمان بالكفاءات، و تمهيد الطريق أمامها من أجل الوصول الى المبتغى… بعد التضحية بالغالي و النفيس لتحقيق النجومية، فتهافتت عليه الأندية، عندها تبجح المسؤولون أنهم من أبنائهم، وأن إيالتهم المغرب هي مهد الأبطال… متناسين كيف عاش هؤلاء الأبطال بوطنهم الأم، وما كابدوه ليصلوا لما هم عليه اليوم …..
خلاصة القول:”الله ينعل اللي ما يحشم.”

قال حسن البصري :حفاة..!! مات البطل المغربي الراضي وتبين أن كثيرا من القائمين على الرياضة حفاة القلوب يغتنون من الرياضة ومن عرق الرياضيين ،ويمشون في جنائزهم بعد أن يستعيروا تقاسيم الحزن وأقنعة الألم .

سعيد عمارة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى