وجهة نظر

ذكرى رحيل الشهيد عبد السلام المودن / محمد صلحيوي

إنها ذكرى رحيل الشهيد عبد السلام المودن،ومن صدف زمننا النضالي، أن يعقد المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد دورته الأولى لانتخاب المكتب السياسي في ذكرى رحيله.
غادرنا المودن وتنظيمه في أوج عطائه،وكانت لسان حاله، جريذة أنوال من بين أقوى الجرائد الوطنية، وينعقد المجلس الوطني في محطة مفصلية للحزب الاشتراكي الموحد.
بالتأكيد روح الشهيد عبد السلام المودن ستسود داخل القاعة،صورة وإرثاَ فكرياَ،ومنه،هذا التقديم لنظرية الديموقراطية:
<لايمكن تغيير المجتمع بدون فهم المجتمع ، ولايمكن فهم المجتمع بدون الانتقال بالفكر ، من دائرة الفكر السطحي الانطباعي الى دائرة الفكر النظري العملي . ان الفكر السطحي يبقى دائما فكرا سطحيا ، مهما حاول صاحبه استعمال ترسانة كاملة من المفاهيم الابستمولوجية الحديثة ، تماما كما ان المناضل السطحي هو مناضل سطحي ، مهما حاول الظهور بمظهر الثوري الراديكالي . ان الخط الفاصل بين الفكر السطحي ، الذي يبقى سجينا للشكل الظاهري كما يعكسه الدماغ البشري في صورته المباشرة ، وبين الفكر العلمي النظري الذي يتجاوز السطح نحو الصيرورة الجوهرية المتحركة ، يكمن في القدرة النظرية على تحديد الاشكالية السياسية المركزية ، المطروحة موضوعيا على المجتمع في ظرف معين وزمان معين بعبارة ، يجب الاجابة عن الاشكالية التالية : ماذا يريد المجتمع المغربي بالضبط ، في هذه المرحلة المحددة من تاريخه الراهن ؟ .
ان الشعوب الملتصقة بارض الواقع ، لانها لاتهوى طرح الاشكاليات المجردة ، فهي لذلك لا تستطيع ان تطرح على نفسها سوى الاشكالية التي تقدر على حلها . فماهي اذن اشكالية الشعب المغربي في الظرف الراهن ؟ النابعة من قعر واقعه المادي المعيش ، لا اشكالية هذا المثقف او اذاك ، النابعة من الاهواء والرغبات الذاتية ، المفصولة عن حركة المجتمع وعن حركة التاريخ ؟ هذه الاشكالية يمكن تركيزها في كلمة واحدة وموحدة هي : الديمقراطية . ان كلمة ديمقراطية تلخص كل البرنامج السياسي المطروح على القوى الديمقراطية المغربية الفعلية ، ولأنها الكلمة الوحيدة التي تستجيب لحاجة المجتمع المغربي ، في هذه اللحظة التاريخية من تطوره .لكن هناك البعض من المناضلين والمثقفين المغاربة ، من يشكك في معقولية ذلك الطرح ، وبالفعل فهم على جانب من الحقيقة ، ذلك انه اذا اقتصرنا على النظر الى سطح ، فإننا نجد بان النظام السياسي المغربي ، يمكن ان يكون قادرا على كل شيء .. ، سوى على التطور في اتجاه ديمقراطي فعلي .لكن الحقيقة ، وهذا هو خطأهم الأول ، لم تكن في أي يوم من الايام ، قابلة للاختزال في سطح الظواهر ، فلو كانت حقيقة الاشياء هي ظواهرها ، لما كانت البشرية في حاجة الى ابتكار العلم .اما خطأهم الثاني ، فيكمن في الاعتقاد بان القول بإمكانية تطور النظام في اتجاه الديمقراطية، يعني القول بان النظام سيتبرع بها كمنحة من تلقاء نفسه ، وبطبيعة الحال ، هذا يتناقض جذريا مع كل المنطق الذي عرفه التاريخ حتى الان . وقديما قال هيجل عن حق : لا شيء عظيم تحقق في التاريخ بدون الم ومعاناة .

ان تحقيق الديمقراطية في المغرب ، هو شيء عظيم ، ولذلك فهو يتطلب بالضرورة من الشعب ومناضليه ، كثيرا من الالم والمعاناة ، مع ذلك يمكن اختصار تلك الآلام والمعاناة ، ولكن فقط اذا كان هناك وعي تام بالهدف الديمقراطي اولا ، واذا توحدت كل القوى الديمقراطية حول ذلك الهدف العظيم ثانيا.

مرة اخرى : لماذا الديمقراطية ليست فحسب مسالة ممكنة ، بل وضرورية ايضا بالنسبة لمجتمع المغرب؟ هذا هو التحدي الذي يواجه هذه المقالة النظرية. وهذه هي المقالة النظرية التي تواجه هذا التحدي. في البدء كان الفعل, هكذا تكلم جوته على لسان فوست: أرنا إذن فعلك .

حقيقة المجتمع المدني المغربي .

ان المجتمع المدني المغربي ، هو كل مظاهر حياة المجموعة البشرية المغربية ، انه بالتالي هو الارض المغربية ، وهو الرجال المغاربة والنساء المغربيات ، وهو اسلوبهم في التنظيم الاجتماعي والعيش وهو نمطهم في الملكية والانتاج المادي وتوزيع الثروة. كما انه هو طريقتهم في انتاج الثقافة ونشرها واعادة انتاجها. ويمكننا ان نستمر ونستمر في ذكر خاصيات المجتمع المغربي دون ان نستنفذها ، لان تلك الخاصيات لا حصر لها . بكلمة : ان المجتمع المدني المغربي ، هو كل الحياة الظاهرة التي يمكن تلمسها بشكل محسوس ومشخص ، لدى الشعب المغربي ، ان المسالة ، على سبيل المثال المجرد ، تشبه قطعة السكر. فكما ان الذي يعدد هوية السكر ، هو لونه الابيض ، وطعمه الحلو ، وشكله المكعب … الخ. فكذلك ان الذي يحدد هوية المجتمع المدني المغربي ، هي كل خاصياته الظاهرة وصفاته الملموسة . لكن المجتمع المغربي ، ليس هو كل خاصياته الظاهرة فحسب، تماما كما ان قطعة السكر ، لا يمكن اختزال حقيقتها في خاصيتها الظاهرة فقط ، ان الوقوف عند حدود الخاصيات السطحية ، لا يمكن ان ينتج سوى معرفة سطحية ، ولذلك من اجل انتاج معرفة علمية ، لابد من تحقيق قفزة الانتقال من الظاهر الى الباطن .. من السطح الى العمق .. من الملموس الى المجرد .. من المباشر الى اللامباشر .. او بعبارة / كما يحلو لهيجل ان يقول: لابد من انشطار الواحد الى اثنين . لماذا وكيف اذن المجتمع المدني المغربي ، ليس هو الملموس فقط ، بل هو المجرد ايضا ، وليس هو الهوية وحدها ، بل والاختلاف كذلك ؟ لماذا السطح الظاهر الذي يبدو وكانه واحد ، انما هو في حقيقته منقسم على نفسه الى اثنين متناقضين ، ولكنهما موحدان في نفس الوقت ؟>.
تجيب قاعة المجلس الوطني بعد32 سنة:
<عقد الحزب الاشتراكي الموحد مؤتمره الوطني الخامس أيام 20-21 -22 أكتوبر 2023 بالمركب الدولي ببوزنيقة. تحت شعار” نضالنا اليساري من أجل الشعب والوطن والديمقراطية “. وهو الشعار الذي نحتناه انطلاقا من مرجعيتنا  اليسارية، وخطنا النضالي الشعبي، واختياراتنا  الفكرية والسياسية التي بلورتها أطروحتنا التوجيهية المصادق عليها داخل المؤتمر الوطني الخامس وبأغلبية ساحقة. وهي المؤطرة لمبادراتنا الحزبية ومواقفه في المرحلة القادمة.[……] وفي مقدمتها الأطروحة التوجيهية المعنونة “السيادة الشعبية” التي أطرت الرؤية المستقبلية للحزب من أجل بناء جبهة شعبية للنضال وازنة وضاغطة، منخرطة في الحراكات الاجتماعية وداعمة للشعب من أجل توفير شروط العيش الكريم وضمان ترجمة الإرادة الشعبية إلى سيادة شعبية لإحداث القطائع الضرورية ومباشرة الإصلاحات التي لم تعد قابلة للتأجيل لتحقيق الديمقراطية والمواطنة الكاملة وحماية السيادة الوطنية واستقلال القرارات والاختيارات>
تلك البذرة وهذه شجرتها تنمو… تنمو… وتنمو…
#محمد صلحيوي…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى