فلسفة الفن (الجزء الثالث)
ترجمة أحمد رباص
هذه الدراسة أعدها جون هوسبرز (1918/2011) الذي كان أستاذاً فخرياً للفلسفة بجامعة جنوب كاليفورنيا، لوس أنجلوس، وله العديد من المؤلفات، منها «مقدمة في التحليل الفلسفي»، و«قراءات تمهيدية في الجماليات»، و«فهم الفنون» وغيرها الكثير.
“فلسفة الفن”، دراسة لطبيعة الفن، بما في ذلك مفاهيم، مثل التأويل والتمثيل والتعبير والشكل، ويرتبط هذا الموضوع ارتباطاً وثيقاً بعلم الجمال، والدراسة الفلسفية للجمال والذوق.
الدراسة:
الدراسة: (تتمة)
وسائل الفن
في سياق كل عمل فني هناك ثلاثة عناصر يجب مراعاتها:
1. نشأة العمل الفني.
2. القطعة الأثرية، أو العمل الفني، وهو موضوع أو شيء متاح للجمهور من صنع الفنان ويشاهده الجمهور.
3. آثار العمل الفني على الجمهور.
يشتمل العنصر الأول على جميع الحالات العقلية للفنان، الواعية وغير الواعية، اثناء إنشاء العمل، بما في ذلك مقصد الفنان في ما يتعلق بالعمل، وكذلك جميع العوامل التي أدت إلى هذه الحالات الذهنية – على سبيل المثال، روح العصر، الظروف الاجتماعية والاقتصادية للعصر، تبادل الأفكار مع فنانين آخرين، إلخ..
ومهما كانت العوامل التي ساعدت على تكوين العمل الفني في ذهن الفنان فإنها تندرج تحت هذا العنوان. إن التجارب التي يمر بها الفنان في إبداع العمل تشكل التجربة الفنية.
يتضمن العنصر الثالث جميع تأثيرات العمل الفني على أولئك الذين يختبرونه، بما في ذلك ردود الفعل الجمالية وغير الجمالية، وتأثير العمل الفني على الثقافة، وعلى حالة المعرفة، وعلى الأخلاق الحالية، وما شابه ذلك.
إن التجربة التي تنطوي على انتباه المشاهد او المستمع إلى العمل الفني من أجل ذاته وليس من أجل غاية خفية تسمى جمالية، ولكن بالطبع للفن تأثيرات كثيرة ليست جمالية. فالتجربة الجمالية تنتمي إلى مستهلك الفن، على عكس التجربة الفنية التي تنتمي إلى خالق الفن.
العنصر الثاني هو ما يسمى عادة بالعمل الفني نفسه. كما يقول بعض الكتاب كالفيلسوف الإيطالي بينيديتو كروس، العمل الفني موجود فقط في ذهن الفنان، ومن ثم تعتبر القطعة الأثرية المادية بمثابة تأثير للعمل الفني. ولكن في الاستخدام العادي، وكذلك في استخدام معظم فلاسفة الفن، يتم تعريف العمل الفني بالقطعة الأثرية المادية، كما هي موجودة في الوسط المادي. ما يدور في ذهن الخالق موجود بالفعل في العنصر الأول.
كل عمل فني يحدث في وسط ما؛ أي أن هناك بعض الأشياء المادية أو سلسلة من الأحداث التي يتم من خلالها إيصال العمل إلى المتلقي (المستمع، المشاهد، القارئ) عن طريق الحواس. في الرسم، الوسيط هو الطلاء؛ في النحت هو المواد مثل الحجر أو الخشب أو البلاستيك.
قد يُعتقد في البداية أن وسيلة الموسيقى تتكون من النوتة الموسيقية التي يكتب عليها الملحن النوتات، لكن النوتات المكتوبة ليست موسيقى؛ إنها مجموعة من الإشارات البصريةلإنتاج النغمات التي ستصدرها الأدوات المختلفة. إذا كان لدى كل فنان موسيقي ذاكرة مثالية، فلن تكون هناك حاجة إلى النتيجة المكتوبة.
في الواقع، كانت الموسيقى موجودة قبل فترة طويلة من وجود أي مقطوعات موسيقية مكتوبة، وتم تشغيلها أو غناوها من الذاكرة من عام إلى آخر أو من جيل إلى آخر. ويمكن القول بشكل أكثر منطقية أن وسط الموسيقى يتكون من موجات صوتية مادية تدخل من خلالها الأحاسيس الصوتية إلى جسم المستمع.
يمكن حقا القول بأن وسيلة الأدب هي الكلمات، ولكن ليست الكلمات ككيانات مجردة يتم تصورها في العقل، بل الكلمات المنطوقة (في العرض الشفهي) أو المكتوبة. فالوسيلة المادية للأدب إذن هي إما سمعية أو بصرية، على الرغم من أن ما يتم نقله عبر هذه الوسيلة ليس كذلك.
الرابط: https://www.britannica.com/topic/philosophy-of-art/Verbal-art