قراءة متأنية وفاحصة لنتائج اللجنة الوزارية المشتركة مع النقابات التعليمية الأربعة أحمد رباص
لدينا خمس نتائج هي بمثابة مخرجات للقاء الذي عقده يوم الخميس الأخير شكيب بنموسى على رأس لجنة حكومية مشتركة مع ممثلي أربع نقابات يقال إنها أكثر “تمثيلية” مع أنها تركت فراغا مهولا في الساحة التعليمية جاءت التنسيقيات لملئه ما أدى إلى سحب البساط من تحت أقدامها بعد أن شعر المعلمون أنها خذلتهم.
في النتيجة الأولى، التزم الطرفان بإصدار مذكرة وزارية تؤكد تجميد النظام الاساسي الجديد ، و ايقاف العمل بكل مواده و مقتضياته وعدم إصدار نصوصه التطبيقية الى حين انتهاء أجل جلسات الحوار المحددة في 15 يناير 2024 كحد أقصى.
في النتيجة الثانية، تم الاتفاق على عقد اجتماع يوم الأربعاء 6 دجنبر 2023 يخصص لدراسة كل المقترحات المتعلقة بتحسين دخل نساء و رجال التعليم ، على اساس ان تدخل حيز التنفيذ ابتداء من سنة 2024.
في النتيجة الثالثة، توافق الطرفان على الإبقاء على مباراة الولوج للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين في موعدها المحدد، بغية توفير الأعداد اللازمة من الأساتذة وأطر الدعم برسم الدخول المدرسي المقبل 2024/2025.
في الرابعة، اهتدى المتفاوضون إلى اعتماد العقوبات التأديبية المنصوص عليها في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.
سعيا إلى قراءة قانونية خالصة للنتيجة الاولى، نجد أن دستور 2011 في فصله السادس ينص على أن دستورية القواعد القانونية وتراتبيتها، ووجوب نشرها، تعتبرمبادئ ملزمة.
هكذا تخضع النصوص القانونية في ترتيبها وتدرجها لمبدأين أساسيين، أولهما مبدأ الهرمية أو التراتبية القانونية بحيث لا يمكن لنص أدنى أن يخالف نصا أعلى، وثانيهما مبدأ توازي القواعد القانونية، الذي يقتضيه منطقيا المبدأ الأول، والذي فحواه أنه لا يمكن تعديل أو نسخ أو إلغاء نص ما إلا بواسطة نص من نفس الدرجة أو أعلى منه، وبالتالي فالقول بإصدار مذكرة وزارية متنطعة لإيقاف العمل بمرسوم النظام الاساسي يعد تدخلا للقاعدة الدنيا في مجال القاعدة العليا مما يشكل اغتصابا للسلطة، ومخالفة للدستور.
في ما يخص النتيجة الثانية، جرت العادة أن تحسين الدخل يمر عبر ثلاثة مداخل وهي: مراجعة الضريبة على الدخل، الزيادة في الأجور تماشيا مع التضخم والتهاب أسعار المواد الأساسية والخدمات وغلاء المعيشة، والدرجة الجديدة و ذلك من أجل إنعاش القدرة الشرائية لنساء و رجال التعليم، كما أن دخوله حيز التنفيذ يجب ان يكون محددا ابتداء من فاتح يناير 2024.
بخصوص النتيجة الثالثة، قد نتعاطف مع شبابنا حملة الشواهد المتطلعين إلى ولوج “دائرة الطباشير القوقازية”. ومع ذلك، فهي تدعونا إلى أن نؤاخذ تناقضها بداية و مع النتيجة الأولى من نتائج اللقاء القاضية بإيقاف العمل بكل مواد ومقتضيات النظام الأساسي المشؤوم وعدم إصدار نصوصه التطبيقية.
بعد ذلك، هل يبقى هناك مسوغ قانوني لتنظيم هذه المباراة، و على اي نص قانوني تم تحديد 30 سنة كشرط لولوج المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين بعد النجاح في اجتياز المباراة. فإذا كانت إحدى مخرجات الجلسة الحوارية الأخيرة تنص على إيقاف العمل بكل مقتضيات ومواد النظام الاساسي الجديد، فعل أساس أي قاعدة دستورية وقانونية تم تسقيق السن ضمن شروط اجتياز هذا الامتحان؟ وإذا انتفى الجواب على هذا السؤال بالإيجاب، فذاك يعني القرار المتخذ على مستوى هذه النتيجة قرار انفرادي شاذ بالنسبة إلى الحكومة والقطاع الوصي سواء بسواء.
مما لا شك فيه أن النتيجة الرابعة نتيجة مشوشة إلى أبعد حد. فمادام أن الطرفين المتحاورين اتفقا على إيقاف العمل بمقتضيات “نظام المآسي” فلماذا التنصيص على أن العقوبات سوف يتم التعامل معها وفقا للنظام الأساسي السابق، على اعتبار أن إيقاف العمل بالنظام الأساسي المثير للجدل والغضب كليهما يقتضي ضرب جميع مقتضياته عرض الحائط والرجوع إلى النظام الأساسي لعام 2003 كبديل. وهل يجوز في نظر السيد الوزير تطبيق أحكام العقوبات الواردة في النظام القديم على الأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد؟ أم نعتبر هذا التغافل مؤشرا على قبول الوزارة إدماجهم في نظام الوظيفة العمومية؟ ظاهر أن النتيجة الرابعة تعكس مدى الارتجالية والتخبط القانونيين اللذين يسير بهما قطاع حيوي ودينامي كقطاع التعليم، كما يوحي في نفس الوقت بالأمية القانونية التي تعتور العمل النقابي في بلادنا.
هنا، يحق لي التذكير بأنه يفترض في النقابة أن تستعين بخبراء في جميع الميادين وتهيئ دراسات ملمة بمختلف جوانب المجالات التي يشتغل فيها منخرطوها وتتقدم بملفات جاهزة كلما تم استدعاؤها للحوار من قبل الحكومة أو الباطرونا.
أخيرا، بالوقوف عند النقطة الخامسة، تسترعي انتباهنا عبارة “النقابات التعليمية” التي غيبت عنها نقابة الإفنو التي حظيت بثقة ناخبي هذا القطاع وحازت صفة التمثيلية المعبر عنها في انتخابات ممثلي الموظفين في اللجان الإدارية متساوية الأعضاء. وعلى ذكر هذه اللجان، لماذا يتم تقليص أعضائها مقارنة بالقطاعات الأخرى؟