اخبار دولية

ساركوزي: انتحاء ماكرون على الجزائر “يأخذنا بعيدا عن المغرب، نحن نجازف بفقدان كل شيء”

أحمد رباص

في مقابلة مطولة مع صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية ، بمناسبة صدور كتابه “زمن المعارك”، يوم 22 غشت، حذر الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بدوره إيمانويل ماكرون من “انتحائه على الجزائر”. بالنسبة له وبهذا الموقف “لن نكسب ثقة الجزائر وسنفقد ثقة المغرب”.
كم هي واضحة ومناسبة هذه الكلمات المندرجة ضمن سلسلة طويلة من ردود أفعال مماثلة صادرة عن رجال دولة وسياسيين فرنسيين. والتي استعادها الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في مقابلة مع صحيفة ” لو فيغارو” اليومية التي نشرتها يوم الأربعاء 16 غشت في نسختها الإلكترونيةىبمناسبة خروج كتابه الجديد سالف الذكر إلى المكتبات، المقرر يوم 22 غشت عن دار النشر فايار، بحجم يتكون من 560 صفحة.
في هذه المقابلة الطويلة، تحدث رئيس الدولة السابق على أهم قضايا الساعة (روسيا، إفريقيا، إلخ..)، وتناول أيضا العلاقات بين باريس والجزائر، محددا الثمن الباهظ الذي تدفعه الدبلوماسية الفرنسية لقاء محاولة التقارب المستحيل مع النظام الجزائري على حساب المغرب.
بالنسبة للرئيس السابق، كل محاولة لإنشاء علاقة عقلانية ودائمة إلى حد ما مع الجزائر محكوم عليها بالفشل.
“لنتوقف عن محاولة بناء صداقة مصطنعة مع القادة الجزائريين الذين يستخدمون فرنسا بشكل منهجي ككبش فداء لإخفاء عيوبهم وافتقارهم للشرعية. إنهم يرفضونها دائما”، يحذر ساركوزي. السبب بسيط للغاية وبالنسبة لساركوزي٠، فهو واضح وضوح الماء النابع من الصخر. إنه يتمثل ببساطة في الافتقار المؤسف إلى النوايا الحسنة. “هل لديهم (القادة الجزائريين) حاجة كبيرة لتحويل الانتباه عن الفشل الذي غطسوا فيه منذ فترة طويلة من خلال اتهام فرنسا بانتظام بكل الشرور”، حسب قوله.
في هذه المقابلة، التي كشفت فيها صحيفة “لوفيغارو” عن “صفحات صارمة” في “أزمنة المعارك” في ما يتعلق بـ “الانتحائية الجزائرية” للرئيس ماكرون، يحذر ساركوزي ايضا من كون هذه “الانتخائية تبعد(نا) (فرنسا) عن المغرب”. “نحن نجازف بفقدان كل شيء. لن نكسب ثقة الجزائر، وسنفقد ثقة المغرب”، يحسم، محددا في نفس الوقت مسافاته تجاه ماكرون الذي قال إنه دعمه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. “هذا لا يعني أننا اتفقنا على كل شيء. لا يتعلق الأمر بصرامة، بل بقناعات”.
يذهب نيكولا ساركوزي إلى أبعد من ذلك بالدعوة إلى مراجعة اتفاقيات 1968 التي تسهل حركة المواطنين الجزائريين في فرنسا. بالنسبة له، ” أصبح ذلك أمرا ضروريا. السلطات الجزائرية تمنع عودة العديد من رعاياها وتسمح في نفس الوقت لمن يريدون المغادرة. لم يعد هذا ممكنا”، يشرح ساركوزي.
يأتي موقف نيكولا ساركوزي لينضاف إلى العديد ممن يواصلون دق ناقوس الخطر بشأن سياسة إيمانويل ماكرون تجاه الجزائر. كزافييه درينكور، سفير فرنسا السابق في الجزائر العاصمة من 2008 إلى 2012 ومن 2017 إلى 2020، واحد من هؤلاء.
في مذكرة نُشرت في يونيو 2023 بعنوان “رهان إيمانويل ماكرون الجزائري: أوهام، مخاطر وأخطاء”، استنكر فتور العلاقات بين فرنسا والمغرب بسبب انتحاء ماكرون على الجزائر الذي قاده إلى رهان خاسر. إن هذا الرهان غير المؤكد كذلك، والقائم على “الأوهام ، وأخطاء في التحليل والمخاطر السياسية والجيوسياسية التي لا يستهان بها”، والذي “يكون تفعيله بالحد الأقصى، ولكن فرصه في الفوز بالحد الأدنى”، وبالتالي لا يقدم سوى مزايا قليلة لفرنسا في القضايا الأساسية”، يعتقد كزافييه درينكور.
وقال صاحب المذكرة: “لا شيء يتعلق بالعلاقة العسكرية، ربما بأشياء قليلة (أو هي نفسها دائما) على المستوى الاقتصادي أو التجاري، والصعوبات المتوقعة فيما يتعلق بالهجرة، والقليل عن منطقة الساحل”.
منذ ذلك الحين، ضاعف الدبلوماسي خرجاته ورسائله التحذيرية. آخرها تحليل نُشر في “لوجورنال دي ديمانش، حيث عاد إلى الرسائل المتناقضة، على خلفية إرادة الإذاية، للقادة الجزائريين في ما يتعلق بفرنسا. مثلا: “رحلة الرئيس تبون إلى باريس، أرجئت مرتين واستبدلت برحلة سريالية إلى موسكو، تلتها قرارات استفزازية مثل البيان الجزائري الداعم لأعمال الشغب في فرنسا”.
وفي ما يتعلق بالساحل، “يمكن لموسكو أن تشجع الجزائر على الاقتراب الآن من الانقلابيين في نيامي، مثل أمثالهم في باماكو وواغادوغو، لإضعافنا دائمًا”، نقرأ مرة أخرى.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه في رسالة مفتوحة نُشرت يوم 7 غشت في صحيفة “لوفيغارو”، دعا 94 برلمانيًا من عدة اتجاهات سياسية الرئيس ماكرون “لمراجعة سياسة فرنسا في إفريقيا”. لحسن حظ مملكتنا، فقد احتلت مكانة ممتازة في ثنايا تلك الرسالة. “في المغرب، فإن المماطلة الفرنسية بشأن الصحراء (بينما اعترفت إسبانيا وألمانيا بالسيادة المغربية) وسياسة المشي على الحبل المشدود في “كي دورسي” مع الجزائر تدفع القصر الملكي للبحث في مكان آخر غير باريس عن شركاء عسكريين أو اقتصاديين”، كما يمكن لنا أن نقرأ فيها.
وهكذا، أصبحت مثل هذه الدعوات التي يتزايد عددها أكثر من أي وقت مضى مثيرة للقلق بشكل متزايد، وتوضح أقوال ساركوزي ذلك من نواح كثيرة. فهل ستجد آذانا صاغية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى