وجهة نظر

رد على محمد حفيظ: من يعاتب على صمته، الحاكم أم المحكوم؟

أحمد رباص

في مقاله الأخير المنشور بإحدى المواقع المغربية والمخصص لوائل الدحدوح، مراسل الجزيرة في قطاع غزة، ذكر مصطفى الفن أنه تحدث مطولا مع محمد حفيظ مساء يوم الثلاثاء الأخير في اتصال هاتفي.
عندما أثار كاتب المقال مع حفيظ “هذا الصمت غير المفهوم للمثقفين في مثل هذه الأحداث والقضايا الكبرى والفترات الصعبة التي تعبرها الأمم والشعوب”،
“ذكر حفيظ بالاسم مثقفا كبيرا مسموع الكلمة لدى صناع القرار ودوائره مثل عبد الله العروي” الذي لم يفهم متى سيتكلم إذا لم يتكلم الآن وفي هذه الزمن الحساس لكي نستفيد من رأي علمي وازن ورصين”.
واضاف حفيظ: “أنا أخشى أن يتكلم المثقف لكن في خواطر صباحية أخرى وبعد أن تمر 20 سنة أخرى عن هذه الأحداث الساخنة بمنطقة الشرق الأوسط”.
أولا، وقبل تسجيل ملاحظاتي على موقف حفيظ، أحيل من أراد الوقوف على موقفه من “استقالة المثقفين” أو “صمتهم” على مقال له منشور يوم 16 أكتوبر الماضي في موقع إخباري يوجد مقره بالعاصمة الاقتصادية.
أبدأ سجل ملاحظاتي بالهمس في أذن من كان نائبا لنبيلة منيب قبل انسحابها من الفدرالية، أن الصمت غني بالدلالات والمعاني، ولا يمكن بأي حال حصرها أو اختزالها في التواطؤ مع العدو أو في التركيز على التناقضات الثانوية وإهمال التناقض الرئيس، كما قال الأستاذ الجامعي.
وأقول في الملاحظة الثانية، يعد إرغام الصامت على الكلام استبدادا. فأنا، مثلا، أرتبط بعلاقة صداقة عبر الواتساب بوزير مغربي سابق في الثقافة لا تصدر عنه ولو نأمة بعد تقاسمي معه لرابط يتضمن أحد مقالاتي. هل من حقي أن أكيل له اللوم على لامبالاته تجاهي؟
ثالثة الملاحظات تتعلق “بالشؤون السياسية والاقتصادية والبيئية والتنموية التي يدلي بالرأي فيها الخبراء واهل الاختصاص، بارائهم وأرقامهم المحذرة والمنبهة والموجهة والمتنبئة بعواقب الأمور، ولا تجد لها صدى أو تجاوبا من الجانب الرسمي؟ بل إنها لا تحضرها ولا تبعث بمن يمثلها فيها. هذا، ناهيك عن الاعتصامات والاحتجاجات السليمة وعرائض الشكوى ومطالبات ذوي الرأي في الصحافة وغيرها. الا تتحفظ حكوماتنا العربية على المداخيل الوطنية الحقيقية والثروات وتوزيعها وتعتبر ذلك دوما قدس الاقداس و سر الأسرار وخطا أحمر لا يجوز الاقتراب منه سواء في زمن الديموقراطية أو زمن الاستبداد؟ ألا تمتنع حكومات الدول العربية عن الإجابة على الأسئلة التي يطرحها النواب والنشطاء السياسيون والإعلاميون واختصاصيو التعليم والصحة والإسكان التي تفيض بها أدراج المجالس النيابية فصلا بعد فصل ثم ينتهي اوانها ، ويجيئ الزمن الجديد بإشكالاته الجديدة وتحدياته المتعددة، ثم تخرج إلى العلن قوانين أخرى تعفي الماضي من المساءلات والحساب؟”*
وهكذا نخلص من هذا النص المقتطف إلى أن حفيظا مطالب بتوجيه عتابه عن الصمت إلى الحكام وليس إلى المحكومين.
أما عن دواعي الصمت، فحدث ولا حرج. وهنا، لا أفهم لماذا يريد حفيظ من الأستاذ عبد الله العروي أن يقول كلمته في ما يجري على أرض فلسطين حاليا، علما أن الأخير بلغ من العمر عتيا وهو الآن يعيش في آخر مراحل الضعف البشري الذي تفرضه البيولوجيا؟
وكيف غاب عن حفيظ أن عبد الله العروي مؤرخ لا تدخل الأحداث في عرفه وزملائه نطاق علم التاريخ إلا بعد مرور 20 سنة عليها. فكيف ينتقده بما تعارف عليه المؤرخون واعتبروه من مسلماتهم؟
وفي الأخير، أسأل الرفيق حفيظ: هل قمت بجولة شملت كل مثقفي المغرب واستنتجت منها أنهم لائذون بالصمت في هذا الظرف العصيب؟ أم أنك لا تعتبر مثقفا إلا إذا كان أستاذا جامعيا مثلك؟ وهل صمت عبد الله العروي يعني صمت الجميع؟
______
الهامش:
(*) https://www.alayam.com/Article/alayam-article/419997/Index.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى